سخاء الدولة الاجتماعي والصحي والتعليمي والإسكاني والتقاعدي يضعف ثقافة الادخار
لهذه الأسباب... الكويتي لا يدّخر


















- 520 ألف مواطن لديهم حسابات رواتب ومكافأة طلابية
- «الكويت الحنونة» لا تساعد مواطنيها... على التوفير!
- البدر: مقولة «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب» باتت شعاراً شبه جماعي
- الموسى: إذا كان النصابون سيأكلون في النهاية أموال محدودي الدخل فلِمَ لا يتمتعون هم بها؟
- الشطي: غالبية الاحتياجات المجتمعية والصحية الأساسية مضمونة ومكفولة من الدولة
- مندني: الشعب يلقى دعماً واسعاً من حكومته وهذا يقلل شهيته للتوفير
- التويجري: على البنوك أن تبذل مزيداً من الجهود في سبيل تعزيز ثقافة الادخار
- القطان: سلوك الادخار ينشط لدينا بداية من عمر الـ 30 وينخفض بعد الـ 50
لدى الكويتيين هوية اجتماعية استثنائية بمعدلات صرف عالية، وكثرة مناسبات وسفر، والإنفاق عليها أحياناً بنسب تفوق مستويات الدخل بأشواط.
علاوة على ما سبق يُفضل الكويتيون ما يعكسه أسلوب حياتهم، وأرقام قروضهم وما إلى هنالك من تفاصيل العيش بمستوى اجتماعي مشروط بألا يكون دون مستوى صرف الجيران، والأهل وأصدقاء العمل وخلافه.
فوفقاً للدراسة التي أعدتها شركة «ماكينزي أند كومباني» أخيراً لصالح بنك الكويت المركزي، وبنك الائتمان، حول القروض الاستهلاكية، ونشرتها «الراي» في عددها الصادر 8 يناير الجاري، لا تتجاوز نسبة الأسر المدخّرة في الكويت 8 في المئة فقط، وهي نسبة متدنية تعكس ضعف ثقافة الادخار محلياً.
ولعل أرقام «ماكينزي»، تجعل الكويتيين الأكثر تطبيقاً خليجياً لمقولة «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب»، معتمدين في ذلك بحسب خبراء اقتصاديين ومصرفيين، على الاستقرار المالي من جهة، وسخاء الدولة الموجه نحو دعم القطاعات الاجتماعية الرئيسية من تعليم وصحة، ونظام تقاعدي وغيره.
وحتى السكن فهو مكفول بالدستور، وتمويله ميسّر، ما أسهم من وجهة نظر المحللين والخبراء في تدني ثقافة الادخار بين المواطنين، على اعتبار أن غالبيتهم مطمئنون بأنهم ليسوا بحاجة في الوقت الراهن أو مستقبلاً إلى التوفير، كجسر للخروج من أي مأزق مالي.
وربما ما يزيد غرابة المفارقة أكثر، أنه في حين أن الكويت تصنف على أنها من أعلى الدول عالمياً لجهة عدد الحسابات المصرفية قياساً بتعداد مواطنيها، إذا تقدر بعض الدراسات المصرفية لـ«الراي» إجمالي الكويتيين الذين يتسلمون رواتب عبر حسابات مصرفية بـ520 ألفاً، تشمل العاملين في القطاعين الحكومي والخاص، والعسكريين والمتقاعدين وطلاب يتسلمون مكافآت، إلا أن غالبيتهم لا يفضل على ما يبدو الاحتفاظ بجزء من أموالهم في أوعية ادخارية طويلة الأجل أو حتى متوسطة.
وحتى من يدخر لا يخطط بحسب ما يذهب إليه المحللون للتوفير على المدى الطويل، أو حتى بمعدل عال لفترة متوسطة، فوفقاً لـ«ماكينزي» بلغ متوسط الادخار للأسرة الكويتية 279 ديناراً شهرياً فقط، على أساس متوسط إنفاق شهري يصل إلى 3072 ديناراً، وقياساً على متوسط إيراد شهري للأسرة يصل إلى 3351 ديناراً، في حين يؤخذ على دورة الادخار أنها ليست كبيرة، فغالباً ما يلجأ المدخر إلى تسييل مدخراته بعد فترة قصيرة جداً.
