ربيع الكلمات

مخاض الشرق الأوسط ... طويل!

تصغير
تكبير

ما يحصل في العالم العربي من سقوط مثير للإحباط، خصوصاً فيمن كان يحلم بعالم عربي جميل صالح للسكن، يعيش حياته بكل حرية ويعبر عن رأيه بكل أريحية، تسود فيه الديموقراطية في جو صحي متصالح مع الطرف الآخر الذي يشبهنا إلى حد التطابق.
لكن مع الأسف أن هذا الانحدار الحاصل بالشرق الأوسط يبدو أنه طويل، ولكن النتائج ستكون كارثية في المستقبل القريب والبعيد، فهناك حروب في دول عربية عدة بعضها انتهت وأخرى ما زالت مستمرة، والنتيجة ملايين الأيتام والأرامل الذين يعيشون بلا معيل، وإلى هذه اللحظة من الصعوبة أن تجد إحصائية بعدد الأيتام والأرامل نتيجة الحروب المشتعلة في اليمن وسورية وبقية البلدان.
ولكن ما يثير الدهشة عدم وجود إيمان صادق لحل هذه المشاكل الشائكة والمستعصية في الوقت نفسه، فلا أحد تجد بيده طوق النجاة لانتشال العالم العربي من الغرق، وأعتقد هناك صعوبة بالغة، والسبب كثرة الأحمال على ظهر الغريق والذي لا يريد التخلص منها والنتيجة زيادة في الغرق، والتي تمثل عدم الاعتراف بالمشكلة أصلاً، والسبب هو أن الطائر الذي ولد في القفص يعتقد أن الطيران خارجه جريمة. وكما يقول آنشتاين: «السذاجة هي أن نفعل الأمور نفسها بالطريقة نفسها ونتوقع نتائج مختلفة»، إذا كنّا نحمل في نفوسنا البذور التي أدت إلى غرقنا ولا نريد التخلص منها، فلن ننهض أبداً وسندور ونعمل من دون نتائج تذكر.


مشكلتنا في العالم العربي أنه عند حدوثها نهرب للأمام بدل حلها، فنلوم «الصهاينة» مثلاً، وغيرها من الأعذار الواهية التي تسبب لنا شعورا بالرضا الآني... ولكن تفقدنا المستقبل بكل أدواته.
ومن نافلة القول إن الشرق الأوسط اليوم يمر بمخاض، ولكن من غير المعلوم متى ينتهي هذا المخاض، ويخرج إلى النور المولود الجديد المتمثل في سيادة القانون ونبذ التعصب والإرهاب، وأن يكون هناك تعليم جيد ورعاية صحية جيدة ونهضة في شتى المجالات.
ويجب أن نعي أن النجاح والتطور متاح للجميع «الأفراد والدول»، ولكن يحتاج إلى أدوات وإدارة حصيفة، وأن نسأل الناجحين كيف نجحوا في الوصول إلى القمة حتى نسلك طريقهم، ولعل خير مثال في ذلك هي سنغافورة والنرويج.
وسنغافورة مثلاً عبارة عن جزيرة بلا موارد طبيعية، وأصغر من جزيرة بوبيان الكويتية، وتعتبر البلد الأصغر في جنوب شرقي آسيا، وحصلت على الاستقلال سنة 1965، وأصبح القائد  لي كوان يو، ليجد المشاكل التي لا تعد ولا تحصى، كالبطالة والفساد الإداري وأزمة السكن. وشعب خليط من مختلف الأعراق والأجناس من الصين والهند. واليوم تعتبر سنغافورة عاشر أغنى دولة في العالم من حيث احتياطي النقد الأجنبي في عام 2018، وأكثر البلدان استقراراً سياسياً في آسيا، وفق تقرير التنافسية العالمي.
أما النرويج فقد تجاوز صندوقها السيادي 860 مليار دولار، رغم أنه أنشئ العام 1990 وفعل في 1996، ونجحت بأن تجعل إيرادات النفط لا تزيد على 30 في المئة من إجمالي الإيرادات الحكومية، والقطاع النفطي يمثل فقط 23 في المئة‏ من الناتج المحلي. ولديها كمية كبيرة من الأسماك، حيث تبلغ صادراتها السنوية 10 مليارات دولار. ووفق دراسة البنك الدولي، لسهولة أداء الأعمال فقط، احتلت النرويج المرتبة السادسة من أصل 185 دولة، وفي النزاهة حلت في المرتبة السابعة من 176. وفي مؤشر التنافسية السنوي جاءت في المرتبة الحادية عشرة من 148.
في الختام نتمنى للمولود - الذي سيولد في الشرق الأوسط - أن يكون مكتمل النمو... خاليا من الأوهام، وأن يستطيع الطفل أن يعيش في جو صالح للطفولة من دون عقد، وعندما يكبر يتم التعامل معه على أساس كفاءته وليس بسبب انتمائه.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي