الصندوق الأسود / «اشتغلتُ في خياطة الأعلام وتصميم الأرتيزانا»
ليليان نمري لـ «الراي»: حزينة جداً... أخاف على آخرتي



- عندما أرتبط بعمل يذهب غالبية مردوده لدفع الديون... وأكمل حياتي بالباقي
- أتمنى أن أكون موظفة براتب شهري
- خلال فترة المراهقة كان الزواج بعيداً عن أحلامي
- غالبية ثيابي خيّطتها بنفسي وكذلك ستائر البيت
كلمتان تثيران الفضول والفزع في وقت معاً!
الفضول إلى اكتشاف مجهولٍ مفعمٍ بالغرابة والتوتر يقبع هناك، في جوف طائرة منكوبة، أو سفينة غارقة، والفزع الذي يصاحب التنقيب عن أسرارٍ غامضة ومعتمة تقف وراء المشهد، وتتوارى في الجانب المظلم من الصورة!
الإنسان أيضاً يملك «صندوقاً أسود»، يرافقه طوال الوقت، يسجل عليه حركاته وسكناته، ويحتفظ بآلامه وآماله، ويختزن ما يحب وما يكره، ويخبئ أفراحه وإحباطاته، والأهم من كل ذلك أنه يفيض بملايين الأسرار التي قد يحرص الإنسان أن يخفيها عن الآخرين، حتى الأصدقاء والأحبة!
«الراي»، التي تدرك جيداً أن معظم البشر يرفضون فتح «صناديقهم السوداء»، مهما كانت المغريات، قررت المغامرة - في هذه الزاوية - بأن تفتش في أعماق كوكبة من الفنانين والإعلاميين، وتطل على الجانب الأكثر غموضاً في حياتهم، والذي يمثل لهم «مجهولاً» طالما هربوا منه... لكن «الراي» تجبرهم الآن على مواجهته! واليوم، فتحت «الصندوق الأسود» الخاص بالممثلة اللبنانية ليليان نمري.
• هل بدأتِ حياتك المهنية كممثلة؟
- عشتُ ظروف الحرب الأهلية، وبسببها لم أكمل تحصيلي العلمي واكتفيتُ بالبكالوريا. أمضينا عمرنا في الملاجئ وكنت أتمنى أن أكون طبيبة أطفال، ولكن الظروف لم تسمح بذلك، ولذلك عدتُ إلى مهنتي الأساسية كممثلة. فأنا دخلتُ المجال في عمر ست سنوات من خلال المسرح، ثم انتقلت إلى التلفزيون بعمر ثماني سنوات من خلال برنامج «أبو ملحم»، وبعدها ابتعدتُ عن التمثيل بسبب الدراسة وعدتُ مجدداً من خلال مسلسل «المعلّمة والأستاذ» وأكملتُ في المجال.
• هل أنتِ نادمة لأنك اخترتِ الفنّ، وهل تشعرين بالحسرة لأنك لم تصبحي طبيبة أطفال؟
- طبعاً أنا نادمة، حتى إنني كنتُ أتمنى أن أكون موظفة براتب شهري. مهنتنا حرة ويمكن أن أبقى أحياناً 3 سنوات من دون عمل، وعندما أرتبط بعمل يذهب غالبية مردوده لدفع الديون، وأكمل حياتي بالباقي. ولكن هذا الوضع لا ينطبق على كل الممثلين، بل هناك مَن ورثوا المال عن أهلهم وهناك مَن يعملون في مهنة ثانية.
• وماذا تفعلين خلال السنوات الـ3 التي تبتعدين فيها؟
- كنتُ أتحدث عن غيابي الدرامي عن التلفزيون، وخلال هذه الفترة كنتُ أرتبط بفيلم سينمائي أو إعلان. ولكن في حال لم أتلقّ عرضَ عملٍ، كنتُ أعمل في خياطة الأعلام، من أجل تأمين ثمن أدوية والدتي، كما كنتُ ماهرة في تصميم الأرتيزانا التي تشارك في المعارض، ولكن من دون أن أعلن عن اسمي.
• وهل ما زلتِ مستمرة في هذه الأعمال عندما لا تكونين مرتبطة بعمل فني؟
- كلا، لأنني أعاني من «ديسك» نتيجة عملي فيها.
• وكيف تنفقين على نفسك عندما تكونين بلا عمل؟
- يمكن أن أستدين المال كي أسدد إيجار بيتي ومصاريف حاجاتي ومستلزماني اليومية، ومن ثم أعيده عندما يتوافر المال بين يدي. أحياناً أستدين بعض المال من إخوتي الذين يساعدونني قدر استطاعتهم لأن أوضاعهم متواضعة.
• ألم تفكري بتأسيس عمل ثان لك؟
- كنت أتمنى، ولكنني لا أملك رأسمالاً لذلك، لأن المال الذي أتقاضاه من وراء عمل فني معين أدفع قسماً كبيراً منه لسداد ديْني. لو كنتُ أعمل في وظيفة، كنتُ تقاضيتُ تعويضاً وأمّنتُ آخرتي. أنا أخاف على آخرتي كثيراً.
• لماذا فضّلتِ العزوبية؟
- خلال فترة المراهقة كان الزواج بعيداً عن أحلامي، لأنني كنتُ مشغولة بالتفكير بالعمل في المسرح. وفي مرحلة لاحقة دَهَمَ المرض أهلي ولم أستطع التخلي عنهم. وعندما توفيتْ والدتي، كنت قد وصلتُ إلى سن معينة وكان الزواج يتطلب مني تفكيراً كبيراً، لأن غالبية مَن يتقدمون للزواج من فنانات يظنون أنهن مليونيرات من ناحية، ومن ناحية أخرى لم أعش الحب الحقيقي. فأنا نشأتُ في بيئة فيها الكثير من الخوف، كوني أختاً وحيدة بين أربعة شبان، عدا عن أن والدتي كانت تخيفني كثيراً من الرجال، ولذلك كنتُ أدير وجهي عندما ينظر إليّ شاب، ولم أخرج يوماً مع رجل لوحدنا. في مطلع شبابي، دخل بيتنا شبان بهدف الزواج، ولكنني كنت أتعامل معهم كأصدقاء، وعندما كان يخبرني أخي أن فلاناً يريد الزواج منك كنت أقول له «شو يعني». المخاوف من الطلاق وزواج الشهرة، والمشاكل التي كنتُ أسمع عنها حول زيجات المشاهير، وضعتْ حاجزاً بيني وبين الزواج لم أتمكن من تَجاوُزه.
• هل أنتِ حزينة لأنك لم تتزوجي ولم تصبحي أماً؟
- أنا حزينة جداً، وأفكر بآخِرتي كثيراً. كنتُ إلى جانب والدي ووالدتي بآخِرتهما، ولكنني أفكر مَن سيحملني في آخِرتي.
• هل تملكين مهارات إلى جانب الفن؟
- أجيد الخياطة، تصليح الأعطال التي تحصل في الكهرباء، وفي الأثاث. غالبية ثيابي خيّطتها بنفسي وكذلك ستائر البيت. كما إنني طبّاخة ماهرة، وخصوصاً أنني دخلت المطبخ بعمر تسع سنوات. أيضاً أحب الكتابة، ولديّ مجموعة نصوص، عرضتُ بعضها على شركات إنتاج لكنها رفضتْها، فشعرتُ بأن هناك مَن يريد إغلاق الأبواب في وجهي. وقريباً سأُجْري تعديلاً على أحد السيناريوات وسأعرضه على إحدى الشركات، وهو لعملٍ اجتماعي - كوميدي.
• هل تحبين الأكل؟
- ليس كثيراً. قبل أن أخضع لعملية طي المعدة كنت أحب الأكل الطيب، ولكنني لستُ شرِهة. سمنتي مردّها إلى مشكلة في الغدد، وإصابتي بنزلة صدرية أجبرتْني على تناول «الكورتيزون».
• أكثر شيء يزعجك؟
- الكذب، وعدم معاملة الآخرين لي بمثل معاملتي لهم. توجد لديّ صداقات في الوسط ولكن أُبْقي مسافاتٍ مع الآخَر.