وبالطبع هناك أسباب أخرى لا يمكن إغفالها في تفسير تدني معدلات ثقافة الادخار المحلية، فالمواطن ورغم أنه شريك في تعزيز هذا السلوك، إلا أنه قد يكون معذوراً، وقد لا يكون.
وإلى ذلك، يرى البعض أن بيئة الادخار المحلية، تبدو فقيرة لجهة الأوعية الجاذبة لاستقطاب الفوائض الشخصية، كما أنه لا يوجد برنامج واضح للدولة يسهم في تنمية المدخرات، في حين يعتبر آخرون أن كثرة كوارث النصب على المواطنين، وتحديداً من محدودي ومتوسطي الدخل، جعلهم يميلون أكثر إلى إنفاق فوائض أموالهم، بدلاً من تبديدها مع نصاب شاطر ينصب عليهم.
«الراي» استطلعت اراء اقتصاديين ومصرفيين، وإلى التفاصيل.
يعرب عضو المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، علي رشيد البدر، عن اعتقاده بأن متطلبات الحياة باتت تتطلب صرفاً أكثر من السابق، ما يؤثر بشكل مباشر على معدلات الادخار محلياً، لا سيما أن غالبية الكويتيين يعتمدون غالباً في تغطية إنفاقهم على رواتبهم.
ويضيف البدر لـ«الراي» أنه باعتبار أن غالبية الموظفين من المواطنين يعملون لدى القطاع العام، ويقدرون بنحو 260 ألفاً، نجد أن دخل هذه الشريحة ثابت مقابل زيادة مصاريفها بشكل مستمر بسبب الرغبة في الصرف الاستهلاكي، وكذلك لارتفاع معدلات التضخم.
وينوه بأنه «رغم أن الادخار نظام تأميني، إلا أن أهميته ليس في كونه طريقة لتكديس المال بشكل جشع كما يعتقد البعض، بل في كونه نظاماً لتقليل صدمات الحياة وتحسين جودة معيشتنا، ومعيشة اُسرنا».
ويشير البدر إلى أن مقولة «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب» باتت شعاراً شبه جماعي، مدفوعة بأن الكويت توفر لمواطنيها غالبية احتياجاتهم الضرورية، وبالتالي تتدنى الرغبة في الادخار.
ويوضح أن الدول الأجنبية التي تشهد نمواً واضحاً في معدلات ادخار مواطنيها، تجد أن متطلباتهم الاقتصادية مرهونة في الأساس بقدرتهم الشخصية على تمويلها دون الاعتماد على رعاية الدولة، ومن ثم يكون احتفاظهم بجزء من أموالهم قدر الإمكان في أوعية ادخارية تضمن لهم أي متطلبات متوقعة وغير متوقعة لديهم تقليداً مستحقاً.
أما في الكويت، فيرى البدر أن هذا الحافز غير موجود، بفضل الصورة الذهنية الراسخة لدى المواطن بأن وظيفته مضمونة بمعدل دخل مناسب لوتيرة إنفاقه الحالية، وتعليم أولاده وصحتهم برعاية الدولة، وهنا يتنامى الاعتقاد بعدم الحاجة إلى الادخار أو لتغيير سلوكه الإنفاقي، وهو مطمئن أن راتبه لن ينقطع بفضل ضمانة الدولة له.
علاوة على ذلك، يلفت البدر إلى أن طبيعة الكويتيين تتميز بالصرف المرتفع على متطلبات حياتهم المليئة بالمناسبات كعرف اجتماعي يبرز مظاهر الغنى والمستوى الاجتماعي ومحاكاة الجيران والأهل، كما أن حاجتهم إلى السفر تصنف على أنها أولوية عن التوفير، إضافة إلى أنهم يعتمدون على الخدم بشكل كبير، ولذلك تجد توافقاً مجتمعياً بأن معدل الدخل يكفي فقط للمصاريف، وبالتالي لا يوجد فائض لادخاره.
من جانبه، يشير رئيس مجلس إدارة البنك التجاري السابق، علي الموسى، إلى أن تدني ثقافة الادخار بين المواطنين الكويتيين لا يحمل أي مفاجأة، ويوضح أنه ليس لديهم فائض يدخرونه.
ويقول لـ«الراي» إن «حال الكويتيين مثل بقية العالم، لا يوجد ما يكفي من الأموال للصرف المناسب وفي الوقت نفسه للتوفير»، لكنه يلفت في الوقت نفسه إلى أن وجو نمط استهلاكي في الكويت قلّل القدرة على التوفير، ويرى أن ذلك قد يكون السبب الرئيس وراء عدم تكوين غالبية الأسر للأموال من باب التحوط.
إلا أن الموسى يأخذ النقاش في هذا الخصوص إلى مكان آخر، ويرى أنه لا يتعين تغافل أهميته، حيث يشير إلى أن كوارث النصب التي حلت بالمواطنين الكويتيين منذ أزمة المناخ لا سيما على محدودي الدخل سواء الصغار أو المتوسطون منهم جعلتهم غير متحفزين للتوفير، فإذا كان النصابون سيأكلون أموالهم في النهاية فلمَ لا يتمتعون هم بها؟
وينوه الموسى بأن السؤال الذي يطرح نفسه بين الكويتيين من الفئة المحدودة والمتوسطة هو «ماذا أفعل بأموال ادخاري؟، فما أستطيع تكوينه من رأسمال سيكون صغيراً قياساً بدخلي، وفي هذه الحالة فإن النصابين الشطار سيحتالون عليه أما عقارياً أو استثمارياً، وإن لم يحدث ذلك فسيلتهمه التضخم».
ويعتقد الموسى أن ما يذكي هذا السلوك أكثر أن الدولة لا تشجع على تنمية أموال المدخرين، فالأوعية الادخارية المشهورة محلياً تكاد تكون محصورة في الودائع، وأسعارها غير مغرية، واستمرت لفترة طويلة تتراوح بين 1.5 إلى 2 في المئة، وباعتبار أن المواطن المدخر لمبلغ 50 ألف دينار لا يجد من يرحب به إلا النصاب، تفضل شريحة كبيرة من المواطنين الاستمتاع بإنفاق أموالها بدلاً من ضياعها.
إضافة إلى ذلك، يلفت الموسى إلى نظام التقاعد المحلي سخي، ويقوم على استثمار مؤسسة التأمينات للمدخرات، فالكويت اختارت تشجيع المتقاعدين بالمساهمة في الاستقطاعات بجانب صاحب العمل، وحصة الموظف، ما يدفع إلى تقليل شهية المواطن على التوفير لمستقبله.
تكوين ثروات
بدوره، يقول رئيس اتحاد المصارف، رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الأسبق، عبدالمجيد الشطي، إنه لا يوجد في الكويت حافز ملح يدفع إلى التوسع في الادخار، فغالبية الاحتياجات المجتمعية والصحية الأساسية مضمونة ومكفولة من الدولة.
وفيما يشدد الشطي في تصريح لـ«الراي» على أن الكويتي قادر على الادخار بحكم معدلات الدخل المشجعة على ذلك، إلا أنه يوضح أن أعداداً كبيرة من المواطنين لا ترغب في اتخاذ قرارات ادخار والتقيد اقتصادياً بثقافة تلزمهم باقتطاع جزء من أموالهم في أي من أشكال الادخار التقليدية أو حتى المتطورة، مدفوعين بقناعة أنه لا يوجد ما يستدعي التوفير من أجله.
ويلفت الشطي في الوقت نفسه إلى وجود شريحة من المواطنين استطاعت تكوين ثروات كبيرة بفضل اعتمادها على الادخار والشراء، حيث قادتها خططها الاقتصادية والاحتفاظ بجزء من الأموال بشكل ثابت إلى بناء رأسمال يدعم مستقبلها والحفاظ على المستوى المعيشي لأسرها.
ويضيف أن البعض يؤمن بالفعل بأهمية التوفير ودوره في تعزيز الحياة الاقتصادية للأسر على المدى الطويل، لا سيما الذين يفضلون تعليم أولادهم في مدارس خاصة، والذين يخططون للخروج من طوابير انتظار السكن الحكومي والانتقال إلى سكن بديل موقت، لكنه يضيف أن في المقابل هناك جزء أكبر غير متحفز للادخار.
ويوضح الشطي أن البيئة المحفزة للادخار ترتكز في الأساس على تأمين الاحتياجات الضرورية، وفي مقدمتها التعليم والصحة والسكن، وجميع هذه المتطلبات متاحة محلياً بدعم حكومي، بخلاف العديد من الدول التي يتعين فيها على المواطن القيام بترتيب أوضاعه المالية لا سيما في ما يتعلق بتعليم أولاده، أو التأمين على حياته صحياً، أو شراء منزل، وإلا سيتعرض لأزمة حقيقية.
ويرجح الشطي احتمالية قدرة الشخص العامل في القطاع الخاص على توفير جزء من دخله، قياساً بنظيره موظف القطاع العام، الذي يتميز بتدني معدلات ادخاره وكذلك شهيته على ذلك.
شهية الادخار
أما رئيس الخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المالية الخاصة للمجموعة في «بيت التمويل الكويتي» (بيتك) وليد خالد مندني، يشير إلى أن الشعب الكويتي يلقى دعماً واسعاً من حكومته، وأن هذا يقلل شهيته وحاجته للادخار مثل شعوب أخرى.
ويبين لـ«الراي» أن الجزء الأكبر من المواطنين لا يهتم بتكوين رأسمال ادخاري، على أساس أن الأسباب التي تجعله يفعل ذلك غير متوافرة في الكويت، فالحكومة تقدم رعاية صحية وتعليمية مناسبة إضافة إلى تأمين التوظيف، وتأمين راتب تقاعدي وهم أكثر المحددات التي تجعل الفرد يقرر التخطيط للإنفاق من عدمه.
ويلفت مندني إلى أنه في المقابل توجد شريحة من المواطنين تتبنى التفكير الادخاري، ولديها ثقافة التحوط لمستقبل أسرهم، ولذلك دائما يقتطعون جزءا من دخلهم وبشكل ثابت من أجل المحافظة على مستوى معيشي مناسب في جميع الظروف.
ويضيف أن معدل الاقتطاع الثابت للشريحة متوسطة الدخل يتراوح بين 100 إلى 150 ديناراً، وهو معدل رغم أهميته كتوجه، لكنه لا يستقيم مع معدل العائد.
ويرى مندني أن معدل المدخرين من الكويتين لا يزال دون الطموح، فوفقاً لاستبيان أعده «بيتك» شمل 10 آلاف عميل من المواطنين حول خططهم الادخارية، تتضمن 10 أسئلة، أبدى نحو 700 عميل رغبتهم في الادخار، في حين لم يستجب نحو 93 في المئة للمشاركة في الاستبيان من الأساس، ما يعكس عدم اهتمامهم بمثل هذه المنتجات.
ويشير مندني إلى أن محدودي الدخل ومتوسطيه يمثلون الطبقة المستهدفة في غالبية خطط البنوك، موضحاً أن مرتفعي الدخل يفكرون دائماً في تحسين معدل ثرواتهم، أما محدوي ومتوسطي الدخل فيميلون إلى تكوين روؤس أموال، ولذلك يفكرون في الادخار وبالإمكان استقطابهم.
الافراط الاستهلاكي
من ناحيته، يوضح نائب الرئيس التنفيذي لبنك بوبيان عبدالله التويجري، أن انخفاض ثقافة الادخار المحلي ترجع إلى وجود قناعات لدى جزء كبير من الأسر بانخفاض أهمية الادخار، وتدني فاعليته في تحقيق طموحاتها، بفضل الرعاية الخدمية التي تقدمها الدولة والتي تجعل جزءاً كبيراً من المواطنين معتمداً على الحكومة في بناء خططهم الاقتصادية، وهذه هي القناعات يجب تغييرها وزيادة التثقيف المالي الذي يوضح أهمية الادخار ومخاطر الإفراط في الإنفاق الاستهلاكي.
