خلافاً للمثل القائل: الحي يحييك... ثمة من يبحث عن الحياة في نبش سيرة الموتى!
لا يقبل النقد ويكابر، لأنه أكبر من النقد، في المقابل ينتقد من لا يملك حق الرد!
وهو لا يرد على النقد، أو يقبل سماعه، فـ«زر» البلوك، عنده أقرب من حبل الوريد، وردود أفعاله قد تتطور ويتهور ويقدم على: ما لا تحمد عقباه!
هالة الموت تثير غيظهم فيحسدوننا، متمنين زوالها، لأنهم لا يملكون السعي للحصول عليها بعد عمر طويل، تماماً مثلما ينزعج الذين لا يعملون من عمل الآخرين.
يحسدون الفقير على الموت في يوم الجمعة، والأعمى على اتساع عينيه، ويضيق أفقهم بالحياة فيطاردون الموتى وينبشون قبورهم، وينتقدون أعمالهم بعد عشرات السنوات على رحيلهم، مفرغين العمل من إطاره الزماني والمكاني، حتى لو كان عملاً صالحاً لكل زمان ومكان!
كثير من الأحياء تزعجهم الجنائز، يقهرهم حشدها، غير القادرين على مواكبته أحياء، ولكن أن يستمر إزعاج الراحل لهم حتى بعد مرور عقود من رحيله، فذلك معناه أنه لم يرحل، أو رحل وبقي عمله، فيسعون للتقليل منه... حالهم حال الذي يضرب ظلاً يخشى صاحبه!
وصاحبه - عموماً - لا يقيم اعتباراً للمنزعجين في غيابه، مثلما لم يكن يقيم لهم وزناً في حياته، فطالما عاشوا على الهامش في حياته باتوا يستجدون الصدارة في رحيله.
عنهم يصح القول: اذكروا محاسن موتاكم، وعن غيرهم يضعف الحديث أو يبررونه، بأن لم يكن لهم محاسن أصلاً.
ومن محاسن الصدف... أن تكون حياة الذين ينتقدهم راحلون أطول من حياته، رغم حضوره فبعض الحضور غياب كما أن بعض الغياب حضور.
وإن لم تكن حاضراً في غيابك، فأنت غائب في حضورك، وهذا حال ناقدي الموتى الباحثين عن الحياة في نقدهم، عندما ينبري الأحياء في التصدي لهم، إلى درجة التجاهل تماماً مثل الغياب.
طبعاً أتحدث عن حالة عامة هنا، لا تقتصر على عبدالرحمن السميط أو أحمد الربعي... رحمهما الله.