حالة الإحباط التي يعبر عنها مجموعة كبيرة من المواطنين - بين الحين والآخر - من أداء الحكومة ومجلس الأمة في الوقت ذاته تتناقض تناقضاً صارخاً مع أداء ودور المواطن «المحبط» نفسه، فالمواطن الذي لم يتمكن حتى الآن من حل إشكاليته مع القبيلة والطائفة والعائلة والمنطقة، سبب رئيسي في تردي وضع السلطتين التشريعية والتنفيذية.
عندما يذهب المواطن إلى صناديق الاقتراع محملاً بالهم القبلي والطائفي والعائلي، فخياراته هي التي تكرس دوامة الإحباط والتردي التي ما زال الجميع يراوح داخلها منذ التحرير وحتى اليوم، ولو كانت معايير الاختيار مختلفة وتعتمد الكفاءة بغض النظر عن التفصيلات الاجتماعية والمذهبية، بالتأكيد فستكون النتائج مختلفة كلياً عما هي عليه الآن.
قد تجد من يحمل الدولة - بشكل عام - مسؤولية تلك الاختيارات الشعبية على قاعدة أنها هي من تشجع على مثل تلك الممارسات، عندما تستخدم القطاع العام الضخم لخلق حالة من التنافس والتسابق بين المواطنين على المكتسبات وفقا للشروط القبلية والمذهبية والعائلية - ربط المناصب بتلك التقسيمات الاجتماعية - لكن تلك الخطوة ليست دقيقة في المطلق وإن كان هناك بعض التحفظات تجاهها، فالمواطن يملك قرار إحباط مثل تلك التوجهات إن وجدت.
يمكن أن تكون هناك خيارات للسلطة في سبيل الحفاظ على المكتسبات، التي حصلت عليها طوال السنوات الماضية، ولضمان استقرارها وثباتها، لكن هذا ليس مبرراً أن تتقاعس القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والمواطنون للحيلولة من دون تكريس الخيارات الحكومية كقاعدة ثابتة يسير عليها الجميع، إلا إذا كانت هناك حالة من الرضا ومستفيد من هذا الوضع.
الإصلاح يبدأ من القاعدة الشعبية فإن صلحت تلك القاعدة وارتفعت عن كل التقسيمات الاجتماعية، سنكون قد خطونا الخطوة الأولى نحو إصلاح السلطتين التشريعية والتنفيذية، أما الانتظار من المعادلة الحالية أن تنتج جنينا مختلفاً عما بذرناه داخل المشهد البرلماني في وقت سابق، فهو انتظار عبثي لن يغير من حالة الإحباط والتردي التي ما زالت مستمرة وستبقى.
ما زال بعض الاخوة يصر على أن التطرق إلى الربط بين الأخت الفاضلة الدكتورة جنان بوشهري، وزوجة ستالين في مقالين سابقين، ونقطة الربط هي توقعاتنا عندما اختيرت الدكتورة بوشهري كوزيرة أن تكون «بيضة القبان»، وتتمكن من تخفيف اندفاع الحكومة وأخطائها، خصوصاً وأنها قريبة من أحد أقطاب الحكومة والسلطة في آن واحد، كما كانت تفعل زوجة الزعيم التاريخي جوزيف ستالين معه «ماتت من استطاعت أن ترقق قلبي المصنوع من الحجر، وماتت معها كل مشاعري...»!