رواق

لا فاقدين ولا مفقودين...

تصغير
تكبير

هذا أول مقال لي في رمضان، أتذكر فيه رمضان الفائت، وكأنه أمس، كل شيء فيه يتكرر، لم يتغير أي شيء، رغم تغير كل شيء، لأن التغيير في الخارج لم ينتقل الى الداخل، داخلنا نحن، لأننا لا نمتلك القدرة على التغيير، ولا الرغبة حتى، لأننا أدمنا الانتقاد، فإن أصلحنا فماذا ننتقد؟
نحن شعب اعتاد قول «الله لا يغير علينا» رغم يقيننا: «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» وماذا سيتغير؟ رمضان نفسه، نختصر فيه شهور السنة الأحد عشر وكأنه سنة، فنأكل أكل سنة في شهر، ونلبس لبس سنة في شهر، واذا تحركنا فمشينا أو عملنا فيه رجيم نتوقع ان ننحف نحف سنة في شهر!
هو ليس شهر إذاً، هو كرن?ال استعراضي في كل شيء، حتى في الصوم، وهو فرص، نستعرض من خلالها الطاعة من خلال ترديد «اللهم أني صائم»، بمناسبة وغير مناسبة، وعادة للتهديد والتلويح باتخاذ ما لا تحمد عقباه لو لم نكن صائمين!


ووفقا للتوقيت الرمضاني تتغير الأزمنة وتتشابه الأمكنة، مثل ساعات الصوم، وساعات العمل، وساعات النوم، والعبادة، ونوم الظالم عبادة، في رمضان وغيره!
يصبح الليل صباحاً ويمسي المساء نهاراً ونقلب كل المفاهيم فنأكل في الإفطار، ما يدمر مفهوم الصوم بالإحساس بمعاناة الجوعى، أما معاناة الفقراء فنبرر لأنفسنا بعص المشاعر المتفرقة بإطعامهم والاستعراض في هذا الإطعام بتصويرهم، ونشر صورهم في حساباتنا لإرضاء المتابعين الذين هم في الأصل يتابعون لينتقدون!
وعوضاً عن صوم الكلام نصوم عن العمل، وتتعطل مصالح البلاد والعباد، وكأن المسؤول عن المعاملة صائم وصاحب المعاملة فاطر!
يتكرر رمضان، وتتكرر مسلسلاته، وتتكرر متابعتنا لها ثم تذمرنا منها، لأننا إن لم ننتقد نموت، بغض النظر عن استحقاق ما ننتقده للنقد من عدم استحقاقه، حتى المقالات التي تكتب عن رمضان وفي رمضان تتكرر، مثل هذا المقال!
التكرار ممل إلا مع من نحب لذلك نكرر دعاءنا لهم في كل رمضان: لا فاقدين ولا مفقودين من غير شر.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي