حروف نيرة

تحذير من الأربعين!

تصغير
تكبير

يحتار الإنسان بين ما تميل إليه نفسه وهواه، وما يرفضه عقله وفكره، وإن وجد في الاختيار صعوبة ومشقة على النفس، فإنه ينظر إلى عاقبته ويأخذ بالأنفع في مآله، ولا يجعل هواه يغلب عقله وينظر إلى الراحة الموقتة وينسى ما بعدها، قال بعض العلماء: «الفكرة مترددة بين الشهوة والعقل، يخدمها العقل فوقها، والشهوة تحتها، فمتى مالت الفكرة نحو العقل ارتفعت وشرفت وولدت المحاسن، وإذا مالت إلى الشهوة تسفّلت إلى أسفل السافلين، وولدت القبائح».
لا تجعل خطواتك في هذه الحياة إلا بأوامر وتوجيهات عقلية، ولا تجعل عواطفك تحكمك، واعلم أن العقل نوعان غريزي واكتسابي، فالغريزي ما يكون موجوداً مع المولود، كعقله للارتضاع، وأكل الطعام، وضحكه ممّا يَسُرهُ، وبكاه مما لا يهواه، وامتناعه مما يضره، كل هذا يعقله بالعقل الغريزي، ثم يكتسبً الصبي زيادةً في العقلِ على مُرور الأيام إلى أن يبلغ أربعين سنة، فحينئذٍ يكمل عقله.
يولد الإنسان على الفطرة والغريزة ثم ينتقل إلى الأخذ بالعلم والاكتساب حتى يصل مرحلة الكمال العقلي، قال تعالى: (حتَّى إذا بلغَ أشدَّه وبَلغَ أربَعين سنة)، وبلغ أربعين سنة، أي سن الاستواء، وهو الاكتمال الجسمي والعقلي، ولأجل ذلك كانت هي السن التي بعث الله تعالى فيها نبينا الكريم، وكذلك غيره من الأنبياء والمرسلين.


وقد أكد الاكتشاف العلمي الحديث وأظهرت تجارب المسح بالرنين المغناطيسي على الدماغ أنه لا يكتمل نمو الدماغ إلا مع نهاية سن الأربعين، وهذه السن التي حددها القرآن الكريم قبل قرون؛ فإن النمو يستمر حتى نهاية سن الأربعين من عمر الإنسان.
سن الأربعين علامة فارقة في حياة الإنسان تجعله يقف مع نفسه وقفات ويُقبل على ربه بالطاعات، ويزيد من همته طالباً رضا الله تعالى، تقول الآية الكريمة: ( حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ).فالإنسان ينظر إلى هذه المراحل ويجتهد في اكتساب العلم الذي يزيده رفعة في الدنيا والآخرة، وكلما تعلّم اتعظ وأكثر في تقربه إلى الله تعالى، وزاد حذراً في كل خطوة من خطواته.

[email protected]
aaalsenan @

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي