قراءة / كتابها يوثق لمجالات ثقافية عديدة / ليلى محمد صالح ترصد «شموس لا تغيب» في جبين الكويت

تصغير
تكبير
| كتب المحرر الثقافي |
تحرص الأديبة الباحثة ليلى محمد صالح على أن توثق للحياة الثقافية والأدبية والفكرية في الكويت، من خلال سلسلة كتب تصدرها بين الفينة والأخرى... وكان آخر ما طرحته للمكتبة الكويتية كتاب «شموس لا تغيب» وهو كتاب توثيقي، تجدد فيه الباحثة مشروعها الثقافي، الذي بدأته منذ زمن بعيد منذ كتابها «أدب المرأة في الكويت» والذي صدر عام 1978، ثم «أدب المرأة في الجزيرة والخليج العربي» والذي صدر الجزء الأول منه عام 1983، والجزء الثاني عام 1987، ومن ثم كتاب «أدباء وأديبات الكويت أعضاء رابطة الأدباء»، وصدر عام 1996.
والأديبة ليلى محمد صالح رغم مشاغلها في الشأن الأدبي من خلال مجموعاتها القصصية التي تصدرها بالتتابع، بالاضافة الى اعدادها للبرامج الثقافية والأدبية الاذاعية، الا انها تعمل على توثيق الحركة الثقافية والادبية، بمجهود شخصي... ومن خلال حسها الوطني، الذي يدفعها الى مثل هذه الاعمال المهمة.
تقول ليلى محمد صالح في مقدمة كتابها تحت عنوان «تاريخ وطن يبدأ بتاريخ أبنائه»: «الكتاب محاولة لرسم ملامح شخصيات من أعلام النساء والرجال في الكويت الحديثة، تلك الشخصيات المتألقة بالعلم والفن والأدب، والتي استطاعت أن تؤكد دورها الابداعي وتضيء الطريق نحو الآفاق العالية في موكب التقدم والرقي الفكري. وقد اعتمد منهجي في الكتابة على سيرهم الذاتية عبر لقاءات أجريتها معهم ونشرت في الصحف والمجلات المحلية والخليجية والعربية، أو عبر الاتصالات واللقاءات والمتابعات التي رصدت دورهم الخالد والمتميز في عالم الابداع. والقصد من ذلك تسليط الضوء على العطاء الثري المتعدد والنماء المتنوع والطموح الكبير في مجال الثقافة والفن والدور الانساني المتفوق لكل واحد منهم.
ان الواقع الثقافي في الكويت مزين بورود الابداع لان الثقافة في الكويت لها أصول وجذور وماض جميل... وهي منذ القدم مبنية على اسس سليمة تمتد الى أكثر من نصف قرن من تاريخ الكويت الحديث. كما ان دولة الكويت تتمتع بحرية الرأي والرأي الآخر، بالاضافة الى ما تتمتع به من حرية في النشر والبحث العلمي من خلال مؤسساتها العلمية والثقافية واصداراتها البارزة التي تتميز بها».
وقسمت صالح كتابها الى ثمانية فصول تحدثت فيها عن الشعر والسرديات، والفنون والاعلام، والمجال الديبلوماسي، ثم المجال السياسي، والعمل التطوعي، والتراث، والمجال الأكاديمي.
وبالتالي فقد غطت في هذا الكتاب مساحة كبيرة من الحياة الثقافية والابداعية في تاريخ الكويت لتقول في ما يخص الشعر والسرديات: الحركة الأدبية في الكويت لها أصول وجذور وماض جميل، وهي مبنية منذ القدم على أسس سليمة قد تمتد الى أكثر من نصف قرن ساهمت الكويت من خلالها في عطاءاتها في الادب والشعر والقصة والرواية. والحركة الادبية حظيت بالعديد من الأدباء والشعراء الذين قدموا الدراسات الادبية والنقدية في الادب الكويتي، وفي الحركة الشعرية في الكويت، وفي فضاءات الرواية والقصة القصيرة الكويتية، سعيا لاعطاء صورة صحيحة لمراحل هذه الحركة التي تضم رموز الثقافة والأدب في الكويت، وتسليط الضوء على إبداعهم... ان الادب الحق هو الذي يسعى الى استكشاف الظروف والعوامل التي تجعل الابداع ميسورا أو معاقا في الانتاج، والانتاج بدون الابداع يكون تقليديا، فالمبدع هو المبدع الذي يجذب القارئ الى متابعة نصه السردي او الشعري.
ووضعت مقدمته في سياق حديثها عن الفنون من تمثيل وغناء وموسيقى وتشكيل قالت فيها: «ان الفنان الاصيل يولد في الفن ويعيش فيه ويتنفس من خلاله، وكل فنان لا يحس بانتمائه الى تراث وطنه، ولا يحاول جاهدا ان يقف على سيرة تفاصيله الدقيقة يعتبر فناناً ضالاً، لا يستطيع ان يحقق دوره كانسان ناجح ملتصق بفنون وتراث مجتمعه. لذا كان المجتمع ومازال في حاجة ملحة دائما الى الفنان الصادق الذي يمتاز بعمق الشعور وصدق التعبير، لأن الفنان يأخذ من المجتمع نغمة ايقاعه ومشاعره ويمزجها مع رغبته الذاتية وقدرته الخاصة على تشكيل انتاجه الفني».
في حين قالت صالح في سياق حديثها عن الإعلام من إذاعة وتلفزيون: «الاعلام سلاح ذو حدين... اما بالايجاب أو السلب، وكثير من دول العالم تحارب بالاعلام قبل السلاح. وعصرنا هذا الذي نعيش فيه هو عصر الإعلام المتطور تطورا سريعاً نتيجة الانفجار التقني لتكنولوجيا الاتصالات العلمية واستخدام الاقمار الاصطناعية، حيث فتح عصر الفضاء مجالا كبيرا لوصول الكلمة والصورة عن طريق وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة. ان الإعلام اليوم اصبح منارة تشع معرفة للثقافة والفنون والصحافة، كما غدا جزءاً أساسياً من حياة الناس، فهو من اكبر العوامل المؤثرة في المجتمع بفضل ما يقدمه من معلومات واساليب الترفيه والتثقيف والقدرة على الاقناع بشكل واضح وصريح أو بشكل خفي ومستقر».
وقالت عند تطرقها للمجال الديبلوماسي: ان حقوق المرأة هذه لم تأت إلا بعد ان اثبتت المرأة ان لها دورا كبيرا عبر التاريخ، وانها قطعت اشواطا مهمة في مسيرتها منذ عهد الغوص حين كانت تدير شؤون البيت اثناء غياب الزوج في رحلة الغوص والسفر رحلة القوت ورزق البحر، وفي الاحتلال الآثم عذبت في الداخل وقاومت واسرت واستشهدت، وفي الخارج كان دورها مشرفا في توصيل صوت الكويت اعلاميا في المحافل العربية والعالمية، كذلك ساهمت بعد التحرير في حركة البناء والنمو.
بالاضافة إلى حديثها عن المجال السياسي وحقوق المرأة الذي قالت فيه: «يعتبر الفن السياسي والفن الديبلوماسي ارضا للواقع، لأن الحقائق في عالم اليوم الصعب سريعة التغيير والانتقال، فهي كالرمال المتحركة في الصحراء، لذا ينبغي ألا تكون المجاملة على حساب الحقائق. والعمل الديبلوماسي بقدر ما هو باهر ومشع ولاهث نحو كل جديد، هو أيضا يشكل عبئا متعبا في بروتوكولاته، فمن خلاله يلتقي الديبلوماسي الذي يمثل بلده بجميع السياسيين من مختلف الاتجاهات والثقافات والايديولوجيات، لذا فهو يحتاج إلى المزيد من الخبرة والثقافة والتحدث بأكثر من لغة، كما يحتاج إلى المزيد من الصبر والفهم والجهد لتعزيز العلاقات الإنسانية، ولإظهار الوجه المشرق لوطنه».
اما في مجال العمل التطوعي فقد أوضحت انه رائد وواسع في الكويت منذ القدم لتقول: «ميدان العمل التطوعي الاهلي في الكويت رائد وواسع منذ القدم. واهل الكويت جبلوا منذ القدم على العمل الذاتي الإنساني، فهم يقدمون الخير والجهد والمبادرات التي تدعم الوطن والمواطنين دون مقابل وبلا منة ولا شكر. لأن التطوع متأصل في نفوسهم منذ ان تبرعوا بإنشاء المدرسة المباركية عام 1911م، حيث ساهم ابناء الكويت في دعمها ماليا، كما ساهموا بالتعليم فيها وادارتها وتوفير احتياجاتها، حتى صمودهم وكفاحهم امام المحتل الآثم عام 1990م، فقد سطروا مآثر وبطولات وكانوا في الاحتلال ابطالا في تطوعهم وعطائهم وتفانيهم لبذل الغالي والنفيس فداءً لهذا الوطن الكويت، فداءً للكويت الأبية وطن الخير والعطاء والسلام».
وأكدت ان «للتراث قيمة مهمة استفاد منها الباحثون في النواحي الفنية والأدبية، ولعل التراث الأدبي الفني الإنساني كشف ومازال يكشف عن تطوير التفكير والاحساس والشعور عند الإنسان جيلا بعد جيل، وهو ضروري للوجود الإنساني، وقيمته قيمة إنسانية تكمن في ما يصوره لنا من المعاني السامية عبر العصور. ان القيمة الحقيقية للتراث ليست نهائية، فقيمة التراث المحلي العربي لا يمكن ان نتصورها في شكل مجلدات ضخمة نكتفي بها وتكتفي بها الاجيال الناشئة عن طريق التقليد او التأمل في صوره القديمة».
وأخيرا قالت الصالح في ما يخص العمل الاكاديمي: منذ افتتاح جامعة الكويت عام 1966 وحتى يومنا هذا تخرج العديد من الاساتذة الاكاديميين في مختلف فروع العلم والادب والثقافة، دخلوا معترك الحياة في المجتمع، واسهموا في نمو الحياة الفكرية والثقافية والاقتصادية، قدموا البحوث الاكاديمية العلمية والاقتصادية والدراسات الادبية والتاريخية والجغرافية والفلسفية وفي البيئة والنباتات والبترول وجيولوجيا الأرض والسكان. وكل مواضيع هذه البحوث والدراسات قيمة، لها دور كبير فعال يخدم مجتمع الكويت. ومن الاساتذة الاكاديميين في جامعة الكويت والمتميزين في بحوثهم اخترنا وسنختار لاحقا بعض الاسماء من الذين كان لبحوثهم الاثر والاسهام في تطوير تنمية البحوث وربطها بقضايا المجتمع.
وما يجب التأكيد عليه ان كتاب «شموس لا تغيب» يعد من الكتب المهمة، تلك التي توثق للشخصيات المبدعة في الكويت من خلال وضع تعريف لكل شخصية على حدة، واعطاء فكرة واضحة عنها تفيد الدارس والباحث والمتابع.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي