واجب الدعاة إلى الله اليوم، أن يرغّبوا الناس في العلم، في حضور دروس العلماء، ويدعوهم إلى القبول منهم، ويحذروا التنفير من أهل العلم المعروفين بالعقيدة الصحيحة، والدعوة إلى الله عز وجل، وليعلموا أن كل إنسان له أخطاء، فلا أحد يسلم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون».
قال مالك رحمه الله: «ما منا إلا راد ومردود عليه، إلا صاحب هذا القبر»، يعني الرسول صلى الله عليه وسلم. فكل عالم له أخطاء، فالواجب أن ينبه على أخطائه بالأسلوب الحسن، وينصح بالرفق في دعوته، فالواجب على الدعاة إلى الله أن يتبصروا، وأن يرفقوا، وألا يتعجلوا، وأن يتحروا الحق، وأن يحذروا أسباب الشحناء والعداوة، بل عليهم أن يحرصوا على كل أسباب الاجتماع بين أهل العلم في دعوتهم إلى الله وترغيبهم للناس في الخير.
واجب العلماء اليوم التعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق والرفق في ما بينهم، والحرص على إزالة أسباب الفرقة والاختلاف، والتفاهم في الأخطاء، كل واحد يخطئ لا بد من التفاهم بين الجميع بالمكاتبة أو بالاجتماع أو بالهاتف، حتى تزول الفرقة حتى تزول الوحشة، وحتى يجتمع الجميع على الحق والدعوة إليه، في مساجدهم وفي بيوتهم، وفي الدواوين، فالواجب التعاون على البر والتقوى، والتناسي عما قد يقع من زلة وهفوة، من ذا الذي لا يخطئ وكل بني ادم خطاء وخير الخطائين التوابون، المهم أن تكون الدعوة على منهج الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وأتباعهم بإحسان، والمنهج قائم على كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام لا على الأهواء والتحزب ولكن على كتاب الله وسنة رسوله ولا على التقليد لفلان وعلان، يقول الله جل وعلا: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا» ويقول سبحانه: «وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ»، هذا هو الواجب على الجميع، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر»، فالعالم المجتهد إذا أخطأ له أجر الاجتهاد، وإذا أصاب له أجران، مادام موحدا قاصدا للخير، فقد يغلط فإن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر، المهم أن تكون أصوله مستقيمة، وأن يكون على الطريق السوي على طريق سلف الأمة علما وعملا وسمتا وهديا، تابعاً لأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ولأئمة الإسلام، يريد تفهيم الناس الخير وحثهم على الطاعة وترك المعصية، ويريد كفهم عن محارم الله، يريد كفهم عن البدع التي انتشرت بين الناس، وليس بشرط أن يكون معصوماً، العصمة للرسل في ما يبلغون عن الله، لكن يجتهد ويحرص على طلب الحق بالأدلة الشرعية ولا يمنع ذلك من الاستعانة بإخوانه بالمشورة والبحث والمناصحة، فالواجب على كل داعية وعلى كل عالم أن يخلص لله وأن يكون هدفه الحق، قصده الحق، قصده توجيه الناس إلى الخير، ليس له قصد آخر من رياء أو سمعة أو طلب حمد الناس، أو غير هذا، إنما يقصد بدعوته إلى الله، وتعليم الناس، يقصد وجه الله، يقصد إخراجهم من الظلمات إلى النور، يريد إخراجهم من أسباب الهلاك، إلى أسباب السعادة، يريد إبلاغ رسالة الله وهذه أشرف المهمات اليوم.