يتوقّع قادة فيها أن يصبح العبادي «مرسي العراق»

«المقاومة العراقية»... وجّهتْ الإنذار الأوّل لأميركا

تصغير
تكبير

تُرخي عملية ليّ الأذرع بين أميركا وإيران بثقلها على العراق الذي يتخبط تحت وطأة الاضطرابات الداخلية التي بدأت من الجنوب وأتاحت لبعض الساسة محاولة إثبات سيطرتهم على الشارع خصوصاً في ظل غياب الدولة والحكومة.
وتدور المعركة الحقيقية بين ممثل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، السفير بريت ماكجورك، وممثل إيران الجنرال قاسم سليماني حيث يحاول الطرفان التحايل على ما يصعب تَجنُّبه. وقد ولّد هذا «مقاومة عراقية» جديدة ليس فقط ضدّ أميركا في العراق بل أيضاً ضدّ عراقيين يتفيئون الدعم الأميركي.
وقد وصف قادة في هذه «المقاومة» رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي بأنه يسير على خطى الرئيس المصري المخلوع والمسجون محمد مرسي وبأنه «مرسي العراق». وتم توجيه التحذير الأول ضدّ التدخل الأميركي في السياسة العراقية (انظر عدد «الراي» 6 سبتمبر) بصواريخ أطلقت على «المنطقة الخضراء» في بغداد، قرب السفارة الأميركية، وسقطت في أرض مهجورة، ما يدل على إطلاقها على أيدي خبراء بحيث لا تتسبب بوقوع إصابات «لكنها تفي بالغرض: على أميركا رفْع يدها عن العراق»، كما قال أحد قادة «المقاومة العراقية» لـ «الراي».


في هذه الاثناء، استغلّ السيد مقتدى الصدر الوضع غير المستقر في البصرة لتأكيد سيطرته على الشارع، علماً ان تأثيره في هذا الشارع يعود الى شعبية والده الراحل التي ورثها عنه ويستخدمها في مناسبات عدة.
ليس هناك أدنى شك أن العراق لا يملك قائداً سياسياً قادراً على السيطرة على الشارع مثل الصدر. ومع ذلك فهو لا يملك المعرفة والأهداف الاستراتيجية للاستفادة من هذه السيطرة سوى زرْع الخوف بنفوس الساسة المحليين من حلفائه وخصومه على السواء.
وما حدث في الأيام الأخيرة في البصرة من حرق دار البلدية كان ردّ فعل من الناس الغاضبين من سوء الأحوال وعدم وجود أبسط الاحتياجات الأساسية المشروعة (مياه شرب عذبة، كهرباء، فرص عمل، بنية تحتية) التي تفتقر اليها المدينة الغنية بالنفط منذ أكثر من ثلاثة عقود. ومع ذلك فان حرق مكاتب أحزاب مثل عصائب اهل الحق، بدر، كتائب حزب الله العراق، سيد الشهداء والفضيلة (كلها أحزاب يعارضها مقتدى وبعضها انسلخ عنه) والتي انتصرت على «داعش»، ليس بعيداً عن أوامر مقتدى.
ويعتقد الصدر خطأ أن بإمكانه هزيمة كل الجماعات الشيعية سوية. لكن هؤلاء لا يرغبون بقتال جماعات مقتدى ويتقبّلون الضرر المادي لمقراتهم (لتجنب ما حدث لحزب الله وحركة أمل في الثمانينات في لبنان) وهو ما يسمح له بفرد ذيل الطاووس من دون منازع.
وفي بيانه الأخير حذّر الصدر «السياسيين المحليين من أي تدخّل في شؤون البصرة وحصر ذلك بالقوات الأمنية والسياسيين المختصين وإلا سيحدث ما لا يتوقّعه أحد». لكنه استثنى على ما يبدو نفسه وجماعته لاعتقاده بأحقيته بأن يكون رأس حربة في ما يحدث في البصرة بينما يتمتّع بحياة هادئة في النجف الأشرف.
ويَعتبر العديد من الساسة ان تحالف مقتدى مع العبادي المدعوم أميركياً مُرْبِك، هو الذي قاتل أميركا في العراق 2004 وكانت - حسب قناعته - تحاول اغتياله ما دفعه للجوء الى إيران التي لجأ اليها.
ويَعتقد أحد قادة «المقاومة العراقية» الذي فضّل عدم ذكر اسمه في حديثه مع «الراي» ان «من غير المستبعد ان ينتهي العبادي الى مصير محمد مرسي لتعاونه مع أعداء العراق (أميركا)»، كما «ليس مستبعداً ان تأخذ المقاومة بزمام الأمور في العراق ضدّ كل مَن يدعم أميركا ونفوذها، من دون استثناء العبادي او النواب برفع الحصانة عنهم وحتى القادة العسكريين. لن يُسمح بقواعد أجنبية لأيّ كان».
وفي إشارة الى الادّعاء بأن ايران سلّمت صواريخ بالستية للحشد الشعبي، قال القيادي «انه أسلوب اميركا لتبرير الهجوم على المقاومة كما سمحت لإسرائيل بقصف (الحشد) على الحدود العراقية. وأي عدوان على المقاومة سنردّ عليه بمهاجمة القواعد الأميركية في العراق. لسنا بحاجة لصواريخ بالستية لإخراج أميركا من بلادنا».
الوضع السياسي غير المستقر او أي احتمال حرب أهلية لا يصبّ في مصلحة إيران بل يقع ضمن مصلحة أميركا، وهذا ما يدركه القادة العراقيون. ومع ذلك، لافشال وصول رجل أميركا الى السلطة فإن من غير الواضح كيف سيخرج الفريق المُناهِض لأميركا بأضرار قليلة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي