المعلم يشير بعصاه الطويلة إلى اللوحة، يطلب من التلاميذ ترديد هذه الكلمات «السلام، الجمال، الحب»، الطلاب يرددون خلفه هذه المفردات بصوت هادئ، يطلب منهم أن يرفعوا أصواتهم بها، وقبل ذلك أن يستشعروها فعلياً داخل أنفسهم، حتى إذا آمنوا بها وجدوها تضيء كالمصباح في قلب كل واحد منهم، الطلاب يعاودون ترديد الكلمات الثلاث بقوة أكبر وبحماس أشد، أصواتهم تهز جدران الفصل، تخرج من النوافذ إلى الفصول المجاورة، تلفت أسماع المعلمين كل واحد منهم يسمعها يرددها في نفسه، تعلو أصواتهم أكثر، الصفوف الأخرى تشعر بذبذبات معاني المفردات تهز أوتار قلوبهم، يرددون معهم بلهجة واحدة «السلام، الجمال، الحب».
المدرسة تحتفل، يخرج جميع الطلاب إلى الساحة، تنتقل العدوى إلى آخرين، المنازل المجاورة للمدرسة تلتقط هذه الكلمات، يتمتم سكانها بحروفها، أولياء الأمور يزدحمون أمام بوابة المدرسة، تدغدغ مشاعرهم، يرون مصابيح تضيء قلوبهم، ينتشون فرحاً، يتناقلونها في ألسنتهم وأفئدتهم، المدارس الأخرى تشعر بالغبطة من هذا العمل، فتدخل في منافسة وتجعله نشيداً، الإعلام يتراجع عن بعض مفرداته اللغوية، ويحرج أمام هذه المصابيح المتحركة، فيرفع شعار «السلام، الجمال، الحب» على جميع قنواته، وكالات الأنباء والصحف العالمية تتناقل الخبر، القنوات الفضائية الخارجية ترصد هذا المهرجان.
شعوب الدول المجاورة تتأثر بموجات الكلمات الثلاث، المصابيح تزداد بريقاً وتوهجاً، ترتفع الأصوات تصل إلى الشعوب المضطهدة، والبشر المشردين، والجوعى والمهمشين، تعيد إلى قلوبهم الحياة، يرون النور يشق أبصارهم، يقفون على أقدامهم، يتلحفون الأمل، يرددونها بشجاعة على صوت واحد تضج أسماع الكون، يتغير لون الأفق، تهدأ العواصف، تستقر أمواج المحيط، تتحول الأرض إلى روض أخضر تتفجر منها العيون، الحيوانات تخرج آمنة، تلتقط رزقها، الطيور تغرد بحروفها، الفراشات تنتقل بخفة، تطير بأجنحتها الغضة إلى أبعد مسافات، واحدة منها آثرت أن تسافر إلى منبع النور لتحط على عصا طويلة، بيد معلم ما زال يطلب من طلابه أن يرددوا ثلاث كلمات «السلام، الجمال، الحب».