عدت قبل فترة من جولة في بعض الدول المختلفة في تجاربها وثقافاتها واقتصادياتها والمثير من الأمور الأخرى، ولكل حكاية تستحق مقالاً مستقلاً، لكن ما أحببت التركيز عليه اليوم في هذا المقال هو موضوع الاقتصاد لأهميته ومحوريته في أي إجراءات تنموية حقيقية ومستدامة.
لا بد من الاعتراف - أولا - أننا كسبنا الكثير باكتشاف النفط في بلداننا، ولا أحتاج للإسهاب في هذا الموضوع، لكن ما نحتاج أن نواجهه بجرأة - أيضا - هو أننا في الوقت الذي كسبنا الكثير من وراء النفط، فقد خسرنا الكثير أيضا في الوقت نفسه، خسرنا المهارات الحرفية والكثير من الصناعات غير النفطية والمهن الحرة والمبادرات الذاتية، فالاقتصاد تم تحويله لاقتصاد ريعي بين ليلة وضحاها، وتضاءلت قيمة العمل والجد في كسب الرزق والابتكار في العمل الحر، وها نحن ندفع الثمن الآن من تكدس للمواطنين في القطاع العام في بطالة مقنعة مكشوفة، غير طوابير الشباب الذين يعانون من البطالة وينتظرون دورهم في التوظيف الحكومي غير الممنهج أساساً والمتخم بالكثير من الأمراض البيروقراطية وغيرها!
لن نستطيع أن ندفن رؤوسنا في الرمال أكثر من ذلك، ونحن نعلم أن الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل سيقودنا للهلاك يوما ما إن لم نستعد لذلك، ولا أرى الكثير من المواطنين البسطاء مستعدين لذلك اليوم لقلة مواردهم أساسا، فإدراك أن النفط سينضب يوما دون الاستعداد لذلك اليوم يشبه يقيننا بأننا ميتون يوماً ما، لكننا في حالة أمل وإنكار فلا نفكر في الاستعداد للموت لعدم رغبتنا في التفكير فيه!