إضاءات
التلقين والابتكار... في منظومة التعليم
ما حال المنظومة التعليمية لدينا في الكويت؟ هل هي مفككة، كما يراها البعض، أم أنها تسير في تطورها المنشود، كما يرى البعض الآخر، أم أنها بين هذا وذاك؟
سؤال لا يفارق ذهني طوال الوقت، في عملي وبين أولادي ومع أصدقائي، إلا أنني في قرارة نفسي وقناعاتي الشخصية أرى أن المنظومة التعليمية في الكويت، تحتاج إلى مجهودات مضاعفة من قبل وزارتي التربية والتعليم العالي، وهو المجهود الذي يجب أن يضع في حساباته المستقبل، الذي ينتظر الأجيال الجديدة، ومحاولة صناعة عقول واعدة تتمكن من أن تؤدي دورها في المقبل من الأيام.
قد يبدو أن ما قلته في بداية المقال غارقاً في المثالية، وليس من الممكن تطبيقه على الواقع، الذي يختلف تماماً عن الأحلام التي نتطلع إلى تحقيقها، ومع ذلك فإنني أرى أنه لا فرق بين الواقع والأحلام، طالما أننا نريد التغيير إلى الأفضل، وعدم الخضوع إلى اليأس والاستسلام لما هو موجود بالفعل.
فحينما نتحدث عن منظومة التعليم في أي بلد كان، لا يكون الحديث في المطلق عن الواقع، ولكن يجب أن يتخلل ذلك - بقدر كبير - الحديث عن الأحلام، لأننا لا نبني وننمي ونربي من أجل يوم قريب، ولا نجتهد من أجل الآني، فنحن نعمل على أساس مستقبلي سواء كان قريباً أو بعيداً، وهذا الأمر بحاجة إلى تكريس للهمم والأفكار والدراسات، كي نخرج بنتائج مبهرة.
والبداية يجب أن تكون من خلال المناهج التعليمية التي - وحتى إن لحقها التطوير - إلا أنها تعاني من الترهل، ولا ترقى إلى المستوى المطلوب، الذي من خلاله يمكننا أن ننمي القدرات لدى أبنائنا الطلاب والطالبات، فهي مناهج أرى من خلال متابعتي لها، فقيرة في الابتكار والتجديد، وتدور في حلقة التلقين، ولا تخضع إلى المستويات التي نرجوها، فهي لا تطرح رؤى مغايرة عما هو سائد في النظام التقليدي، ولا تحرّض الذهن على التفكير العلمي، ولا تدفع المستهدفين من الطلاب والطالبات إلى الابتكار والسعي إلى إيجاد حلول للمحتوى الفكري، سواء كان في أشكاله التقليدية أم الحديثة من خلال الإنترنت ومختلف وسائل التكنولوجيا المتاحة.
إن تدني المستوى التعليمي في الكويت، لا يقره فقط الإحصاءات ولا الدراسات التي قد تأتينا من الخارج، فما يقره ويؤكد عليه مخرجات هذا التعليم، وما نلمسه كأولياء أمور من مستوى أبنائنا، ولا ننكر أن هناك كفاءات وتميزاً للكثير من أبنائنا، ولكننا نريد لهذا الكثير أن يصبح بشكل كلي، أو حتى قريب من الكلي، كي نضمن مستقبلاً نفتخر به، ويحقق للكويت وجودها المأمول.
* كاتب وأكاديمي كويتي