التهدئة تحتضر


التهدئة تلفظ أنفاسها الأخيرة. الطرفان يتقدمان بخطوات سريعة نحو مواجهة مسلحة واسعة النطاق، هذا هو استنتاج جهاز الأمن في إسرائيل صحيح ليوم أول من أمس.
إذا كان هناك لا يزال أحد ما يوهم نفسه بأنه توجد إمكانية للانتقال السلس من التهدئة أ إلى التهدئة ب فأول من أمس تبدد أيضاً هذا الأمل الهزيل. من ناحية جهاز الأمن الانتقال من الوضع الحالي إلى أوضاع «أخرى»، ابتداء من عمليات موضعية «جراحية»، عبر إحباطات مركزة وعمليات جوية ضد أهداف بنى تحتية وانتهاء باحتلال خلايا من الأرض، هو موضوع ساعات حتى أيام معدودات. تحديث الخطط العسكرية بالنسبة إلى غزة تسارع في الشهر الأخير، وليس صدفة، والقيادة السياسية سبق أن صادقت عليها. غزة، بالمقابل، مسلحة حتى الأسنان ومتمترسة جيداً في شبكة من الأنفاق تحت الأرضي على طول عشرات الكيلومترات.
في هذه الأثناء التدهور هو على مستوى حرب الأعصاب، التهديدات وإنزال الأيدي. ينتظرون رؤية ربما أحد ما من الطرفين ينكسر وينزل عن الشجرة. ولكن الفرصة لصد التدهور متدنية. المواجهة المسلحة باتت خلف الزاوية. يمكنها أن تكون فورية، تدريجية، غداً أو بعد أسبوعين. يجب التعود على الفكرة: انتهت مرحلة.
أول من أمس وضعت على طاولة الشرق الأوسط صيغتان لمواصلة التهدئة لا تلتقيان. في القاهرة عرض اللواء عاموس جلعاد موقف وزير الدفاع الذي يقرر إنذاراً: إسرائيل لم تعد مستعدة لأن تتعايش مع التنقيط الدائم لصواريخ «القسام» وقذائف الهاون في إطار تسوية التهدئة. أما «حماس» فاستغلت يوم الذكرى لتأسيسها لعرض إنذار من جانبها: استمرار التهدئة فقط مقابل تنازلات إسرائيلية كفتح المعابر، معبر حر للبضائع دون انتقائية إسرائيلية، حركة حرة للأشخاص من القطاع وإليه، فتح معبر رفح، تحرير معتقلي «حماس» في مصر، وقف اعتقال نشطاء «حماس» في الضفة وما شابه.
إسرائيل لا تعتزم إعطاء «حماس» الخروج من هذه التهدئة بإنجازات، أما «حماس» فلا تعتزم وقف العرف الذي وضعته لنفسها: إطلاق النار نحو إسرائيل في المكان والزمان المريحين لها، فضلاً عن ذلك، فقد أعلنت أول من أمس من خلال كبار ناطقيها أنه إذا لم تلطف إسرائيل موقفها وتأتي نحوها، فإنها ستفاقم أكثر فأكثر نشاطها العسكري. إذاً ماذا تبقى؟ خطان متوازيان لا يمكنهما أن يلتقيا.
في إسرائيل نشأ أول من أمس وهم بصري على خلاف شاسع بين «حماس» - دمشق و«حماس» - غزة. هذا لا أساس له من الصحة. صحيح أن هناك خلافات بين مشعل في دمشق وهنية في غزة على مواضيع مختلفة، وتوجد أطياف مختلفة في الإعلانات، ولكن بالذات في المسألة الحالية يوجد بينهما تنسيق أكبر مما يبدو ظاهراً. مشعل في دمشق لم يقل أول من أمس أي شيء مغاير عما قاله هنية في غزة. وكلاهما في واقع الأمر قال: نحن نطالب بتهدئة أخرى، وإلا فلن تكون تهدئة.
الآن، تبدأ إسرائيل ببناء شرعيتها الدولية بضربة عسكرية في غزة ضد «حماس». الخطوة الأولى في بناء الشرعية هي إقناع العالم العربي المعتدل، والدول الأوروبية، والولايات المتحدة بأن من خرق التهدئة «حماس». وفي هذا الموضوع «حماس» بالذات لعبت أول من أمس في أيدي إسرائيل. حتى المصريين، في محادثات أول من أمس مع عاموس جلعاد، اقتنعوا بان إسرائيل محقة وأنه لا يمكن مواصلة العيش هكذا. المصريون لم يستطيبوا مظاهرة استعراض القوة الكبيرة التي أجرتها «حماس» في غزة أول من أمس بمناسبة 21 عاماً على تأسيسها، ولم يستطيبوا على نحو خاص إعلان «حماس» بان مسيرة المصالحة الوطنية مع أبو مازن انتهت، وأنه في 9 يناير سيعينون الرئيس الفلسطيني القادم، وهذا سيكون رئيس البرلمان الفلسطيني، رجل «حماس» الذي يمكث في السجن. هذا هو رد «حماس» على الخطوتين المصرية والسعودية في 26 نوفمبر لتمديد ولاية أبو مازن حتى 2010.
في ضوء أبخرة الوقود التي ترتفع إلى الهواء يوجد أيضاً بعض الحواجز. الانتخابات القريبة في إسرائيل مثلاً لا تشجع خطوة عسكرية إسرائيلية. وعليه، يواصل وزير الدفاع سياسته: إذا لم يطلقوا علينا النار، فلن نطلق عليهم. وتوجد أيضاً الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة، والتي لا يعرف أحد بعد كيف تعتزم التصرف في الشرق الأوسط.
أليكس فيشمان
«يديعوت أحرونوت»
إذا كان هناك لا يزال أحد ما يوهم نفسه بأنه توجد إمكانية للانتقال السلس من التهدئة أ إلى التهدئة ب فأول من أمس تبدد أيضاً هذا الأمل الهزيل. من ناحية جهاز الأمن الانتقال من الوضع الحالي إلى أوضاع «أخرى»، ابتداء من عمليات موضعية «جراحية»، عبر إحباطات مركزة وعمليات جوية ضد أهداف بنى تحتية وانتهاء باحتلال خلايا من الأرض، هو موضوع ساعات حتى أيام معدودات. تحديث الخطط العسكرية بالنسبة إلى غزة تسارع في الشهر الأخير، وليس صدفة، والقيادة السياسية سبق أن صادقت عليها. غزة، بالمقابل، مسلحة حتى الأسنان ومتمترسة جيداً في شبكة من الأنفاق تحت الأرضي على طول عشرات الكيلومترات.
في هذه الأثناء التدهور هو على مستوى حرب الأعصاب، التهديدات وإنزال الأيدي. ينتظرون رؤية ربما أحد ما من الطرفين ينكسر وينزل عن الشجرة. ولكن الفرصة لصد التدهور متدنية. المواجهة المسلحة باتت خلف الزاوية. يمكنها أن تكون فورية، تدريجية، غداً أو بعد أسبوعين. يجب التعود على الفكرة: انتهت مرحلة.
أول من أمس وضعت على طاولة الشرق الأوسط صيغتان لمواصلة التهدئة لا تلتقيان. في القاهرة عرض اللواء عاموس جلعاد موقف وزير الدفاع الذي يقرر إنذاراً: إسرائيل لم تعد مستعدة لأن تتعايش مع التنقيط الدائم لصواريخ «القسام» وقذائف الهاون في إطار تسوية التهدئة. أما «حماس» فاستغلت يوم الذكرى لتأسيسها لعرض إنذار من جانبها: استمرار التهدئة فقط مقابل تنازلات إسرائيلية كفتح المعابر، معبر حر للبضائع دون انتقائية إسرائيلية، حركة حرة للأشخاص من القطاع وإليه، فتح معبر رفح، تحرير معتقلي «حماس» في مصر، وقف اعتقال نشطاء «حماس» في الضفة وما شابه.
إسرائيل لا تعتزم إعطاء «حماس» الخروج من هذه التهدئة بإنجازات، أما «حماس» فلا تعتزم وقف العرف الذي وضعته لنفسها: إطلاق النار نحو إسرائيل في المكان والزمان المريحين لها، فضلاً عن ذلك، فقد أعلنت أول من أمس من خلال كبار ناطقيها أنه إذا لم تلطف إسرائيل موقفها وتأتي نحوها، فإنها ستفاقم أكثر فأكثر نشاطها العسكري. إذاً ماذا تبقى؟ خطان متوازيان لا يمكنهما أن يلتقيا.
في إسرائيل نشأ أول من أمس وهم بصري على خلاف شاسع بين «حماس» - دمشق و«حماس» - غزة. هذا لا أساس له من الصحة. صحيح أن هناك خلافات بين مشعل في دمشق وهنية في غزة على مواضيع مختلفة، وتوجد أطياف مختلفة في الإعلانات، ولكن بالذات في المسألة الحالية يوجد بينهما تنسيق أكبر مما يبدو ظاهراً. مشعل في دمشق لم يقل أول من أمس أي شيء مغاير عما قاله هنية في غزة. وكلاهما في واقع الأمر قال: نحن نطالب بتهدئة أخرى، وإلا فلن تكون تهدئة.
الآن، تبدأ إسرائيل ببناء شرعيتها الدولية بضربة عسكرية في غزة ضد «حماس». الخطوة الأولى في بناء الشرعية هي إقناع العالم العربي المعتدل، والدول الأوروبية، والولايات المتحدة بأن من خرق التهدئة «حماس». وفي هذا الموضوع «حماس» بالذات لعبت أول من أمس في أيدي إسرائيل. حتى المصريين، في محادثات أول من أمس مع عاموس جلعاد، اقتنعوا بان إسرائيل محقة وأنه لا يمكن مواصلة العيش هكذا. المصريون لم يستطيبوا مظاهرة استعراض القوة الكبيرة التي أجرتها «حماس» في غزة أول من أمس بمناسبة 21 عاماً على تأسيسها، ولم يستطيبوا على نحو خاص إعلان «حماس» بان مسيرة المصالحة الوطنية مع أبو مازن انتهت، وأنه في 9 يناير سيعينون الرئيس الفلسطيني القادم، وهذا سيكون رئيس البرلمان الفلسطيني، رجل «حماس» الذي يمكث في السجن. هذا هو رد «حماس» على الخطوتين المصرية والسعودية في 26 نوفمبر لتمديد ولاية أبو مازن حتى 2010.
في ضوء أبخرة الوقود التي ترتفع إلى الهواء يوجد أيضاً بعض الحواجز. الانتخابات القريبة في إسرائيل مثلاً لا تشجع خطوة عسكرية إسرائيلية. وعليه، يواصل وزير الدفاع سياسته: إذا لم يطلقوا علينا النار، فلن نطلق عليهم. وتوجد أيضاً الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة، والتي لا يعرف أحد بعد كيف تعتزم التصرف في الشرق الأوسط.
أليكس فيشمان
«يديعوت أحرونوت»