العبادي خسر الجولة الأولى كـ «حصان أميركي» في العراق

No Image
تصغير
تكبير

تجلى الصراع الأميركي - الإيراني واضحاً في البرلمان العراقي في جلسته الأولى التي بقيت مفتوحة الى حين بتّ المحكمة الاتحادية قرارها حيال الكتلة الأكبر التي ستكون لها كلمة الفصل في اختيار الرؤساء (مجلس النواب ونائباه، رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية).
لكن فشل رئيس حكومة تصريف الأعمال حيدر العبادي في تقديم لائحة الكتلة الأكبر بشكل لا لُبس فيه يُظْهِر أن أميركا تحتاج لوقت إضافي -ومعها حلفاؤها- لزيادة الضغط لمحاولة كسر المرشح المنافِس للعبادي. إلا أن النتائج، مهما أدت في نهاية المطاف، تدل على أن إيران لها جذورها وأن أميركا لا تستطيع السيطرة على بلاد ما بين النهرين وعزْل طهران عنها.
فماذا حصل؟


هناك كتلتان تحاولان جذْب ما تستطيعان من السنّة والأكراد والشيعة وسط خلاف حاد شيعي - شيعي، سني - سني، وكردي - كردي. وهما كتلتا حيدر العبادي - مقتدى الصدر ونوري المالكي - هادي العامري.
وقد أَخْرج تحالف العبادي - الصدر وثيقةً تُظْهِر توقيعات رؤساء الكتل السياسية التي تؤيده والى جانب الأسماء عدد المقاعد النيابية (بلغت 181 نائباً)، بينما أَخْرج تحالف المالكي - العامري وثيقة موقّعة من 153 نائباً من الكتل النيابية كافة بما فيها كتل يدعي هذا التحالف تمثيلها.  ومع تقديم الكتلتين اللوائح الى رئاسة مجلس النواب، كلّ مدّعياً تمثيل الكتلة الاكبر، ما كان من رئيس المجلس الأكبر سناً إلا أن تسلم الوثيقتين وحوّلهما الى المحكمة الاتحادية للبتّ بصلاحية هذا الادعاء.
وضمن لائحة العبادي - الصدر هناك كتلٌ خرقتْها لائحة المالكي - العامري ومنها:
• لائحة كتلة النصر التابعة للعبادي نفسه: من أصل 42 نائباً هناك 21 وقّعوا شخصياً مع المالكي - العامري (حركة عطاء 6، الحزب الاسلامي 5، المؤتمر الوطني العراقي 4، الشمري 2، احمد الجربا 2 ومستقلان 2).
• الانبار هويتنا: نائبان خرجا من التكتل ووقّعا شخصياً مع المالكي - العامري.
• ائتلاف الوطنية لأياد علوي: 9 نواب خرجوا من الكتلة وذهبوا الى المالكي - العامري.
• القرار: 11 نائباً ذهبوا الى المالكي - العامري.
• صلاح هويتنا: نائب واحد ذهب الى المالكي - العامري.
وبهذا هناك 44 نائباً من أصل 181 اعتبر تحالف العبادي - الصدر انهم خرجوا من الكتل وانضمّوا الى المعسكر الآخر.
ولكن ما رأي المحكمة الاتحادية بذلك؟
هناك أكثر من سابقة ماثلة، في أعوام 2010، 2014 و 2018 اذ أعطت المحكمة الاتحادية رأيها بصراحة قائلة: «يصبح النائب حراً بالانتقال الى اي كتلة يشاءها بعد أدائه اليمين الدستورية».
هذا يعني أن العبادي - الصدر قدّموا وثيقة صالحة ولا لُبس فيها بامتلاك العدد الأكبر قبل أداء النواب الجدد لليمين الدستورية. لكن النواب أدوا القسَم وأصبحوا في حلّ من الكتل التي تبنّتْهم ورشّحتْهم. وبذلك تكون لائحة العبادي - الصدر سقطت واستطاعت كسب الوقت فقط للسماح بالمشاورات والمفاوضات التي بدأت بعد الاستراحة الأولى للجلسة الأولى لمجلس النواب.
ولم يحسم الأكراد موقفهم بانتظار قرار المحكمة الاتحادية ليعرف هؤلاء مَن سيفاوضون قبل إعطاء أصواتهم للكتلة الأكبر. وحتى لو أعطت المحكمة الاتحادية الصلاحية لكتلة المالكي - العامري فإن انحياز الأكراد الى جانب الكتلة الثانية المناوئة يمكن ان يغيّر المسار لمصلحة العبادي.
اذاً لم تنتهِ لعبة شد الحبال بين أميركا وإيران على الساحة العراقية لأن التحالفات يمكن ان تغيّر المعادلة. لكن طهران أثبتت أنها تملك دعم أكثر من 150 نائباً داخل البرلمان العراقي وبالتالي فإن أميركا لن يهدأ بالها في العراق حتى ولو انتصر مرشّحها.
لم يشهد العراق انقساماً حاداً بين كل الطوائف الرئيسية والأحزاب السياسية منذ العام 2003. والتنافس الحقيقي هو بين الكتل الشيعية لأن هؤلاء يمثلون بين 60 في المئة الى 65 في المئة من سكان العراق وبالتالي لديهم أكثرية مجلس النواب وهم الذين يقررون سياسة البلاد بالتوافق مع السّنة والاكراد الذين لهم وزنهم في تقرير هوية الرؤساء (الكتلة الأكبر المقررة) بتحالفاتهم.
ومن المعروف في بغداد أن أميركا وسفراء دول عربية يمارسون كل الضغوط لدعم العبادي - الصدر لعلمهم ان تحالف المالكي - العامري لن يقبل بأن يقرّ رئيس الوزراء المقبل بوجود قوات أجنبية في العراق بل إبقاء مستشارين ومدرّبين اميركيين مع الحفاظ على علاقة استراتيجية جيدة مع أميركا ودول الجوار من دون التدخل في شؤون بلاد ما بين النهرين.
وقد غرد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ان «موفده وممثل الرئيس ترامب السفير بريت ماكجورك الموجود على الأرض في بغداد يقوم بعمل رائع لتشكيل حكومة عراقية». ومن الطبيعي الا تخفي واشنطن تدخلها في العراق وفي إنشاء الحكومة وكذلك تفعل طهران بتواجد القائد في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني وممثلين عن حزب الله اللبناني لمحاولة إقناع العراقيين بالخروج من شبكة الهيمنة الأميركية.
لا استقرار للعراق اذا كان المُنْتَصر تابعاً لأميركا أو ضدّها لأن الإدارة الحالية تختلف عن أي إدارة سابقة وهي تتعامل بحدة واستفزاز وبإصدار الأوامر وفرْض العقوبات. وهذا يعني ان السنوات المقبلة ستكون صعبةً على العراق كما على بقية الشرق الأوسط ما دام ترامب وفريقه موجودين في البيت الأبيض.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي