الأرقام التي بيد القائمين على حملة إسقاط القروض، لا أدري أي جهة رسمية حكومية أو أهلية أو قطاع خاص قامت بتزويدها لهم، إن كانت هذه الأرقام حقيقية! مع قناعتي بأنها أرقام خيالية مبالغ فيها لزيادة الدعم والحشد للحملة، فالأرقام تشمل جميع المديونيات البسيطة والكبيرة والمتعثرة وغير المتعثرة، بل ربما حتى لو كانت المديونية 100دينار أو أقل، فهي أرقام بعيدة عن الموضوعية والواقع، كما أن أرقام حالات الضبط والإحضار - التي بأيديهم - تشمل حتى من كانت مديونيته 10 دنانير فهي بعيدة عن المصداقية.
قالوا بأن نصف مليون مواطن ومواطنة مقترضون ومديونون، وإن فرضنا جدلاً أن هذا الرقم صحيح، فلا يعني أن الجميع متعثر، أو أن المديونية تشكل عبئاً مالياً على راتبه، فمن المفترض أن المديونيات، بعد أن تم سن القوانين المالية من البنك المركزي بمنع تجاوز استقطاع المديونية 40 في المئة من الراتب، فإنه لا مجال للموظف والموظفة تجاوز هذه النسبة، وفق الإجراءات البنكية المراقبة من البنك المركزي.
فما تبقّى من الراتب - الذي يشكل 60 في المئة منه - يكفي الموظف إن كان رب أسرة في تسهيل أموره الحياتية، ولكن كيف وصل بالبعض تجاوز نسبة 40 في المئة، وأكلت المديونيات جزءاً كبيراً من الراتب، ليصيح البعض: القروض لا تبقي لنا من الراتب شيئا؟ فالجواب عن هذه الإشكالية أن هذه النسبة الكبيرة من المديونين اقترضت خارج نطاق رقابة القانون المالي للبنك المركزي، عن طريق الشركات الخاصة، التي تقبل بنظام «التورق» عن طريق بيع السلعة للمواطن، ثم يقوم بإعادة بيعها بأرخص من الثمن، من أجل الحصول على الكاش السريع، وفي الغالب تكون هذه شركات لبيع الهواتف أو المواد الإنشائية، وحتى تضمن هذه الشركات الخاصة حقها في استرداد المديونية، تقوم بتوقيع «كمبيالات» لها أثر قانوني وجزائي، في حال عدم الوفاء، فيضطر المديون بتسديد المديونية بما يتبقى من راتبه، خوفاً من الملاحقة القانونية.