ويضيف التويجري لـ«الراي» أن معظم الخدمات الأساسية التي يحتاجها أي مواطن عموماً، مدعومة بالفعل في الكويت، وأبرزها المتعلقة بقطاعي التعليم والصحة.
ويبين «حتى السكن مكفول من الدستور بدعم وتمويل ميسر، ما يضعف من حوافز الإدخار، ويعزز من التوجه نحو زيادة الانفاق الاستهلاكي».
ويفيد بأن الاستقرار المالي يجعل ثقافة الادخار غير مدرجة في غالبية إستراتجيات إدارة الأسر الاقتصادية، خصوصاً لدى متوسطي ومحدودي الدخل، الذين يفترض أن يكونوا أكثر ميلاً إلى تنظيم مستقبلهم، باقتطاع جزء من دخلهم الحالي.
وفيما يشير إلى أن الشباب يتحمل عبء تكلفة السكن المستأجر حتى يحصل على بيته من الدولة، وهذا يقلل قدرته على الادخار، باعتبار أن الانفاق على هذا البند يشكل ضغطاً على دخلهم، إلا أنه على العموم يؤكد التويجري أن الكويتي قادر على الادخار المبنى على حسابات تدفق الأموال، باقتطاع جزء من دخله بشكل ثابت، مدعوماً بارتفاع معدلات الرواتب المعززة بكوادر حكومية، أو دعم عمالة بالنسبة للعاملين في القطاع الخاص.
ويخلص التويجري إلى أن رغم اتصال شريحة من المواطنين بشكل مستمر بأدوات الإدخار المختلفة التي تطرحها البنوك، إلا أنه يعتقد في المقابل أن ثقافة الاحتفاظ بجزء من الأموال في أوعية إدخارية ثابتة لا تزال غير منتشرة في الكويت، وأن على البنوك أن تبذل مزيداً من الجهود في سبيل تعزيز ثقافة الادخار.
أغطية للصرف
وفي السياق ذاته، يوضح نائب المدير العام للمجموعة المصرفية للأفراد في بنك الخليج، محمد القطان، أن الظروف الاقتصادية لكل بلد تشكل مؤشراً مهماً في تكوين ثقافة ادخار مواطنيه، ويعتبر أن تزايد التوقعات المتفائلة بالاستقرار المالي في الكويت تدفع أكثر باتجاه تثبيط رغبة الغالبية في الادخار.
ويشير القطان لـ«الراي» إلى أن الحكومة في بلد مثل الكويت تتكفل بتوفير أغطية لغالبية أدوات الصرف المعتاد مواطن في دول أخرى كثيرة الصرف عليها من دخله، أو على الأقل المشاركة في الإنفاق عليها بمعدل معين.
ويوضح أن الحكومة توفر رعاية صحية وتعليماً بالمجان لمواطنيها، كما أن الكويتي يشعر بمعدل أمان عال في ما يتعلق بوظيفته، والحصول على سكن، حتى راتبه التقاعدي يعد مناسباً للعيش قريباً من المستوى نفسه إلى حد كبير في جميع الظروف الطبيعية.
ويذكر أن استقرار دخل المواطن، وتمتعه بنظام تأميني محلي، يصنف على أنه بين أفضل الأنظمة التقاعدية في المنطقة، يجعل توجه المواطن لاقتطاع مالي ثابت بشكل آلي من راتبه فكرة غير منتشرة في المجتمع.
وينوه إلى اعتبار آخر يتمثل في أنه كلما ارتفع مستوى التعليم عند الفرد زاد اهتمامه بالادخار، على اعتبار أن الفئة التي تتمتع بمستوى تعليم عال تحظى عادة بمعدل دخل أعلى، ما يحفز هذه الفئة على الاعتماد على ثقافة الادخار والتحوط للمستقبل.
