نسمات

إلى متى الجدل حول منع الكتب؟!

تصغير
تكبير

لو أراد أبناؤك تكوين مكتبتهم الخاصة في البيت والتي تضم ألف كتاب، فهل ستكون ظالماً إذا طلبت منهم استبعاد 20 كتاباً من هذه الكتب، لأن محتوياتها لا تتناسب مع أعمارهم أو ثقافتهم أو القِيم التي ربيتهم عليها؟!
لا أدري لماذا يتكرر الجدل في كل عام حول رقابة الكتب في معارض الكتاب، التي تنظمها الكويت وتستقطب فيها آلاف العناوين من جميع بلدان العالم، ولماذا ينظم البعض اعتصامات واحتجاجات حول منع بعض الكتب والعناوين، فمن ضمن هذه الكتب الممنوعة هنالك كتب تعلّم الناس السحر والشعوذة وكتب تعلّم تصنيع السلاح وارتكاب الجرائم وكتب للجنس والدعارة!
يقول المدافعون عن حرية عرض كل شيء بأن الإنسان يستطيع الوصول إلى هذه الكتب الممنوعة من خلال شبكة الإنترنت، وأن من حق الإنسان أن يقرأ كل شيء، ونحن نسأل: كم عدد الذين سيدخلون على الإنترنت للوصول الى هذه الكتب وماذا يستفيدون من الوصول لها ونشرها بين الناس؟!


لا شك أن الرقابة هي الحامية للنشء، كما نصت المادة 15 من الدستور على أن: «ترعى الدولة النشء وتحميه من الاستغلال وتقيه الإهمال الأدبي والجسماني والروحي»، وهل يمكن أن تؤدي الدولة دورها هذا إن كانت لا تتدخل في ما ينشر في ربوعها من سموم وقاذورات تفتك بالمجتمع؟!
إن تصوير الرقابة على الكتب في الكويت بأنها تدخّل في شؤون الناس وهيمنة للمتطرفين على عقول الناس، وبأنه كبت للحريات، هو تصوير بعيد عن الواقع، فكلنا نحرص على حرية الوصول إلى المعلومات، التي تفيد الإنسان وتنمي معرفته، لكن لابد من استبعاد السموم التي تدمر أخلاق الناس وعقيدتهم، وقد تابعت كثيراً من الاعتصامات التي تطالب بالسماح لجميع الكتب بالنشر، فوجدت أن القائمين على كثير منها هم أصحاب المكتبات التي تبيع تلك الكتب الممنوعة، ويكفي أن نستمع الى الوكيل المساعد في وزارة الإعلام الكويتية الذي لا يمكن اعتباره من التيار المتشدد، وهو يشرح أن وزارته قد سمحت ببيع أكثر من 208 آلاف كتاب في معارض الكتاب، وان ما لا يتجاوز 2 في المئة من الكتب غير مجاز، مع إعطاء الحق للناشر للجوء إلى لجنة التظلمات وللقضاء الكويتي لمنع حجب كتبه!
وأيضا الجدل حول المجسّمات!
تفجرت قضية أخرى في الآونة الاخيرة تتعلق باستخدام تقنيات عالية الجودة لإنتاج مجسمات ثلاثية الأبعاد للأشخاص، واعتبرها البعض أصناماً ولا بد من منعها، بينما اعتبر آخرون منعها هو محاولة لقمع الحريات والإبداع!
وقد تعجبت من حدة خطاب نائب ليبرالي في تسفيه مَن يحرّمون تلك المجسمات، واتهامهم بشتى التهم دون مراعاة لمشاعر علماء دين ودعاة الى الله واستخدامه للهجة الازدراء والتسفيه، التي من شأنها تعميق الكراهية بين أفراد المجتمع ودق إسفين بين مكوناته!
تكلّم الشيخ نايف العجمي - وزير الأوقاف الأسبق - باستطراد حول الموضوع، وبيّن أن علماء الإسلام مجمعون على تحريم صناعة التماثيل، التي تمثل ذات الأرواح، ثم فصل في التفريق بين التماثيل والأوثان والأصنام، وليس كل التماثيل والأوثان تُعبدُ من دون الله، ثم بيّن الحكمة من تحريم تلك المجسمات بأنها من باب سد الذرائع ولمنع ذريعة الغلو في الصالحين أو التبرك بهم - وهو غالب شرك الأمم من قبلنا!
أنا متأكد من أن أحداً في الكويت لن يعبد تلك المجسمات في القريب العاجل، لكن ما الذي يمنع من سد ذلك الباب الذي قد يجر إلى الشر؟!
أخيرا فقد بيّن الدكتور نايف بأن الشريعة الإسلامية قد سمحت بتصوير تلك المجسمات في العديد من الحالات، مثل لعب الأطفال وتدريب طلبة الطب وللعلم الجنائي وفي كل ما فيه امتهان لتلك المجسمات!
كل ما نطالب به هو احترام مشاعر الناس ومعتقداتهم، وعدم التعجل باتهامهم أو الحط من شأنهم إذا كنا نطمع في إقامة مجتمع متحاب ومتجانس!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي