علي محمد الفيروز / إطلالة / الوحشية الإسرائيلية

تصغير
تكبير
الحصار المفروض على سكان غزة أصبح يشكل كارثة انسانية بمعنى الكلمة، واسرائيل ترفض بشدة ما يقال عنها من تصريحات وانتقادات بشأن السياسة التي تنتهجها حيال سكان غزة، فمنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم تناشد الحكومة الاسرائيلية تغيير سياستها العوجاء، بينما لا نرى أي تقدم في النهج والتعامل والمعطيات، وهو ما جعل الخبير في الأمم المتحدة السيد ريتشارد فولك يناشد الدول الأعضاء في الامم المتحدة التحرك العاجل لانقاذ السكان المدنيين الذين يتعرضون لعقاب جماعي في قطاع غزة من خلال سياسات عوجاء توازي «جريمة ضد الانسانية»، منددا بابقاء اسرائيل على الحصار بكامل وحشيته في حين تتزايد التحذيرات الفلسطينية من مغبة المخططات الاسرائيلية التي تهدف الى تهويد مدينة القدس، والتخلص من جموع الفلسطينيين القاطنين في المدينة بأي طريقة كانت باستخدام طرق التحايل كافة والاغراءات المالية لدفعم إلى التنازل عن ملكياتهم أو منازلهم، وهناك مجموعات استيطانية اسرائيلية تعمل جاهدة على ازالة المنطقة الواقعة جنوب القدس «وادي حلوة» وازالة حي البستان وتشريد أهله القاطنين فيه، فالمخطط أصبح هدفه واضحا عن طريق هدم وازالة كل المساكن والمباني العربية لتطبيق شعار الاستيطان الاسرائيلي كما يهدف الى السيطرة على المسجد الأقصى في أسرع وقت ممكن حتى لا تتبقى أي آثار أو معالم اسلامية في القدس، والتركيز على اقامة هيكل سليمان بدل منه، وقد لاحظنا في الاونة الأخيرة أعمال الحفر المتواصلة في جميع أرجاء المسجد الأقصى تمهيدا لاقامة وبناء الهيكل المزعوم، وقد أقدم المستوطنون المتطرفون على احراق منازل عدة للفلسطينيين في مدينة الخليل انتقاما لاجلائهم عن منزل عائلة الرجبي والقرى المجاورة لها، كما دنسوا المساجد والمقابر أمام القوات الاسرائيلية بسبب احتجاجات المستوطنين اليهود على تقارير الجيش الاسرائيلي، الذي استمر بتنفيذ أمر المحكمة الاسرائيلية العليا في اخلاء منزل الرجبي الفلسطيني الواقع على الطريق التي تمتد من مستوطنة كريات أربع المجاورة للخليل الى الحرم الابراهيمي المقدس للمسلمين واليهود، والذي قام المستوطنون اليهود باحتلاله منذ عام تقريبا، كذلك أغلق هؤلاء شوارع رئيسية في منطقة نابلس ورام الله والقدس الشرقية، وأحرقوا أشجار الزيتون المثمرة انتقاما وحقدا على الأوضاع، وكتب المستوطنون عبارات مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم على جدران المساجد في الضفة الغربية، وقاموا برسم نجمة داوود على المحلات التجارية وكتابة عبارة «هذه الأرض هي أرضنا الاسرائيلية» على بعض المباني، كل هذا يحدث والحكومة الاسرائيلية تتغاضى عن هذه التصرفات وتقف موقف المتفرج! واليوم تتفنن اسرائيل في التحكم على الأوضاع الانسانية الصعبة التي يعيشها مليون ونصف المليون فلسطيني داخل أراضي غزة، فتارة تتعمد ايقاف محطة توليد الكهرباء ومنع تزويدها بالبترول والغاز، وتارة أخرى تغلق معابر غزة وتطبق حظر دخول الأوراق النقدية الى البنوك الفلسطينية، بسبب الحصار الجائر، وتحاول مضايقة السفن الخليجية، التابعة لدولة الكويت ودولة قطر وغيرها التي تحاول الوصول الى قطاع غزة لمساعدة الشعب الفلسطيني في محنته عن طريق البحرية الاسرائيلية التي تعترض لأي سفينة عربية تحمل مساعدات انسانية حيث تطلب منها الرجوع الى مرفأ العريش المصري دون ذكر الأسباب!
وبالرغم من كل هذه الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان تهدد اسرائيل بالرد على مواصلة اطلاق الصواريخ الفلسطينية من غزة، وتحمل المنظمات الارهابية مسؤولية تدهور الأوضاع في اسرائيل من دون النظر إلى ما يجري داخل قطاع غزة، فالاحتلال الصهيوني يبرر العدوان الكبير على القطاع بعدم التزام الاطراف بالتهدئة بينما هم أصلا لم يلتزموا بأي بند أو شرط من شروط التهدئة منذ بداية الازمة، ومن جانب آخر يهدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بين فترة وأخرى باجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة مطلع العام المقبل اذا فشلت المصالحة بين الحركتين، او تعثر الحوار الفلسطيني، ولكن بكل أسف لم يستطع الرئيس عباس تحقيق أي تقدم ملموس في القضية الفلسطينية على طاولة المفاوضات للآن... اذا ما فائدة الاسراع في الدعوة الى الذهاب لانتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة وسط تعثر الحوار الفلسطيني بين الفصائل؟
تستعد الادارة الاميركية الجديدة لتسلم مهامها في الوقت الذي تشهد فيه اسرائيل حالة سياسية سيئة مع جميع الاطراف، ولكن هناك مؤشرات ايجابية تفيد بأن السيناتور هيلاري كلينتون، التي ستترأس وزارة الخارجية في الأيام القليلة المقبلة، ستعمل على تحقيق عملية السلام والاستقرار في الشرق الاوسط، وتعتزم هيلاري ان تكون ضالعة ووسيطة في العملية السياسية بين اسرائيل وفلسطين، في حين ان هناك مصادر ديبلوماسية تؤكد على وجود رسالة خطية من الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما الى الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز تحوي تعهدا لاسرائيل بعدم طرح قضية القدس للنقاش خلال ولايته، اضافة الى الاعتراف بالقدس على أنها العاصمة الموحدة لاسرائيل... ترى بعد هذا، ماذا سيأتينا من جديد؟

علي محمد الفيروز
كاتب وناشط سياسي كويتي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي