بري أكد الالتزام بـ «عدم التعطيل» والسنيورة حدد 3 محطات محظورات
لبنان: أول الغيث في مناقشة الحكومة رياح انتخابية «مدوزنة» هبت على البرلمان


|بيروت - «الراي»|
جاءت جلسة المناقشة العامة للحكومة التي بدأها البرلمان اللبناني امس وتتواصل، لتأكيد المؤكد وليس اكثر، وهو ان كل شيء في لبنان صار من الان وصاعداً في سياق انتخابي.
ومع ذلك فثمة ملاحظات ذات ابعاد لا بد من ادراجها في خلاصة اولية لليوم الاول من هذه الجلسة فمن الواضح اولاً ان ثمة برودة كبيرة لدى الرأي العام في تتبع المناقشات والكلمات التي يدلي بها النواب حتى لتكاد هذه الجلسة تشبه الجلسات الرتيبة التي تعقد في اي ظرف عادي. ومفاد هذه الانطباع ان القواعد الشعبية لم تتحفز بعد بالمقدار الكافي للتفاعل مع مناسبة تتخذ طابعاً منبرياً. وهذا الامر سينعكس حتماً على اداء بعض السياسيين الذين يستعجلون فتح المعارك الانتخابية في حين لا يوحي الرأي العام الداخلي حتى الان بحماسة كافية لمثل هذا التحفيز المبكر على الحملات الانتخابية.
الامر الثاني اللافت يتمثل في توجهين اعلاميين متناقضين في التعامل مع الجلسة. فالمحطات التلفزيونية الموالية للمعارضة نقلت وقائع الجلسة في حين لم تنقلها المحطات الموالية للغالبية ولا «المؤسسة اللبنانية للارسال». ويعزى ذلك بوضوح الى ان المعارضة ارادت الجلسة محطة تحفيز للمواطنين في حملاتها على السياسات الحكومية مع انها منخرطة في الحكومة. في حين قللت الموالاة من اهميتها، وثمة عامل اخر يتصل ببعض التوجهات الاعلامية شبه المستقلة ويتعلق بادراك هؤلاء فتور المواطنين حيال هذه الجلسة.
واذا كان يصح وصف مناخ الجلسة بانه على جانب كبير منه يعكس هوّة كبيرة بين الطابع الدعائي السياسي وبين هموم الناس، فان ذلك لا يخفي ايضاً ان الوسط السياسي سيجد نفسه في موقع «اعادة التموضع» لبرمجة خطاب سياسي ودعائي واعلامي جديد على مشارف انفتاح الحملات الانتخابية في مطلع السنة المقبلة. فكل الشعارات السياسية تبدو كأنها اصبحت مستهلكة وفي حاجة الى تجديد واعادة البريق الى النمط الاستنهاضي للقواعد الشعبية. وثمة اعتقاد بان المرحلة الفاصلة عن انطلاق الحملات الانتخابية لن تقتصر على نسج التحالفات واكمالها في معسكري قوى «14 مارس» و«8 مارس» فقط بل ستشهد ايضاً اعادة برمجة للشعارات الانتخابية وضخ عناوين جديدة في الخطاب التعبوي. ويحدو الوسط السياسي على ذلك ان مجمل القضايا التي تتصل بالسياسة العامة تبدو كأنها غير قابلة للتغيير والتحديث نظراً الى اضطرار الطرفين الاساسيين الى التزام موجبات تسوية الدوحة حتى النهاية. وهو الامر الذي عكسته جلسة المناقشة نفسها اذ طغى عليها الطابع المطلبي والاقتصادي والحياتي والخدماتي ما خلا القليل من المحطات السياسية التي لم تكن اكثر من استعادة لشعارات تحكم الصراع السياسي.
وكان اليوم الاول من مناقشة الحكومة الذي شهد جلستين نهارية ومسائية، بدأ «هادئاً» وطغت على مداخلات النواب فيه، التي بدت أشبه بـ «عرض عضلات» كلامي، الشؤون المعيشية ذات «الأبعاد» الانتخابية لا سيما من نواب المعارضة، فيما ركّز نواب الأكثرية على التمسك باتفاق الطائف وحذروا من أبعاد مسألة رفع فريق «8 مارس» سيف «الثلث المعطل» في الحكومة.
واستهلّ رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الجلسة الصباحيّة بمداخلة «استباقية» اكد فيها «ان مهمة الحكومة إجراء الانتخابات المقبلة بشفافية وتأمين الشروط اللازمة خصوصا لجهة تأمين الأمن ونبذ العنف، كي يمارس اللبنانيون حقهم بعيدا عن الضغوط».
ودعا السنيورة «بعض القوى الى التزام ما تعهدت به في عدم التعطيل حتى لا يؤدي الى اضرار بالدولة ومصالح المواطنين، والى نبذ العنف بأشكاله كافة وهذا ينطبق على السجالات الحادة بين السياسيين، كما طالب بـ «وقف كل اشكال ومظاهر التحريض الذي اذا استمر سيؤدي الى التصادم»، وقال: «ان هذا الالتزام شرط اساسي لنجاح الحكومة، وقدرتها على تحقيق الاهداف التي رسمتها لنفسها وحازت على اساسها على ثقة مجلسكم الكريم».
واكد «اننا نتابع موضوع المحكمة الدولية في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر الجرائم المتصلة بما يؤدي الى احقاق العدالة»، معلناً «المحكمة ستبدأ عملها في الأول من مارس، عندها يتحول المحقق الدولي الى مدع عام كي ينال المجرمون عقابهم العادل».
وفي موضوع العلاقة مع سورية، وعد اللبنانيين بـ«ألاّ تنقضي السنة الحالية الا ونكون عينّا سفيرا لنا لدى دمشق»، مؤكداً «اننا سنعمل بكل اصرار وتصميم على نسج افضل العلاقات مع سورية وتكون مبنية على الندية ولن تثنينا التراكمات عن السير قدما في هذا الامر».
وتطرق الى ما حققته الحكومة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، متطرقاً الى ملف الهيئة العليا للاغاثة «حيث استمرت الحكومة في دفع مبالغ المساعدات في اكبر عملية اغاثة شهدها لبنان، تتمثل في اغاثة واعادة اعمار العديد من الابنية والجسور والطرق والبنى التحتية وازالة الركام ودفع التعويضات للجرحى واهالي الشهداء مجموعها 217 مليار دولار، تتحمل الدولة 130 مليار دولار»، وقال: «ساهمت الدول المانحة بـ 87 مليار دولار، اي ان نسبة العبء الذي تتحمله الدولة يصل الى 60 في المئة من اصل اعادة الاعمار في مختلف بنوده. علماً ان الدولة تتحمل في حقيقة الامر وحتى 31/8/2008 مسؤولية المساعدات المقدمة لأصحاب اكثر من 35 ألف وحدة، من اصل 108 آلاف وحدة، وتقدم المساعدات لنحو 15 في المئة في الجنوب وبقية البلدات، وتتحمل 95 في المئة من الوحدات المتضررة او المدمرة في الضاحية».
وفي مداخلات النواب، لفت تساؤل النائب في «كتلة المستقبل» مصطفى هاشم عما إذا كان يجوز «أن نبقى على قاب قوسين من الحرب مع اسرائيل لان حدودنا مرهونة باوراق يفاوض عليها النظام السوري»؟ وقال: « (...) التعطيل يمارَس من داخل الحكومة، وقد بدا ذلك جليا للقاصي والداني في الايام القليلة الماضية حيث ضاع التضامن الوزاري في زواريب المصالح الضيقة، وتم إشهار سلاح التعطيل والاستقالة في حال لم تلب مطالب فريق سياسي معين وهذا انتهاك فاضح لاتفاق الدوحة، ما يذكرنا بأيام سوداء مرت على لبنان حيث كانت الكلمة بالسلاح».
وهنا كانت مداخلة لرئيس البرلمان نبيه بري الذي حرص على تأكيد، وبصفته أحد المشاركين في اتفاق الدوحة، على التزام كل الافرقاء بعدم التعطيل في الحكومة، مشدداً على أن «اي اقتراح يقدم في مجلس الوزراء، لجميع الوزراء الحق بمناقشته»، مذكراً بان اتفاق الدوحة لم يتحدث فقط عن عدم التعطيل (استقالة او انسحاب) بل ايضاً عن عدم الغياب، وكاشفاً «انا مَن اقترحتُ اضافة ممنوع الغياب عن جلسات مجلس الوزراء بقصد تعطيلها».
ولفت الى ضرورة «عدم المزايدة لمصلحة موضوع الانتخابات، بل لمصلحة التضامن».
ولفت النائب الياس عطالله (من الاكثرية) الى أن الحكومة الحالية «قامت على منطق أهون الشرّين»، لافتاً الى انها «لن تتمكن من جعل يد الدولة تمتد فوق أيادي العابثين لأن بعض مكوناتها تمنى لها الفشل وهو في داخلها».
وتطرق النائب مصطفى علوش (من كتلة الحريري) الى اتفاق الطائف والمطالبات بتعديله، فرأى «أن الطائف هو أحد أعمدة الاستقرار اليوم»، مذكرا بـ «أننا دفعنا خُمس سكان لبنان حتى وصلنا اليه»، ومؤكدا «أن أي دستور هو قابل للتعديل لكن طرح أي تعديل جذري اليوم سيستدرج تعديلات أخرى قد تطيح بما لدينا».
ودعا الى «تطبيق هذا الاتفاق وتطويره وانشاء مجلس الشيوخ والهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية».
ورأى النائب حسن يعقوب (من كتلة العماد ميشال عون) أن «موضوع أموال صندوق المهجرين يوضع في الباب نفسه كالهيئة العليا للاغاثة، أي في خانة الصرف لمآرب سياسية»، مشيراً الى «تهرب من المساءلة من عملية التوصل لتقديم مستندات حول كيفية الصرف في هذا الملف». وسأل الحكومة: «أين صرفت أموال الهيئة العليا للإغاثة؟».
ولم يغب عن جلسة مناقشة الحكومة موضوع تعرض الصحافي العراقي منتظر الزيدي بحذائه للرئيس جورج بوش ابان زيارته الأخيرة لبغداد، وقد حرص نائب «حزب الله» حسن فضل الله على توجيه تحية تضامُن «من على هذا المنبر للصحافي منتظر الزيدي، على جرأة موقفه الذي عبّر منه عن مشاعر كل عربي حر يرفض الاحتلال والوصاية الأميركية»، مضيفاً: «أقول له ان صلية حذائك أيها الإعلامي المبدع تجسد الرجم الحقيقي الذي كان حجاج بيت الله الحرام يقومون به في منى، رجما لمن أوغل في دم شعب فلسطين والعراق وحصار غزة، وكان لدمنا في لبنان حصة كبيرة من جرائمه في يوليو 2006. فمثل بوش وإدارته لا يودَّع أو يستقبل إلا رجما بالحذاء وليس بالاستجداء بالأحضان والعناق وسواهما تملقا وطلبا لدعم أو مساندة، عسى أن يكون في ذلك الحذاء درس للكثير من المسؤولين العرب».
وأثار فضل الله مسألة التعويضات عن المتضررين من حرب يوليو 2006، وقال: «هذا الموضوع يطال فئة كبيرة من الشعب اللبناني دفعت ثمن صمودها وتضحياتها وانتصارها للبنان مرتين: مرة في مواجهة العدو الاسرائيلي عندما قدمت التضحيات من دمائها وارزاقها من دون شكوى أو تذمر. والمرة الثانية كانت من حكومة بلدها، وظلم ذوي القربى، يا دولة الرئيس، أشد مضاضة. فبمعزل عن أي خلاف سياسي أو سجالات داخلية، ولأننا كما يقال نريد ان «نأكل العنب والناطور ينطر قد ما بدو». هناك ملف عالق في أدراج هذه الحكومة هو ملف التعويضات للمتضررين في حرب يوليو»، سائلاً: «هل سنكون أمام ملف يورث من حكومة الى أخرى من دون نهاية، أو هناك أفق للحل؟ وكنا نتمنى ان نسمع اليوم كلاما واضحا ومحددا ومواقيت معينة، لكن ما سمعناه عموميات ولا يفي بالغرض». وتحدث عن «إهمال متعمّد لمنطقة الحدود (الجنوب)».
سليمان: لاتفاق الجميع على مبدأ
قيام الدولة
أكد الرئيس العماد ميشال سليمان «أن هناك خطوات ضرورية لقيام الدولة أهمها اتفاق الجميع على مبدأ قيامها».
سليمان، العائد من الأردن، رأى امام وفد من نقابة محامي الشمال «أن مشكلة الديموقراطية هي في قبول النتائج»، مؤكدا أن مهمته هي «صون الدستور الذي هو وحده الكفيل باستقامة الوضع على مستوى مؤسسات الدولة وصلاحيات المسؤولين، وعلى المستوى السياسي العام».
