نفسياسي

الاقتصاد... الاقتصاد... الاقتصاد!

تصغير
تكبير

عدت قبل فترة من جولة في بعض الدول المختلفة في تجاربها وثقافاتها واقتصادياتها والمثير من الأمور الأخرى، ولكل حكاية تستحق مقالاً مستقلاً، لكن ما أحببت التركيز عليه اليوم في هذا المقال هو موضوع الاقتصاد لأهميته ومحوريته في أي إجراءات تنموية حقيقية ومستدامة.
لا بد من الاعتراف - أولا - أننا كسبنا الكثير باكتشاف النفط في بلداننا، ولا أحتاج للإسهاب في هذا الموضوع، لكن ما نحتاج أن نواجهه بجرأة - أيضا - هو أننا في الوقت الذي كسبنا الكثير من وراء النفط، فقد خسرنا الكثير أيضا في الوقت نفسه، خسرنا المهارات الحرفية والكثير من الصناعات غير النفطية والمهن الحرة والمبادرات الذاتية، فالاقتصاد تم تحويله لاقتصاد ريعي بين ليلة وضحاها، وتضاءلت قيمة العمل والجد في كسب الرزق والابتكار في العمل الحر، وها نحن ندفع الثمن الآن من تكدس للمواطنين في القطاع العام في بطالة مقنعة مكشوفة، غير طوابير الشباب الذين يعانون من البطالة وينتظرون دورهم في التوظيف الحكومي غير الممنهج أساساً والمتخم بالكثير من الأمراض البيروقراطية وغيرها!
لن نستطيع أن ندفن رؤوسنا في الرمال أكثر من ذلك، ونحن نعلم أن الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل سيقودنا للهلاك يوما ما إن لم نستعد لذلك، ولا أرى الكثير من المواطنين البسطاء مستعدين لذلك اليوم لقلة مواردهم أساسا، فإدراك أن النفط سينضب يوما دون الاستعداد لذلك اليوم يشبه يقيننا بأننا ميتون يوماً ما، لكننا في حالة أمل وإنكار فلا نفكر في الاستعداد للموت لعدم رغبتنا في التفكير فيه!


إن جميع الدول - التي زرتها في الفترة الأخيرة - مشغولة بأسئلة وجودية متعلقة بديمومتها واستمرار كيانها السياسي والاقتصادي، وهو ما دفع بالكثير منها بالدفع في اتجاه تحسين الأوضاع الاقتصادية من خلال خلق بيئة العمل اللازمة لجذب الاستثمارات مع تشجيع المبادرات الفردية ومحاربة الاحتكار وغيرها، وهو ما نرى شيئاً منه يتم على استحياء في الكويت لكنه كالعادة... دون الطموح!
إن مراجعة بسيطة لقانون الصندوق الوطني لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومحفظة دعم المشاريع في البنك الصناعي والتطبيقات الواقعية على الأرض، تكشف التناقض بين الواقع والطموح، فالكثير من العراقيل في التطبيق تعيق تحقيق الهدف المنشود أساساً، ناهيك عن أن الكثير من المشاريع التي يبادر بها الكثيرون لا تخرج عن الإطار الاستهلاكي كالمطاعم وغيرها، وهذا بعيد تماماً عن الطموح الحقيقي بخلق اقتصاد منتج جديد وآفاق صناعية خلاقة.
باختصار...
«نبي نتلاحق عمرنا ونرجع كما كنا»... بلداً قائماً على المبادرات والتجارة الحقيقية واستغلال موقعه الجغرافي المميز... فهل «راح نلحق»؟!

alkhadhari@gmail.com
Twitter: @dralkhadhari

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي