من يعتقد أن ملف المكيفات العاطلة في المدارس أخذ أكبر من حجمه، فهو ما زال يعيش بعقلية الهون أبرك ما يكون، وحتى في موضوع المطالبة باستقالة معالي وزير التربية بسبب هذا الموضوع، بصفته المسؤول سياسياً عن هذا الملف، فإن الأمر لا يخضع للمبالغة كما يرى البعض.
بل هكذا يجب تحريك المراقبة والمحاسبة بشكل صحيح، للقضاء على أي إهمال أو تقاعس، وتقديم العبرة للجهات والإدارات الحكومية الأخرى، وإعلامها باليقظة وعدم التساهل مع التقصير صغيراً كان أم كبيراً.
لكن لا تخلو بعض الدعوات لاستقالة الوزير، من انتقام لحزمه في كشف ومحاسبة أصحاب الشهادات المزورة، ومحاربة ظاهرة الغش في المدارس، وتقاعس بعض مديريها، وهي أمور لا تناسب بعض أعضاء مجلس الأمة، من نواب الخدمات والواسطات والمحسبوية، ونصرة القبيلة والطائفة على حساب الوطن.
لقد فتح النائب الأول وزير الدفاع الشيخ ناصر الصباح الباب، والإيذان بالمحاسبة عن التقصير والإهمال، من خلال الحزم واستخدام القانون ولجان التحقيق ذات المصداقية، وليس الشكلية التي كانت تشكل سابقاً لذر الرماد في العيون.
وتبعه في ذلك معالي وزير التربية، بتحويله قياديين في التربية للتحقيق وربما معاقبتهم لاحقاً، والعقبى أن يحذو كل قياديي الدولة والحكومة، حذو هذا النهج الذي يثلج صدور المواطنين، والذي كانوا ينتظرونه منذ عقود طويلة، فقد كانوا يحلمون بأن يصحو الوطن ويشفى من سقم طويل.
المطلوب ليس إيقاظ ضمائر القيادات، فنحن نحسن الظن في ضمائرهم، بل إن المطلوب تغيير ثقافة التعامل ومواجهة مسؤولياتهم، من دون تردد أو وجل أو خوف من أصوات بعض أعضاء مجلس الأمة العالية.
وعلى المسؤولين أن يعرفوا أن أكبر مسجل للتاريخ هي الشعوب، والتاريخ لا يرحم ولا يعفو ولا ينسى أي جرح أو خدش على جسد الأوطان، وعلى هؤلاء المسؤولين أن يخشوا حساب المواطنين العسير، الذين لم يعودوا يثقون ببعض نوابهم.
وليس على أي قيادي أن يخترع أو يبتدع أي وسيلة أو معجزة لتحسين أداء وإصلاح وزارته أو إدارته، فالدستور موجود والقانون أيضاً موجود والكفاءات موجودة، فلا عذر لإصلاح بيئة وأسلوب ونهج العمل.
[email protected]