ويكشف القطان بأنه وفقاً للدراسات المعدة في هذا الخصوص، يتضح أن سلوك الادخار لدى الكويتيين يبدأ ينشط في أعمار تتراوح بين 30 إلى 50 عاماً، فيما ينخفض هذا السلوك في فترة العشرينات نظراً لزيادة توجه هذه الفئة نحو الصرف، وكذلك خلال مرحلة الخمسينات التي تعد الأسوأ، فيما يتجه منحنى الادخار إلى الصعود مرة ثانية في بداية الستينات، ويضيف أن إجمالي متوسط الحد الأقصى الدارج للقيمة الادخارية للأسرة الكويتية يتراوح بين 1500 إلى 2000 دينار.
15 خدعة للادخار
طرح موقع «Huffington Post» أفكاراً وخدعاً عدة تستطيع من خلالها تحقيق هذا الادخار، أبرزها:
1 - جمع الفكة في حصالة.
2 - توفير المبالغ الإضافية.
3 - تحدي الادخاربإفراغ محتويات المحفظة بشكل يومي من جميع الأموال من الفئات الأقل عند الإمكان.
4 - اختيار أي رقم عشوائي من خلال القرعة، وإخراج المبلغ المطابق لذلك الرقم لادخاره.
5 - تحديد مبلغ معين لادخاره في أول أسبوع من الشهر، ثم مضاعفته في الأسبوع الثاني من الشهر، وهكذا، من ثم تكرار ذلك في الشهر التالي.
6 - إعداد تحويل آلي بشكل شهري، ويفضل أن يكون التحويل لحساب بنكي عبر الانترنت لأنه غير قابل للصرف.
7 - فتح حسابات فرعية بأسماء معينة، مثل: سيارة جديدة، أو رحلة صيفية.
8 - الشراء باستخدام البطاقة البنكية لتجنب الحصول على الفكة التي تعد هدراً للمال، ويمكن تحويل مبلغ الفكة إلى حساب الادخار.
9 - التعامل مع تسليم مبلغ الادخار كباقي الفواتير التي تصدر شهرياً، ووضع منبه تذكيري بموعد التسليم.
10 - الاقتراح على أحد الأصدقاء البدء في منافسة لادخار المال، وتحديد هدف لتحقيقه معا.
11 - يحفز الرقم الذي ندخله لأجل الادخار على مزيد من الادخار.
12 - التوقف عن العادات السيئة مثل التدخين، واستخدام قيمة شراء السجائر كمبلغ للادخار، وتخفيف استخدام السيارة واستبداله بالمشي لادخار قيمة الوقود.
13 - تغيير العادات المسلية ذات التكلفة العالية حيث يمكن الالتقاء مع الأصدقاء في المنزل عوضاً عن الذهاب إلى المطاعم أو المقاهي.
14 - يفضل ادخار جميع الأموال الموجودة في جيوب الملابس، وذلك عند تنظيفها قبل الغسيل.
15 - وضع خطة بسيطة لتحقيقها عند الوصول للمبلغ المطلوب ادخاره، كالخروج في نزهة عائلية، أو شراء شيء جديد ترغب به.
الادخار... فن
الادخار فن اقتطاع مبلغ من المال وحفظه بعيداً عن الأيدي للاستفادة منه وقت الحاجة، ما يساعد الإنسان على إيجاد أمن مالي يستعين به في ترتيب أموره وتعديل أحواله المالية في حال احتاج إلى ذلك، وقد تزايدت أهمية الادخار كونه يساعد على تخطّي الأزمات والأوقات العصيبة، ويشكِّل خطّ الدفاع الأوّل عند الطوارئ، إضافة إلى أنه يعزِّز تشكيل الثروات، الأمر الذي يساعد الاقتصاد على تقديم المزيد من رأس المال للاستثمارات.
«اصرف ما في الجيب»
كثيراً ما تتردَّد على مسامعنا المقولة الشهيرة «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب»، تنطلق من أفواه الكثيرين، عندما يصرفون أموالهم بلا تخطيط أو ترشيد في الاستهلاك، فيظنون أنها دعوة للتبذير والإسراف.
