ضوء
الحاجة



في حياتنا اليومية وفي كل لحظة تُحرك الإنسان حاجات كثيرة، ويعرّف الدكتور عبدالمنعم حنفي الحاجة: «بأنها شعور المرء بأن شيئاً ما ينقصه أو يلزمه، وتُطلق الحاجة بعض الطاقة، وتُضفي قيمة على الأشياء وتُولد قوة لها حجم واتجاه».
وتنقسم إلى حاجات الأداء: وتعني نزعة المرء إلى أداء عمل أو نشاط معين بهدف ذاته، مثل السمع والكلام والنظر.
والحاجات البيولوجية التي تنمو من الطبيعة في الكائن منذ الميلاد، وتنقسم إلى نوعين: حشوية، كالحاجة إلى الطعام والماء، وحسية، كالحاجة لأن نختبر ما حولنا بحواسنا.
وقد أشار (فروم) إلى أربع حاجات ضرورية للفرد هي: الحاجة إلى الانتماء الاجتماعي، والحاجة إلى احترام الذات، والحاجة إلى الهوية، والحاجة إلى الانضباط الاجتماعي. وطبقا لنظرية (ماسلو) فإن هناك مجموعتين أساسيتين من الحاجات هما: الفسيولوجية، والنفسية، وتنتظم في شكل هرمي، وتأتي في أسفل الهرم الحاجات الجسمية، ثم الحاجة إلى الأمن، يليها الحاجة إلى الانتماء والحب، ثم الحاجة إلى التقدير والاحترام، وأخيراً الحاجة إلى تحقيق الذات، والأخيرة معنية بتحقيق الفرد لطاقاته أو إمكاناته الكامنة إلى الحد الأقصى الذي يصل من خلالها إلى الرضا الذاتي، لكي يكون الإنسان ما يستطيع أن يكون، ويعتمد تحقيق الذات أيضا على الفهم والمعرفة الواضحة لدى الشخص بإمكاناته الذاتية وحدودها، فلا بد لنا أن نعرف ما يمكننا أن نفعله قبل أن نفعله.
ويرى (ميللر) أنه توجد لدى الفرد ثلاث حاجات أساسية هي: الحاجة إلى النمو في جميع النواحي، والحاجة إلى أن يكون للفرد ميول، كالرغبة في اتخاذ الأصدقاء، وممارسة الهوايات، والحاجة الثالثة أن يكون محبوباً من المحيطين به ومرغوبا من زملائه ورؤسائه ومرؤوسيه.
أما العالم (موراي) فلقد نظر إلى الشخصية كتكوين فرضي يسيطر على الخبرة ويحكم أنماط فعل الفرد، باعتبارها قوة في الدماغ تنظم الفعل والإدراك والعمليات المعرفية الأخرى لإشباع تلك الحاجات، وهي تقود الإنسان لأن يبحث عن الملابسات الملائمة له ويتجنب غير الملائمة، فهي إذاً القوة الدافعة والموجهة لسلوك الفرد.
ولقد تأثر (موراي) إلى حد بعيد بنظرية التحليل النفسي لدى (فرويد)، خصوصاً بالتأكيد على الأهمية الكبرى للدوافع اللاشعورية والعقل الباطن.
وقسم (موراي) الحاجات إلى أولية و ثانوية، أو حاجات ظاهرة وكامنة، أو حاجات شعورية ولا شعورية، أو حاجات متركزة ومنتشرة، أو حاجات إيجابية واستجابية، وبذلك أوضحت نظرية (موراي) مفهوم الحاجة إلى حد بعيد، ووضعته موضع التحليل الدقيق، كما قدمت تصنيفاً كاملاً للحاجات من زوايا مختلفة.
ولقد قسّم بعض المختصين الحاجات إلى حاجات أساسية وأخرى ثانوية، ومن الحاجات الأساسية: الحاجة إلى الحب والانتماء والاستقلالية، والحاجة إلى الإنجاز والتقدير، والحاجة إلى الدفاع عن النفس، بالإضافة إلى الحاجات المعرفية التي ذكرها (بلوم) في هرمه المشهور التي تتمثل في المعرفة والفهم والتطبيق والتحليل والتركيب والتقويم. ولقد حددت (بربارة كلارك) الحاجات الأساسية في خمسة مجالات: الحاجات المعرفية أو العقلية الناتجة عن الجانب العقلي التجريدي، والحاجات النفسية الانفعالية الناتجة عن الجانب الشعوري الوجداني، والحاجات الاجتماعية الناتجة عن تفاعل الجانب الإنساني مع البيئة، والحاجات الحدسية الناتجة عن الجانب الإبداعي، والحاجات الجسمية الناتجة عن الجانب الحسي المادي.
يقول الدكتور أحمد أوزي: من الضروري توافر الحاجات الأساسية في تنشئة الفرد: الحاجة إلى الحب، الحاجة إلى الأمن، الحاجة إلى المدح والتقدير، الحاجة إلى التعرض لخبرات وتجارب جديدة، والحاجة إلى الحركة سواء باللعب أو بالعمل.
ومن أهم الطرق لإشباع الحاجات النفسية والاجتماعية لدى الإنسان ما يلي:
- تشجيع الفرد على التعبير عن حاجاته وأفكاره وآرائه.
- صرف الطاقة النفسية للفرد في وجهات اجتماعية مرغوبة.
- تدريبه على التعبير عن رغباته بشكل لا يؤذي الآخرين.
- عدم الاستعانة في تربية الفرد على أساليب التخويف دون تبصر، بل توظيف التخويف بشكل إيجابي يزيد من الإبداع ولا يقمعه.
- صرف الطاقة النفسية لدى الفرد في الأنشطة الفنية والرياضية وغيرها من مجالات الموهبة والميول والهوايات.
إننا نؤمن بأن معرفة النفس أهم الخطوات لمعرفة الآخرين ولفهم كل ما حولنا، لذا على المرء أن يعرف نفسه جيدا، ويحدد حاجاته وكيفية تحقيقها.
[email protected]