بحثت عن تعريف لمفهوم الصحوة الاسلامية، فوجدت عشرات التعريفات أذكر منها تعريف موقع «ويكييبديا» الشهير، فقد ذكر بأن مصطلح الصحوة الإسلامية هو مصطلح يشير إلى إحياء دين الإسلام من جديد، وأشهر صحوة في التاريخ الحديث بدأت تقريباً في عام 1970، وتتجلى في التقوى الدينية واعتماد الثقافة الإسلامية كاللباس، والمصطلحات والفصل بين الجنسين، والتعبير والرقابة على وسائل الإعلام، والالتزام بالقيم والأخلاق من منظور الدين الإسلامي، كثيراً ما ترتبط الصحوة مع الحركة الإسلامية السياسية تحديداً، من دون الكثير من المجالات، والتيار الاسلامي وغيرها من أشكال إعادة الأسلمة، في حين تمت صحوة أخرى اعتمدت العنف والتسلح منهجاً لها رافقه بعض التطرف الديني والهجوم على المدنيين والأهداف العسكرية من قبل الإسلاميين! يشار لبعث الصحوة الإسلامية إلى جمال الدين الافغاني، الذي يعتبر في القرن التاسع عشر واحداً من المصلحين المسلمين الأكثر تأثيراً، والذي زار الكثير من البلدان الإسلامية وساعده في بعث الصحوة الاسلامية تلميذه ورفيقه محمد عبده، الذي وصف بالشخصية الأكثر تأثيراً في بدايات الحركة السلفية! وكان من أهم الأحداث المساعدة للصحوة الاسلامية، أزمة الطاقة في سبعينات القرن الماضي، التي أدت إلى تشكيل منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، الذي قام به الملك فيصل بن عبدالعزيز، والحدث الثاني هو عودة الخميني إلى إيران عام 79 وتأسيسه للدولة الاسلامية ذات الاصول الشيعية، والحدث الثالث هو حادثة الحرم المكي المعروفة بحادثة جهيمان!
نشر «موقع بركة» على الإنترنت لقاء مع الشيخ عائض القرني - الداعية المعروف - وسأله إن كان يعتذر للمجتمع السعودي - باسم الصحوة عن أخطاء الصحوة السابقة، فأجاب الشيخ باعتذاره عن تلك الأخطاء التي وقعت فيها الصحوة الاسلامية - خلال الفترة الماضية. بحسب ذلك التعريف الواسع لمفهوم الصحوة الإسلامية، فاني لا أوافق الشيخ عائض على اعتذاره عن الأخطاء التي وقعت فيها الصحوة الاسلامية، فقد كان الواجب تحديد ماهية الأخطاء المقصودة وهل تتحمل الصحوة جميع تلك الأخطاء؟! بحسب التعريف الذي ذكرناه عن مصطلح الصحوة الاسلامية منذ سبعينات القرن الماضي، فان الصحوة قد كانت خيراً على العالم الإسلامي، لا سيما بعد الهزائم والنكسات التي اجتاحت العالم الإسلامي قبلها، والقيادات التي سعت إلى تحويل البلدان الإسلامية الى الشيوعية والقومية والاشتراكية والبعثية، وقادت إلى سلسلة من الهزائم المدوية والسقوط في أحضان التبعية الغربية والشرقية واستعباد الشعوب، ويكفي الشعوب المسلمة فخراً أن قادتهم الصحوة إلى الرجوع الى دينهم وتمسكهم بمبادئه وإلى إحياء روح الوطنية والتمسك بتراث الآباء الصحيح، وقادتهم إلى إحياء روح التحرر والعزة، والانتفاض على قوى الاستعمار والاستعباد، وتسببت في إسقاط أعظم دولة استعمارية حكمت العالم وهي الاتحاد السوفياتي، التي قامت على الظلم والطغيان والإلحاد، وطردتها من أفغانستان وغيرها من البلاد الإسلامية! اما الصحوة التي اعتمدت على العنف والتسلح منهجاً رافقه التطرف الديني، فقد غذتها جهات مشبوهة، بهدف طمس الصحوة الإسلامية، وانتجت تنظيمات مشبوهة شوهت صورة الدين الإسلامي الحنيف، وساهمت في صد الناس عن الدخول فيه مثل تنظيم جيهمان والقاعدة وداعش وغيرها، من التي لا يمكننا أن ننسبها لأي تيار من الصحوة الاسلامية! إن الحديث يطول في وصف تلك المرحلة التاريخية وأثرها على واقعنا الديني والسياسي، لكن يجب ألا يأخذنا الحماس لنقد بركات الصحوة الإسلامية على بلادنا، والسعي لتصحيح الأخطاء التي صدرت من بعض أفراد الصحوة الإسلامية، فالحق ماض إلى قيام الساعة.