«الوطني»: انخفاض أسعار النفط رغم ارتفاع المخاطر الجيوسياسية



تنامي توتر الأسواق بفعل التأثير السلبي لتدهور العلاقة الأميركية والصينية
لفت بنك الكويت الوطني، إلى أن أسعار النفط سجلت أول تراجع شهري لها في 2019 في شهر مايو، بحيث تراجع خاما برنت ومتوسط غرب تكساس، بنسبة 11 في المئة على الأقل على أساس شهري إلى 64.5 و53.5 دولار للبرميل على التوالي مع نهاية الشهر، لافتاً إلى أن أداء الأسعار هو الأسوأ لهذا الشهر في 7 سنوات.
وذكر البنك في تقريره الاقتصادي، أن النفط، إلى جانب الأسواق المالية العالمية بشكل أشمل، شهد تراجعات بسبب تنامي توتر الأسواق حيال التأثير السلبي لتدهور العلاقة التجارية الأميركية - الصينية على النمو الاقتصادي العالمي.
وكشف التقرير عن معاناة أسعار النفط في 23 مايو من أكبر تراجع لها في يوم واحد لهذه السنة، بحيث تراجعت بنسبة 4.5 في المئة، بسبب المخاوف التجارية، وارتفاع المخزونات الأميركية، ما أدّى إلى تراجع الطلب.
وأفاد أنه بعد اقتراب مايو من نهايته، تراجعت الأسعار بسبب الإعلان المفاجئ للرئيس الأميركي ترامب، عن نيته فرض رسم جمركي نسبته 5 في المئة على الواردات المكسيكية إلى الولايات المتحدة بدءاً من 10 يونيو (والتي تراجع عنها لاحقا)، من أجل زيادة الضغط على الحكومة المكسيكية لوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى أميركا، منوهاً بازدياد المخاوف بعد خفض الوكالة الدولية للطاقة توقعها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2019 بعد المراجعة ولو بشكل طفيف.
وأظهر التقرير انخفاض أسعار النفط في مايو بالرغم من ارتفاع المخاطر الجيوسياسية، بحيث أدى إنهاء أميركا في 2 مايو الإعفاء الممنوح لبعض أكبر مستوردي الخام الإيراني، إلى زيادة القيود على الإمدادات العالمية، ليضاف ذلك إلى اتفاق خفض الإنتاج في دول «أوبك» مع شركائها، مع استمرار انخفاض الإمداد من بعض منتجي النفط مثل فنزويلا، التي تعاني من وضع اجتماعي واقتصادي صعب، إضافة إلى خضوعها لعقوبات، وليبيا التي تشهد نزاعاً مدنياً وعسكرياً، وكندا مع الحد من الإنتاج، وروسيا التي شهدت تلوث الأنابيب.
وأوضح أنه بجانب ذلك، ارتفع أيضا احتمال حصول تأثير إيجابي على أسعار النفط، بعد تنامي التوترات الإقليمية عقب التخريب الذي استهدف ناقلات نفط، مقابل ساحل الفجيرة في الإمارات العربية المتحدة، وهجوم طائرة من دون طيار على المنشآت النفطية السعودية.
وتابع أنه من جهتها، حققت «أوبك» مع شركائها، شهراً جديداً من الالتزام بأكثر مما هو مطلوب في أبريل، بحيث خفضت إنتاج الخام تدريجياً للتخلص من الفائض في الإمداد في السوق.
وأفاد التقرير أن مجموع الإنتاج بلغ 43.7 مليون برميل يومياً، في حين وصل الالتزام الإجمالي إلى 150 في المئة.
وبيّن أنه بالفعل، كان أبريل أول شهر في 16 شهراً تلتزم فيه دول «أوبك» وشركاؤها من الدول غير الأعضاء في المنظمة بالكامل باتفاق خفض الإنتاج.
وكشف التقرير أن التزام الدول غير الأعضاء في «أوبك» بلغ 150 في المئة، إذ يرجع ذلك بشكل رئيس إلى خفض الإنتاج في كازاخستان بسبب صيانة الحقول النفطية، بينما بلغ معدل التزام روسيا 80 في المئة بأبريل، منوهاً بأن ما ساعد في ذلك جزئيا هو تلوث خط أنابيب دروجبا الروسي.
من جهة أخرى، أضاف التقرير أن السعودية تواصل لعب الدور المحوري في خفض الإنتاج، بحيث خفضت إنتاجها إلى 9.74 مليون برميل يومياً في أبريل، أي أقل بمقدار 569 ألف برميل من حصتها الرسمية (التزام بنسبة 277 في المئة)، فيما سجلت، الكويت والإمارات العربية المتحدة، معدلات التزام بنسبة 132 و112 في المئة على التوالي، في حين لم تلتزم العراق ( 16 في المئة) ونيجيريا (153- في المئة) بالاتفاق بعد بالكامل.
وتابع أنه بحسب الوكالة الدولية للطاقة، تراجعت مخزونات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، من الخام التجاري ومنتجات البترول، وهي مقياس للمخزونات النفطية، للشهر الثاني على التوالي في مارس بمقدار 25.8 مليون برميل لتصل إلى 2.849 مليار برميل، أي أكثر بكثير من معدل تراجع السنوات الخمس المعتاد لتلك الفترة من السنة والبالغ 4 ملايين برميل.
وبيّن التقرير أن المخزونات العالمية تكفي حالياً لمدة 59.8 يوم من الطلب المستقبلي، وهو المستوى الأدنى منذ يوليو 2018.
وذكر التقرير أنه بحسب توقعات الوكالة الدولية للطاقة الخاصة بالطلب، ونمو إنتاج الدول من خارج «أوبك» في 2019، والتوقعات بشأن إنتاج «أوبك» من النفط الخام، فمن المرجح أن يشهد السوق انخفاضاً في المخزون النفطي بمعدل 0.63 مليون برميل يومياً، في الربعين الثاني والثالث من السنة، بسبب عدم قدرة الإنتاج على تلبية الطلب.
وكشف أنه في الربع الأخير من 2019، سيتجاوز العرض الطلب بشكل طفيف، ليؤدي إلى زيادة المخزون قليلاً بمقدار 0.14 مليون برميل يومياً، منوهاً بأن هذا السيناريو ينطوي على عدد من الافتراضات، ومنها أن «أوبك» والشركاء سيستمرون باتفاق خفض الإنتاج (مع بلوغ الإنتاج مستويات أبريل تقريباً) خلال الجزء الثاني من السنة، وعدم حصول زيادة مفاجئة في نمو إمداد الدول من خارج «أوبك» بدفع من النفط الصخري الأميركي، وبقاء نمو الطلب النفطي جيداً.
واعتبر أن تدهور التجارة العالمية، بسبب نزاع الرسوم الجمركية التجارية الأميركية – الصينية، حالياً، يشكل الخطر الأكبر على الاقتصاد العالمي، مع احتمال انقلاب التوقع الحالي لنمو الطلب بشكل كبير وانخفاض أسعار النفط.