تأبين
حنا مينه... رجل دمه مالح
من البحر إلى البحر، عاش «أديب الماء» الروائي حنا مينه يقلب صفحات رواياته المبتلة بثلج اللاذقية، ومرافئ الاسكندرون.
من «نافذة» الفقر والجوع كتب مينه «العاصفة والشراع»، عاصفة الاستعمار الفرنسي الذي اقتلع سورية بأكملها، وشراع الخلاص من الاحتلال الذي أكل أخضر الأمل ويابس اليأس، وظل الروائي الكبير يراقب «المرفأ البعيد» لعل سفن الخير ومراكب التحرير تطل بـ «المصابيح الزرق»، وتنهض بسورية مجددا ويعود حنا مينه إلى اللاذقية ملهمته وعشقه التي أرغم مرارا على تركها.
وأبحر مينه على مدى عقود ينسج ماء رواياته، ويخط «حكاية بحار»أفنى عمره ينتظر تدفق«ماء البحر» رغم عيشه بين ضفافه، بين «الربيع والخريف» يشعل مينه «الولاعة» حالما بسراج وهاج ينير عتمة حياة الفقر المدقع التي عاشها الأديب السوري والتي ارغمته على أن يعمل «حمالا» في موانئ اللاذقية و«حلاقا» في يابستها، و«بحارا» يمخر عباب الحزن والقهر.
رحل «الرجل الشجاع» بعدما اتعب سفن الرواية ومراكبها، وبلل بمياه البحر الأوراق والقصص، رحل الرجل الذي عشق البحر حتى بات دمه مالحا وجسده لحم سمك، حنا مينه، رواية لا تكتبها مفردات ولا تستوعبها فضاءات.