كما أن أخرين يُردّدون عبارة «القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود» في إشارة إلى ضرورة ادّخار مبالغ مالية ربما سيحتاجون إليها وقت الضرورة، فيدعوهم ذلك إلى البخل حتى على أنفسهم.
وفي الحقيقية إن «اصرف ما في الجيب» ليست إلا تحفيز نحو ترك البخل والشح، في حين أن «خبّئ قرشك الأبيض ليومك الأسود»؟ مدعاة إلى ترك التبذير والاقتصاد.
ولعل قوله تعالى «ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط» توضح بأن الغاية المقصودة هي الاعتدال في إدارة الشؤون المالية، من غير إسراف ولا تقتير، ومن ثم لا تكن بخيلا على نفسك ولا على الآخرين، لكن من المهم ألا تكون مسرفا في الإنفاق، لأن ما من أحد يضمن مستقبله، لذا فإن الادخار فعل حكيم بشكل عام.
الأعلى اقتراضاً
في الكويت
وفقاً لدراسة «ماكينزي» تشكل الفئة العمرية بين 25 إلى 34 عاماً أعلى عدد من جملة مقترضي فئة القروض الاستهلاكية والمقسطة في الكويت، حيث يحصل 81 في المئة من هذه الشريحة التي يبلغ إجمالي قواها العاملة 170253 ألفاً، وذلك بمعدل 139195 ألف مقترض، وبمتوسط مديونية يبلغ 22122 ديناراً.
وتأتي الفئة العمرية بين 35 إلى 44 عاماً في المرتبة الثانية لجهة عدد المقترضين الذين يشكّلون 87 في المئة من إجمالي قواها العاملة، والمقدرة بـ128385، إذ يبلغ عدد مقترضيها 111283 مقترضاً، بمتوسط مديونية 27826 ديناراً.
كما جاءت الفئة العمرية بين 45 إلى 54 عاماً في المرتبة الثالثة، بعدد مقترضين وصل إلى 76290، وذلك بمتوسط مديونية تقدر بـ27742 ديناراً، ما يشكّل 135 في المئة من إجمالي القوى العاملة لهذه الشريحة البالغة 56625 ألفاً.
في المقابل، احتلت الفئة العمرية 55 عاماً وما فوق، وتشمل المتقاعدين ومن ينطبق عليهم شروط التعاقد، المركز الأخير لعدد المقترضين والأعلى لجهة نسبتهم إلى إجمالي القوى العاملة، فوفقاً لـ«ماكينزي» هناك 56.392 ألف مقترض بهذه الشريحة يشكّلون 374 في المئة من إجمالي القوى العاملة «بالغ عددهم 15062 ألفا» بمتوسط 15237 ديناراً.
وتأتي الفئة العمرية الأقل عمراً، والتي تبدأ بـ24 عاماً، في المرتبة الأخيرة، سواء لجهة عدد المقترضين أو لنسبتهم إلى إجمالي قواها العاملة، حيث يقترض 63 في المئة من هذه الشريحة البالغ إجمالي قواها العاملة 33599 ألفاً، وذلك بمعدل 21083 ألفاًَ، بمتوسط مديونية 14259 ديناراً.
الإماراتي الأكثر
ادخاراً خليجياً
خليجياً تحظى الإمارات بأكبر نسبة من المدخرين بانتظام، وفقاً لما كشف عنه تقرير «مؤشر الادخار للعام 2017» وأوربياً كشفت دراسة أجرتها شركة «PiggyBank»، أن واحداً من كل 10 بريطانيين، سيئ في إدخار المال، ووصف حوالي خمس المواطنين أنفسهم بأنهم منفقون بدلاً من مدخرين، ولم يفكر ثلثهم أبداً حتى في تقليص نفقاته ووضع المزيد من الأموال في مدخراته.
ووجدت الدراسة، أن 9 في المئة يفضلون إنفاق دخلهم والاستمتاع به الآن، بدلاً من ادخار المال لغرض معين، فيما يعتبر الألمان من الأكثر توفيراً للمال، حتى إن مستويات ادخارهم وصلت إلى حدٍّ عرضهم للانتقادات من بقية شعوب أوروبا.