ضربَ رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلاً لسفينة المجتمع، فقال: «مثل القائم في حدود الله، والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة - أي تقاسموا أماكنهم فيها عن طريق القرعة - فصار بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على مَن فوقهم، فقالوا لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ مَن فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا». (رواه البخاري).
لا شك أن هذا المثل الذي ضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يمثل واقع مجتمعاتنا في البلدان الإسلامية حيث يتشارك الناس في أشياء كثيرة، وتجد الكثيرين ممن يصر على إجبار الآخرين على الخضوع لما يريده ويرفض تدخلهم في حياته الشخصية، بحجة أنها حريته الخاصة، ويتهم غيره بالتعصب والتطرف إن هو أنكر عليه ما يقوم به، ورفض سلوكه الذي يقود إلى تدمير المجتمع.
وفي الحقيقة إن هذه الفئة الرافضة تعلم أن رفضها للمصلحين، ما هو إلا كمين يخرق خرقاً في السفينة وأن النتيجة هي إغراق المجتمع بأكمله!
فالذي يطالب بالسماح ببيع الخمور في البلد يدرك أن انتشار الخمور سيمس كل من يعيشون في هذا البلد، حيث يعني إدمان شريحة واسعة للخمور، وفساد أخلاق الشباب وانتشار الفساد والجريمة!
في ثلاثينات القرن الماضي قررت الولايات المتحدة الأميركية منع الخمور ومعاقبة من يتعطاها أو يتاجر فيها، فماذا حدث؟! لقد حارب الشعب الأميركي ذلك وقادوا ما يشبه الثورة ضد الحكومة، وتفننت عصابات المافيا في ترويج الخمور المغشوشة وبيعها! واضطرت الحكومة الأميركية إلى التراجع عن قرارها والسماح بتصنيع وبيع الخمور!
لذلك نجد أن الإسلام قد تدرج في تحريم الخمر ومهد الطريق لذلك، وأقنع الناس بأضرارها، حتى اذا تهيأت نفوس الناس لتقبل المنع، نزل قوله تعالى: «إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون».
ولعل المعتقدات المنحرفة إذا انتشرت في المجتمع، ولقت من يشجعها ويرعاها أخطر تأثيراً من الخمور والمخدرات، فهل يقول عاقل إن هذه حرية شخصية يجب عدم اعتراضها أو الاحتجاج عليها؟!
فرصة العمر!
غداً بإذن الله يطل علينا شهر فضيل، تفتح فيه أبواب الجنان وتصفد فيه الشياطين وتفتح أبواب التوبة على مصاريعها، وكل ما علينا هو المسارعة إلى عمل الخيرات والتوبة إلى الله وسؤاله سبحانه، أن يغير ما بأنفسنا وأن يوفقنا إلى ما فيه الخير والرفعة لبلادنا وشعبنا!