الجميّل: بكركي ورئاسة الجمهورية
المرجعيتان للمحافظة على مصلحة لبنان
أكد الرئيس السابق امين الجميّل، «ان البطريركية المارونية ورئاسة الجمهورية هما المرجعيتان الاساسيتان للحفاظ على مصلحة لبنان»، معتبراً «ان كل خروج عن هذه المرجعيات الوطنية الاساسية تفريط بالامانة وبالمصلحة اللبنانية العليا».
كلام الجميّل جاء بعد زيارته امس البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير لشكره على مشاركته حزب «الكتائب اللبنانية» في إحياء الذكرى الثانية لاستشهاد النائب والوزير بيار الجميل والاحتفال بالعيد 72 لتأسيس «الكتائب». وأكد ان «بكركي هي المرجع الاساس بالنسبة الى جميع اللبنانيين ولاسيما المسيحيين، فمن هنا المنطلق ومن هنا ايضا النهاية، ومن خلال التعاون بين غبطة البطريرك وفخامة رئيس الجمهورية، يتحصن لبنان»،
وقال: «بقدر ما يكون الالتفاف اللبناني الجامع حول غبطة البطريرك وفخامة الرئيس نعتبر انه بداية الطريق من اجل انقاذ لبنان خصوصا في الظروف الصعبة التي نمر بها».
وفي ردّ غير مباشر على زيارة زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون لسورية، رأى «ان من المفيد ان يكون الانسان منفتحا وان يكون هناك تواصل مع الاخرين، لكن تبقى هاتان المرجعيتان بكركي وفخامة الرئيس هما الاساس للحفاظ على مصلحة لبنان».
وهل يعتبر ان عون خرج عن هذه المرجعية؟ اجاب: «لا اريد التحليل، فالامور واضحة لكل الرأي العام».
وعن الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء، اوضح «ان من المؤسف ان هناك طريقة فوقية للتعاطي مع الشأن العام، ذهنية 7 مايو (تاريخ اجتياح «حزب الله» لبيروت) لا تزال سائدة مع الطريقة التعجيزية تقريبا التي نعطّل من خلالها مسار المؤسسات الدستورية».
جاءت جلسة المناقشة العامة للحكومة التي بدأها البرلمان اللبناني امس وتتواصل، لتأكيد المؤكد وليس اكثر، وهو ان كل شيء في لبنان صار من الان وصاعداً في سياق انتخابي.
ومع ذلك فثمة ملاحظات ذات ابعاد لا بد من ادراجها في خلاصة اولية لليوم الاول من هذه الجلسة فمن الواضح اولاً ان ثمة برودة كبيرة لدى الرأي العام في تتبع المناقشات والكلمات التي يدلي بها النواب حتى لتكاد هذه الجلسة تشبه الجلسات الرتيبة التي تعقد في اي ظرف عادي. ومفاد هذه الانطباع ان القواعد الشعبية لم تتحفز بعد بالمقدار الكافي للتفاعل مع مناسبة تتخذ طابعاً منبرياً. وهذا الامر سينعكس حتماً على اداء بعض السياسيين الذين يستعجلون فتح المعارك الانتخابية في حين لا يوحي الرأي العام الداخلي حتى الان بحماسة كافية لمثل هذا التحفيز المبكر على الحملات الانتخابية.
الامر الثاني اللافت يتمثل في توجهين اعلاميين متناقضين في التعامل مع الجلسة. فالمحطات التلفزيونية الموالية للمعارضة نقلت وقائع الجلسة في حين لم تنقلها المحطات الموالية للغالبية ولا «المؤسسة اللبنانية للارسال». ويعزى ذلك بوضوح الى ان المعارضة ارادت الجلسة محطة تحفيز للمواطنين في حملاتها على السياسات الحكومية مع انها منخرطة في الحكومة. في حين قللت الموالاة من اهميتها، وثمة عامل اخر يتصل ببعض التوجهات الاعلامية شبه المستقلة ويتعلق بادراك هؤلاء فتور المواطنين حيال هذه الجلسة.
واذا كان يصح وصف مناخ الجلسة بانه على جانب كبير منه يعكس هوّة كبيرة بين الطابع الدعائي السياسي وبين هموم الناس، فان ذلك لا يخفي ايضاً ان الوسط السياسي سيجد نفسه في موقع «اعادة التموضع» لبرمجة خطاب سياسي ودعائي واعلامي جديد على مشارف انفتاح الحملات الانتخابية في مطلع السنة المقبلة. فكل الشعارات السياسية تبدو كأنها اصبحت مستهلكة وفي حاجة الى تجديد واعادة البريق الى النمط الاستنهاضي للقواعد الشعبية. وثمة اعتقاد بان المرحلة الفاصلة عن انطلاق الحملات الانتخابية لن تقتصر على نسج التحالفات واكمالها في معسكري قوى «14 مارس» و«8 مارس» فقط بل ستشهد ايضاً اعادة برمجة للشعارات الانتخابية وضخ عناوين جديدة في الخطاب التعبوي. ويحدو الوسط السياسي على ذلك ان مجمل القضايا التي تتصل بالسياسة العامة تبدو كأنها غير قابلة للتغيير والتحديث نظراً الى اضطرار الطرفين الاساسيين الى التزام موجبات تسوية الدوحة حتى النهاية. وهو الامر الذي عكسته جلسة المناقشة نفسها اذ طغى عليها الطابع المطلبي والاقتصادي والحياتي والخدماتي ما خلا القليل من المحطات السياسية التي لم تكن اكثر من استعادة لشعارات تحكم الصراع السياسي.
وكان اليوم الاول من مناقشة الحكومة الذي شهد جلستين نهارية ومسائية، بدأ «هادئاً» وطغت على مداخلات النواب فيه، التي بدت أشبه بـ «عرض عضلات» كلامي، الشؤون المعيشية ذات «الأبعاد» الانتخابية لا سيما من نواب المعارضة، فيما ركّز نواب الأكثرية على التمسك باتفاق الطائف وحذروا من أبعاد مسألة رفع فريق «8 مارس» سيف «الثلث المعطل» في الحكومة.
واستهلّ رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الجلسة الصباحيّة بمداخلة «استباقية» اكد فيها «ان مهمة الحكومة إجراء الانتخابات المقبلة بشفافية وتأمين الشروط اللازمة خصوصا لجهة تأمين الأمن ونبذ العنف، كي يمارس اللبنانيون حقهم بعيدا عن الضغوط».
ودعا السنيورة «بعض القوى الى التزام ما تعهدت به في عدم التعطيل حتى لا يؤدي الى اضرار بالدولة ومصالح المواطنين، والى نبذ العنف بأشكاله كافة وهذا ينطبق على السجالات الحادة بين السياسيين، كما طالب بـ «وقف كل اشكال ومظاهر التحريض الذي اذا استمر سيؤدي الى التصادم»، وقال: «ان هذا الالتزام شرط اساسي لنجاح الحكومة، وقدرتها على تحقيق الاهداف التي رسمتها لنفسها وحازت على اساسها على ثقة مجلسكم الكريم».
واكد «اننا نتابع موضوع المحكمة الدولية في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر الجرائم المتصلة بما يؤدي الى احقاق العدالة»، معلناً «المحكمة ستبدأ عملها في الأول من مارس، عندها يتحول المحقق الدولي الى مدع عام كي ينال المجرمون عقابهم العادل».
وفي موضوع العلاقة مع سورية، وعد اللبنانيين بـ«ألاّ تنقضي السنة الحالية الا ونكون عينّا سفيرا لنا لدى دمشق»، مؤكداً «اننا سنعمل بكل اصرار وتصميم على نسج افضل العلاقات مع سورية وتكون مبنية على الندية ولن تثنينا التراكمات عن السير قدما في هذا الامر».
وتطرق الى ما حققته الحكومة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، متطرقاً الى ملف الهيئة العليا للاغاثة «حيث استمرت الحكومة في دفع مبالغ المساعدات في اكبر عملية اغاثة شهدها لبنان، تتمثل في اغاثة واعادة اعمار العديد من الابنية والجسور والطرق والبنى التحتية وازالة الركام ودفع التعويضات للجرحى واهالي الشهداء مجموعها 217 مليار دولار، تتحمل الدولة 130 مليار دولار»، وقال: «ساهمت الدول المانحة بـ 87 مليار دولار، اي ان نسبة العبء الذي تتحمله الدولة يصل الى 60 في المئة من اصل اعادة الاعمار في مختلف بنوده. علماً ان الدولة تتحمل في حقيقة الامر وحتى 31/8/2008 مسؤولية المساعدات المقدمة لأصحاب اكثر من 35 ألف وحدة، من اصل 108 آلاف وحدة، وتقدم المساعدات لنحو 15 في المئة في الجنوب وبقية البلدات، وتتحمل 95 في المئة من الوحدات المتضررة او المدمرة في الضاحية».
وفي مداخلات النواب، لفت تساؤل النائب في «كتلة المستقبل» مصطفى هاشم عما إذا كان يجوز «أن نبقى على قاب قوسين من الحرب مع اسرائيل لان حدودنا مرهونة باوراق يفاوض عليها النظام السوري»؟ وقال: « (...) التعطيل يمارَس من داخل الحكومة، وقد بدا ذلك جليا للقاصي والداني في الايام القليلة الماضية حيث ضاع التضامن الوزاري في زواريب المصالح الضيقة، وتم إشهار سلاح التعطيل والاستقالة في حال لم تلب مطالب فريق سياسي معين وهذا انتهاك فاضح لاتفاق الدوحة، ما يذكرنا بأيام سوداء مرت على لبنان حيث كانت الكلمة بالسلاح».
وهنا كانت مداخلة لرئيس البرلمان نبيه بري الذي حرص على تأكيد، وبصفته أحد المشاركين في اتفاق الدوحة، على التزام كل الافرقاء بعدم التعطيل في الحكومة، مشدداً على أن «اي اقتراح يقدم في مجلس الوزراء، لجميع الوزراء الحق بمناقشته»، مذكراً بان اتفاق الدوحة لم يتحدث فقط عن عدم التعطيل (استقالة او انسحاب) بل ايضاً عن عدم الغياب، وكاشفاً «انا مَن اقترحتُ اضافة ممنوع الغياب عن جلسات مجلس الوزراء بقصد تعطيلها».
ولفت الى ضرورة «عدم المزايدة لمصلحة موضوع الانتخابات، بل لمصلحة التضامن».
ولفت النائب الياس عطالله (من الاكثرية) الى أن الحكومة الحالية «قامت على منطق أهون الشرّين»، لافتاً الى انها «لن تتمكن من جعل يد الدولة تمتد فوق أيادي العابثين لأن بعض مكوناتها تمنى لها الفشل وهو في داخلها».
وتطرق النائب مصطفى علوش (من كتلة الحريري) الى اتفاق الطائف والمطالبات بتعديله، فرأى «أن الطائف هو أحد أعمدة الاستقرار اليوم»، مذكرا بـ «أننا دفعنا خُمس سكان لبنان حتى وصلنا اليه»، ومؤكدا «أن أي دستور هو قابل للتعديل لكن طرح أي تعديل جذري اليوم سيستدرج تعديلات أخرى قد تطيح بما لدينا».
ودعا الى «تطبيق هذا الاتفاق وتطويره وانشاء مجلس الشيوخ والهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية».
ورأى النائب حسن يعقوب (من كتلة العماد ميشال عون) أن «موضوع أموال صندوق المهجرين يوضع في الباب نفسه كالهيئة العليا للاغاثة، أي في خانة الصرف لمآرب سياسية»، مشيراً الى «تهرب من المساءلة من عملية التوصل لتقديم مستندات حول كيفية الصرف في هذا الملف». وسأل الحكومة: «أين صرفت أموال الهيئة العليا للإغاثة؟».
ولم يغب عن جلسة مناقشة الحكومة موضوع تعرض الصحافي العراقي منتظر الزيدي بحذائه للرئيس جورج بوش ابان زيارته الأخيرة لبغداد، وقد حرص نائب «حزب الله» حسن فضل الله على توجيه تحية تضامُن «من على هذا المنبر للصحافي منتظر الزيدي، على جرأة موقفه الذي عبّر منه عن مشاعر كل عربي حر يرفض الاحتلال والوصاية الأميركية»، مضيفاً: «أقول له ان صلية حذائك أيها الإعلامي المبدع تجسد الرجم الحقيقي الذي كان حجاج بيت الله الحرام يقومون به في منى، رجما لمن أوغل في دم شعب فلسطين والعراق وحصار غزة، وكان لدمنا في لبنان حصة كبيرة من جرائمه في يوليو 2006. فمثل بوش وإدارته لا يودَّع أو يستقبل إلا رجما بالحذاء وليس بالاستجداء بالأحضان والعناق وسواهما تملقا وطلبا لدعم أو مساندة، عسى أن يكون في ذلك الحذاء درس للكثير من المسؤولين العرب».
وأثار فضل الله مسألة التعويضات عن المتضررين من حرب يوليو 2006، وقال: «هذا الموضوع يطال فئة كبيرة من الشعب اللبناني دفعت ثمن صمودها وتضحياتها وانتصارها للبنان مرتين: مرة في مواجهة العدو الاسرائيلي عندما قدمت التضحيات من دمائها وارزاقها من دون شكوى أو تذمر. والمرة الثانية كانت من حكومة بلدها، وظلم ذوي القربى، يا دولة الرئيس، أشد مضاضة. فبمعزل عن أي خلاف سياسي أو سجالات داخلية، ولأننا كما يقال نريد ان «نأكل العنب والناطور ينطر قد ما بدو». هناك ملف عالق في أدراج هذه الحكومة هو ملف التعويضات للمتضررين في حرب يوليو»، سائلاً: «هل سنكون أمام ملف يورث من حكومة الى أخرى من دون نهاية، أو هناك أفق للحل؟ وكنا نتمنى ان نسمع اليوم كلاما واضحا ومحددا ومواقيت معينة، لكن ما سمعناه عموميات ولا يفي بالغرض». وتحدث عن «إهمال متعمّد لمنطقة الحدود (الجنوب)».
سليمان: لاتفاق الجميع على مبدأ
قيام الدولة
أكد الرئيس العماد ميشال سليمان «أن هناك خطوات ضرورية لقيام الدولة أهمها اتفاق الجميع على مبدأ قيامها».
سليمان، العائد من الأردن، رأى امام وفد من نقابة محامي الشمال «أن مشكلة الديموقراطية هي في قبول النتائج»، مؤكدا أن مهمته هي «صون الدستور الذي هو وحده الكفيل باستقامة الوضع على مستوى مؤسسات الدولة وصلاحيات المسؤولين، وعلى المستوى السياسي العام».
الجميّل: بكركي ورئاسة الجمهورية
المرجعيتان للمحافظة على مصلحة لبنان
أكد الرئيس السابق امين الجميّل، «ان البطريركية المارونية ورئاسة الجمهورية هما المرجعيتان الاساسيتان للحفاظ على مصلحة لبنان»، معتبراً «ان كل خروج عن هذه المرجعيات الوطنية الاساسية تفريط بالامانة وبالمصلحة اللبنانية العليا».
كلام الجميّل جاء بعد زيارته امس البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير لشكره على مشاركته حزب «الكتائب اللبنانية» في إحياء الذكرى الثانية لاستشهاد النائب والوزير بيار الجميل والاحتفال بالعيد 72 لتأسيس «الكتائب». وأكد ان «بكركي هي المرجع الاساس بالنسبة الى جميع اللبنانيين ولاسيما المسيحيين، فمن هنا المنطلق ومن هنا ايضا النهاية، ومن خلال التعاون بين غبطة البطريرك وفخامة رئيس الجمهورية، يتحصن لبنان»،
وقال: «بقدر ما يكون الالتفاف اللبناني الجامع حول غبطة البطريرك وفخامة الرئيس نعتبر انه بداية الطريق من اجل انقاذ لبنان خصوصا في الظروف الصعبة التي نمر بها».
وفي ردّ غير مباشر على زيارة زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون لسورية، رأى «ان من المفيد ان يكون الانسان منفتحا وان يكون هناك تواصل مع الاخرين، لكن تبقى هاتان المرجعيتان بكركي وفخامة الرئيس هما الاساس للحفاظ على مصلحة لبنان».
وهل يعتبر ان عون خرج عن هذه المرجعية؟ اجاب: «لا اريد التحليل، فالامور واضحة لكل الرأي العام».
وعن الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء، اوضح «ان من المؤسف ان هناك طريقة فوقية للتعاطي مع الشأن العام، ذهنية 7 مايو (تاريخ اجتياح «حزب الله» لبيروت) لا تزال سائدة مع الطريقة التعجيزية تقريبا التي نعطّل من خلالها مسار المؤسسات الدستورية».