ألوان

فيلم فكرته لوحة...!

No Image
تصغير
تكبير

أعترف أني أحب الأفلام السينمائية التي تحتوي على بعض اللوحات الفنية، كما أنني أعترف أني أكثر انجذاباً للأفلام السينمائية، التي تقوم فكرتها على الفن التشكيلي، ومنها الفيلم البريطاني «الفتاة ذات القرط اللؤلؤي»، الذي قام بإخراجه بيتر ويبر وقام بكتابة السيناريو والحوار السيناريست أوليفا هاترييد والعمل، مأخوذ من قبل رواية تحمل اسم الفيلم نفسه، الذي كانت فكرته تنطلق من لوحة شهيرة للفنان الهولندي يوهانس فيرمير.
وضم الفيلم مجموعة من الممثلين - معظمهم من بريطانيا - إلا أن البطولة للممثلة الأميركية سكارليت جوهانسون وقامت بدور «غريت»، وشاركها البطولة الفنان البريطاني الشهير كولين فيرث في دور الرسام يوهانس فيرمير، إضافة إلى فنانين آخرين مثل توم ويلكينسون في دور بياتر فان رويجفان واسي دافييس في دوركاتارينا وبولس الاكينا مان بدور كورنيليا، إضافة إلى بعض الممثلين مثل كيليان مورقي وجوانا سكانلان وانا بوبلويل وجودب لالاغبت.
ويروي الفيلم قصة شابة اسمها «غريت»، وهي فتاة خجولة تعيش في الجمهورية الهولندية في عام 1665م، حيث كان والدها يعمل في تزيين وتلوين الخزف، وفقد بصره أخيراً ما أفقده القدرة على العمل، وبالتالي أصبح وضع العائلة سيئاً مادياً، لذا أرسلت «غريت» للعمل كخادمة في منزل الرسام يوهانس فيرمير، وتقع في حب شاب يعمل جزاراً.


وكانت هناك علاقة غريبة بين الرسام والفتاة، فهي تقوم بتنظيف المرسم الخاص به علماً بأنه ممنوع في عرف الاسرة، لكنه سمح لها بذلك، بل طلب منها أن تساعده في شراء بعض الألوان والقيام بخلطها، وقد عرض المخرج أمام مشاهدي الفيلم بعض أساسيات التكنيك الفني للرسم، إلا أن الرسام انجذب إليها، لكنه لم يضايقها، وباتت ملهمة له في الرسم، خصوصاً بعد أن تسلل ورأى شعرها الجميل، حيث إن النساء الأوروبيات كن يرتدين ملابس محتشمة تغطي كل أجسامهن، إلا أن الزوجة تشعر بنوع من الغيرة، لكنها حامل ولديها طفلان، وبالتالي تركت المهمة لأمها التي كانت تتربص بالخادمة.
إن المخرج كان موفقاً في تقديم الرواية بأدق تفاصيلها، التي قد تكون عادية، بل إن الأحداث - في معظمها - هادئ بيد أن المشاعر المكبوتة لدى الاشخاص التي ضمتهم الرواية والفيلم معا، جعلته ينجح في تقديم تلك الأحداث بتسارع درامي جميل، حيث قدم بعض المشاعر المضطربة، خصوصاً لدى الرسام والشابة وحبيبها الجزار، وكانت لحظات رائعة عندما قام الرسام برسم الفتاة بعد أن طلب منها أن ترتدي قرطين لؤلؤين، من هنا جاءت فكرة الرواية والفيلم حيث إنه قام برسمها وهي ترتديهما.
وليس غريباً على المخرج الشاب أن يقدم ذلك الفيلم بحرفية عالية مع فريق عمله، فقد سبق وأن قام بإخراج بعض الأفلام الناجحة مثل بيكبوت في عام 2018م وامبرور في عام 2012م وفيلم تمرد هانيبال في عام 2007م ولديه فيلم يوم رائع.
وقام الفنان كولين فيرث بدور الرسام الهولندي، وقد نجح تماماً في تصوير انفعالات أي رسام أثناء عملية الرسم، بل إنه نجح في توصيل حالة القلق، التي تنتاب الكثير من الرسامين.
ومن الممثلات المميزات الفنانة البريطانية جوانا سكانلان، التي قامت بدور الخادمة القديمة في المنزل، والتي تهتم برعاية الأولاد وإدارة المنزل، بل إنها تشارك في اقتراح بعض الآراء في عملية ادارة المنزل، وكذلك الأمر بالنسبة للممثل كيليان مورفي، الذي قام بتجسيد شخصية «بيتر» الجزار العاشق للفتاة غريت، فقد كان أداؤه رائعاً وهو يستحق بطولة أفلام أخرى في المستقبل، وكذلك الأمر بالنسبة للفنان القدير توم ويلكينسون، وهو فنان حاصل على جوائز عدة.
إن السينما البريطانية لها تاريخ طويل في إنتاج الأفلام السينمائية الرائعة، وهي سينما تقدم أفكاراً متنوعة، منها أحداث رواية تنطلق من لوحة تشكيلية لفنان هولندي شهير لم يصلنا من إبداعاته إلا خمس وثلاثون لوحة.

* كاتب وفنان تشكيلي

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي