رأي اقتصادي

إخفاء خسائر الشركات ومسؤولية المساهمين

No Image
تصغير
تكبير

الخسائر المُرحلة للشركات وبالذات المدرجة منها أكثر ما يثير قلق مساهمي الشركات والمتعاملين معها، وغياب الشفافية لدى بعضها في الإفصاح عن حقيقة الخسائر المُرحلة بشكل شفاف أصبح نهجا متبعا لديها.
فما زلنا نرى شركات تتداول أسهمها في بورصة الكويت وقد تجاوزت خسائرها أكثر من 130 في المئة من رأس المال ما يمهد لأزمة قابلة للانفجار في أي لحظة.
وبحسب ما جرى العمل عليه في البورصة فإنه يتم وقف أسهم الشركة التي تصل خسائرها المُرحلة إلى 75 في المئة وأكثر من رأس المال، ويحال الموضوع إلى هيئة أسواق المال إذا استمر إيقاف الشركة أكثر من 6 أشهر للنظر في إلغاء إدراج أسهمها من السوق، حيث تنص المادة (9-8-2) من الفصل التاسع من قواعد البورصة على الآتي «للبورصة القيام بوقف الورقة المالية ا?و ا?كثر، ا?و وقف التداول في ا?ي سوق، وذلك في الحالات التالية:
8- في حالة تحقيق الشركة المدرجة لخسائر متراكمة تصل ا?لى 75 في المئة ا?و ا?كثر من رأسمال الشركة».
وكلمة «للبورصة» الواردة في صدر المادة تجعل المسألة جوازية للبورصة متى شاءت أوقفت السهم كما أن لها السماح باستمرار تداول السهم حتى لو وصلت الخسائر 75 في المئة وأكثر من رأس المال، لذلك نرى أنه من الضروري تعديل هذا النص بحيث يكون إيقاف السهم الزامياً وليس جوازياً إذا وصلت الخسائر 75 في المئة وأكثر من رأس المال وفي ذلك حماية للمتعاملين في البورصة.
ولا يمكن بأي حال من الأحوال الاعتماد فقط على إفصاحات الشركات للتحقق من الخسائر المحققة، فبعض الافصاحات التي تعلنها الشركات تكون غير صحيحة أو غير دقيقة بل ومضللة أحيانا وبشكل متعمد من بعض الشركات لإخفاء حقيقة خسائرها، حيث تلجأ بعص الشركات إلى الإفصاح عن صافي خسائر السنة المالية فقط ودون الإشارة إلى الخسائر المُرحلة للسنوات السابقة.
ليست مسؤولية الجهات الرقابية التدقيق على صحة الافصاحات التي تعلنها الشركات وإلا احتاجت هذه الجهات إلى جهاز ضخم من المدققين والمراقبين في كل شركة للتأكد من صحة كل افصاح، بل تكمن مسؤولية الجهات الرقابية في محاسبة الشركات التي تفصح عن بيانات مضللة وغير صحيحة إذا ثبت لها ذلك. إلا أن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق مساهمي هذه الشركات في محاسبة مجلس الإدارة بل وملاحقتهم قضائيا إذا ثبت تعمدهم تضليل المساهمين.
حيث إن خسارة الشركة لأكثر من 75 في المئة من رأسمالها يرتب عليها التزام قانوني وفق قانون الشركات بدعوة الجمعية العامة للانعقاد للنظر في استمرار الشركة أو حلها قانوناً. حيث تنص المادة (271) من قانون الشركات رقم 1 لسنة 2016 على الآتي:
«إذا بلغت خسائر شركة المساهمة ثلاثة أرباع رأس المال المدفوع وجب على أعضاء مجلس الإدارة دعوة الجمعية العامة غير العادية للنظر في استمرار الشركة أو حلها قبل الأجل المعين في عقدها، أو اتخاذ غير ذلك من التدابير المناسبة.
فإذا لم يقم مجلس الإدارة بدعوة الجمعية العامة غير العادية أو تعذر إصدار قرار في الموضوع جاز للوزارة ولكل ذي مصلحة أن يطلب من المحكمة المختصة حل الشركة.
وبالتالي فإن عدم قيام مجلس الإدارة بالإفصاح عن الخسائر المُرحلة إضافة إلى عدم اتخاذ الإجراء القانوني السليم بدعوة الجمعية العامة غير العادية للانعقاد في حال بلغت الخسائر 75 في المئة من رأس المال يرتب مسؤولية قانونية على مجلس إدارة الشركة تجاه المساهمين والغير، باعتبار أن إغفال هذا الإجراء يشكل مخالفة قانونية ترتب أحكام المسؤولية لأعضاء مجلس الإدارة وفق ما جرى عليه نص المادة (201) من قانون الشركات والتي تنص:
»رئيس مجلس الإدارة وأعضاؤه مسؤولون تجاه الشركة والمسـاهمين والغير عن جميع أعمال الغش وإساءة استعمال السلطة، وعن كل مخالفة للقانون أو لعقد الشركة، وعن الخطأ في الإدارة.....»
لذا أدعو وزارة التجارة والصناعة لمراقبة الشركات بشأن دعوة الجمعية العامة للانعقاد إذا تجاوزت الخسائر 75 في المئة من رأس المال أو أن تبادر الوزارة بالقيام بهذا الإجراء وفق الصلاحية المخولة لها في المادة (207) من قانون الشركات في حال تقاعست مجالس إدارات الشركات عن توجيه الدعوة.

* falfahad@alfahadlaw.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي