بيلوسي أشارت إلى «محاولة فاضحة» لتقويض التحقيق الروسي
الرئيس الأميركي يطرد وزير العدل ويتعهد بالرد إذا فتح الديموقراطيون تحقيقات



لم تتأخر مفاعيل انتصار الحزب الديموقراطي في الانتخابات النصفية الأميركية في الظهور، وكانت اولى بوادرها قيام الرئيس دونالد ترامب، بطرد وزير العدل جيف سيشنز، في خطوة تشي ببعض الذعر الذي يشعر به جراء سيطرة غالبية ديموقراطية على مجلس النواب، وهو ما يفتح ابواباً واسعة لتحقيقات قد يقوم بها الديموقراطيون في امكانية تواطئه مع الحكومة الروسية، اثناء الانتخابات الرئاسية قبل عامين.
وفي هذا الإطار، هدد ترامب بالرد إذا استخدم الديموقراطيون غالبيتهم الجديدة لفتح تحقيقات في إدارته وموارده المالية.
وسيشنز (71 عاماً) هو الثالث، والأعلى مرتبة، من بين العاملين في وزارة العدل ممن طردهم ترامب حتى الآن بسبب اشرافهم على التحقيق الخاص المتعلق بروسيا، بعد طرد وكيلة وزارة العدل سالي يايتس بعد اسابيع على تسلمه الحكم، مطلع العام الماضي، وتخلصه من رئيس مكتب التحقيقات الفيديرالي (اف بي آي) جيمس كومي، بعد ذلك بأشهر.
ولطالما دأب الرئيس على تقذيع سيشنز ودعوته، في اطلالاته الاعلامية، وزير العدل الى الاستقالة، ليرد سيشنز بأنه لن يستقيل من تلقاء نفسه، وانه اذا كان الرئيس يريد طرده، فليقم بذلك.
وسيشنز كان من اول السياسيين المؤيدين لترشح ترامب الى الرئاسة، حينما كان عضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية ألاباما. لكن بعد كشف صحيفة «واشنطن بوست» عن اتصالات كان سيشنز اجراها بسفير روسيا السابق في واشنطن سيرغي كيسيلياك، وهي اتصالات نكرها سيشنز اثناء جلسة المصادقة على تعيينه، قام وزير العدل السابق بتنحية نفسه عن الاشراف على اي تحقيق يتعلق بالشأن الروسي، وهو ما احال الاشراف على التحقيق الى وكيله، رود روزنستاين، وهو ممن عينهم ترامب.
لكن غضب الرئيس ثار بعدما أعلن روزنستاين تعيين روبرت مولر، وهو مدير سابق لـ«اف بي آي»، محققا خاصا في ملف روسيا، فراح ترامب يسعى اقناع سيشنز بالعودة عن تنحيه لاستعادة الاشراف على عمل مولر، وخنق التحقيق.
تعيين ترامب لرئيس موظفي سيشنز، ماثيو ويتيكر وزيرا للعدل بالوكالة، يعني نقل التحقيق من اشراف روزنستاين إلى اشراف ويتيكر، وهو من اليمينيين المتشددين ممن عبروا مرارا عن رغبتهم بنسف تحقيق مولر واستبداله بتحقيق يستهدف السياسيين الديموقراطيين.
وخلال مؤتمر صحافي اتسم بالتوتر وشهد جدال ترامب مع صحافيين، تباهى الرئيس بدوره في المكاسب التي حققها الجمهوريون في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس التي جرت الثلاثاء، وحذر من «وضع يشبه الحرب» في واشنطن إذا قام الديموقراطيون بالتحقيق معه.
وقالت نانسي بيلوسي، زعيمة الديموقراطيين والتي يمكن أن تكون الرئيسة التالية لمجلس النواب، في بيان على «تويتر»، إن الإطاحة بسيشنز «محاولة فاضحة» لتقويض التحقيق الروسي. وحضت ويتيكر، على أن ينأى بنفسه عن التورط في الأمر.
وقال ترامب إن بوسعه أن يقيل مولر وقتما يريد، لكنه متردد في اتخاذ هذه الخطوة. وأضاف: «أستطيع أن أفصل الجميع في التو لكنني لا أريد أن أوقفه (التحقيق)، لأنني من الجانب السياسي لا أحب أن أوقفه».
وأكد أنه على استعداد للعمل مع الديموقراطيين في شأن الأولويات الرئيسية، لكنه يشعر بأن أي تحقيقات من مجلس النواب في أمر إدارته ستضر بآفاق العمل المشترك.
وتابع ترامب: «بوسعهم أن يلعبوا تلك اللعبة، لكن بمقدورنا لعبها في شكل أفضل... كل ما ستفعلونه هو أنكم ستدورون في حلقات مفرغة وسيمر عامان ولن نكون حققنا شيئا».
على ان شريحة واسعة من المراجع الدستورية، اعتبرت ان خطوة ترامب بتجاوز سلسلة القيادة في اي وزارة، ونقل مقادير السلطة فيها الى مسؤولين غير مصادق عليهم في مجلس الشيوخ، هي خطوة غير دستورية.
لكن من يحاسب لا دستورية الرئيس؟ الاجابة غامضة، فمجلس الشيوخ هو المعني اساساً بالاشراف والمصادقة على التعيينات الحكومية، والمجلس حاليا تسيطر عليه غالبية تابعة للجمهوريين، ما يعني انها لن تحاسب ترامب.
على ان فوز الديموقراطيين بغالبية مجلس النواب، تعني انه يمكنهم اقامة تحقيق منفصل يجبر إدارة ترامب على التعاون. المشكلة في فوز الديموقراطيين انهم لن يتسلموا ادارة الكونغرس حتى مطلع العام المقبل، وهي تبدو مهلة كافية لترامب للاطاحة بمولر وتحقيقه، ولمحاولة طمس اي استنتاجات توصل اليها حتى الآن، من دون ان يتمكن الديموقراطيون من حماية مولر وتحقيقاته بسبب الاسابيع التي تفصلهم عن سيطرتهم على الاكثرية.
اما ترامب، فسيواظب على وصف التحقيق بأنه «صيد ساحرات»، وبأنه لم يكن هناك اي تواطؤ بينه وبين الروس، وهو ما يعني، انه ان كان ترامب بريئاً، كما يدعي، فلماذا يسابق الزمن لطرد المحققين واغلاق الملف؟