خواطر قلم

تشويه الحج!

تصغير
تكبير

أتم ضيوف الرحمن فريضة الحج هذا العام بانسيابية وسهولة وتيسير ولله الحمد والمنة.
ولا يوجد مسلم نقي القلب، صالح النية، مستقيم السلوك، إلا ويفرح بهذا النجاح، بل يتمناه بصدق ويدعو لمن اجتهد بتيسير أداء مناسك الحج للمسلمين.
وكان أول من التقيته من العائدين من الحجاج، إمام مسجدنا الشيخ فوزي الدويسان ومن حج من مصلِّي مسجدنا (سبيكة الزبن)، فكان الإجماع على الارتياح لما تحقق من يسر وخدمة في أداء المناسك.


وما يزعج كل عاقل وسليم الفطرة، أن البعض لا يعرف من الإنجازات الضخمة والنجاحات الكبيرة إلا البحث والتفتيش عن الثغرات، لا بنية استكمال النقص أو النزوع نحو الكمال، وإنما من أجل تشويه النجاح وإفساد الصورة الجميلة للواقع.
وهذا يحصل بسبب دوافع عديدة، سواء كانت مثالية شخصية، أو لمنافسات وصراعات.
ولعل أسوأ ما يخدش أي مشروع رائد ونجاح لافت، هو الإشاعات التي تأخذ طابع السخرية والاستظراف، فيتساهل بها الناس وتسري الخدعة حتى على الطيبين لعدم إدراكهم لهذا الاختراق الشيطاني. فمن أجل الضحك والفرفشة والبحث عن الغرائب، يُسوِّق البعض الكذب والافتراءات، وللأسف لم ينجُ من هذا العبث حتى أعظم الشعائر التعبدية، وفي أفضل أيام الله!
فمتى يستيقظ الناس من هذه الغفلات والبلادة الشعورية ويدركون ما يترتب على تساهلهم في ترويج الافتراءات والكذب بهدف إضحاك الناس أو اللمز بهدف الإساءة لمن أحسن وبذل أقصى الجهود لبلوغ مراتب النجاح؟
خذ هذا المثال الذي دفعني لكتابة المقال، وهو انتشار مقطع مفبرك لرجل أمن سعودي يحمل في يده مكبر صوت وهو يودع حجاج بيت الله الحرام ويقول لهم بأعلى صوته «إلى اللقاء، فراقكم عيد»!
والمقطع الحقيقي أن رجل الأمن السعودي المكلف بخدمة الحجيج وأمنهم وتسهيل تنقلهم، كان يردد تكبيرات العيد أمام حجاج بيت الله الحرام وتذكيرهم بها.
وقد أسفت كثيراً لانتشار المقطع المسيء على حساب المقطع الصحيح.
قلنا، وسنظل نذكر، بآفة تدوير ونقل كل ما يصل إلينا من دون تثبت لأغراض عديدة. لقد بلغ التساهل عند كثير من الناس، بمن فيهم الطيبون، أنهم صاروا أدوات لكل من يريد تشويه الحقيقة أو الإساءة، ليس فقط لموسم الحج، وإنما تحولت إلى عادة تنخر في المجتمعات المسلمة.
وحسبي أن أذكر نفسي وأخواني بالحديث المرفوع الذي رواه الإمام مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع». وكلنا يعرف الأحاديث النبوية التي تتكلم عن الصدقة الجارية، لكننا نغفل عن الآثام الجارية التي نروجها ويتناقلها الناس عنا، وكلها كذب وافتراء وإساءات ولغو الحديث وما لها من عاقبة وخيمة على صاحبها في الدنيا والآخرة.

mh_awadi@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي