د. حسن عبدالله عباس / حكومة 5

تصغير
تكبير
أن تنهار حكومات أربع في غضون أعوام ثلاثة ليس بالأمر الطبيعي حتى مع التذرع بالديموقراطية كنظام للحكم. سرعة تبدل الحكومات الكويتية تعني شيئين: أولهما أن الديموقراطية الكويتية راسخة والحل غير الدستوري لمعالجة الأزمة المزمنة بين المجلسين لم يعد له مكان في العقل الكويتي، ولكنه ومن زاوية أخرى يعني أن النظام الكويتي السياسي فاشل في إيجاد حل توافقي بين البرلمان والحكومة بعد مرور أكثر من عقود أربعة على الممارسة الدستورية.
أغرب ما تسمعه هذه الأيام ومن أُناس يُفترض فيهم الحنكة والدهاء السياسي وعلى درجة عالية من الخبرة، كالنائب محمد الصقر، أن تسمع منهم، دعوة سمو رئيس الوزراء اختيار وزراء يمثلون الغالبية «المريحة» في البرلمان! كلام شديد الغرابة ولا موضع له من التصديق، فكيف يمكن الحصول على غالبية برلمانية مريحة؟ أقصد لم نتوقع أن يختار سمو رئيس الوزراء اليوم غالبية مريحة، في الوقت الذي عجزت الحكومات السابقة كلها عن إيجاد هذا الحلم؟ فلا أدري أين هي الغالبية وكيف يمكن تشكيلها؟
أليست الدعوة إلى تشكيل حكومة ذات غالبية برلمانية تعني ضمناً اتباع أسلوب المحاصصة ومنهج الترضيات المتعارف عليه تقليدياً في الكويت؟ هذا الأسلوب فشل مرات ومرات، حتى باتت الحكومة التي تجتاز مدتها الدستورية واحدة من أحلام الكويتيين! المشكلة ليست في اختيار الوزراء بقدر ما هي في تشكيل النواب. النواب هم سبب بلاء الحكومة، لأنهم لا يحملون نكهة ولا رائحة مميزة، فالتكتلات تتشكل من أرقام معدودة على الأصابع لا تمثل قوة معتبرة، باستثناء الإسلاميين الذين هم في داخلهم يعانون التفرق والتشرذم، ما يجعلهم قاصرين عن تبني برنامج عمل سياسي منظم، فكيف إذاً نعتقد بأن ذلك سينعكس إيجاباً على التشكيل الحكومي؟

لا يوجد حل مع هذا النظام السياسي سوى استجداء عطف مهنية وزراء تكنوقراط من أصحاب الكفاءات ممن يفتقرون لأي امتداد سياسي يعرقل مسيرة عملهم كوزراء. التكنوقراط يوفرون على الحكومة كلفة العداء السياسي من المعارضة طالما أنهم مبرأون من أي تحالفات استراتيجية مع أي قوة سياسية قد تحمل تجاهها القوى السياسية الأخرى العداء والمناكفة، وأيضاً هذا خيار يوفر للحكومة أناساً خرجوا من رحم تخصص الوزارة ممن عاشوا وخبروا همومها ومشاغلها، ما يجعلهم أقدر على تلمس المصاعب، ومن ثم وضع الحلول الناجحة.
بغير ذلك ستسقط الحكومة سقوطاً مدوياً مرة أخرى، كما حصل في المرات الأربع الماضية، وإلا فمجرد الآمال والأمنيات والأحلام بمرور قافلة مجلس الوزراء لمدتها الدستورية ستظل أمنية وحلماً يشغل فكر الكويتيين وقصة تصلح لتضاف إلى كليلة ودمنة!
د. حسن عبدالله عباس
كاتب كويتي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي