نفسياسي

عُمان...!

تصغير
تكبير

كانت أيام الدراسة في كندا فرصة للتعارف بين الكثير من الدارسين من مختلف الدول الخليجية. فالكثير منا قبل السفر والحياة في الخارج، لا يقدر له أن يعرف الكثير عن الدول الخليجية الأخرى إلا بمقدار ما تتيحه الرحلات القصيرة بين تلك الدول وما توفره وسائل الإعلام عادة. والكثير مما نراه في تلك الرحلات أو ما نشاهده في وسائل الإعلام، لا ينقل الصورة كما هي... أو على الأقل... ليس بالدقة الكافية!
 على العموم، كانت الدراسة كما أسلفنا فرصة جيدة للتعارف المباشر بين أبناء الخليج، ولن أسرف في سرد القصص الشخصية والانطباعات التفصيلية وما تعلمته من كل من التقيت به من الإخوة الخليجيين أثناء الإقامة في كندا. وغني عن القول إن لكل الشعوب الخليجية أموراً تتشابه فيها وأخرى تميزها عن غيرها، وطبيعي أنني سعدت بالتعرف على السعودي والإماراتي والبحريني والقطري، لكن حديثنا اليوم هو عن...عُمان... وأهلها!
 منذ اليوم الأول لتعرفي على بعض الزملاء العمانيين، لفت نظري فيهم مقدار هدوئهم وتبسطهم مع غيرهم. كما لفت نظري أيضاً مقدار التسامح الفكري والسياسي والمذهبي بينهم، وهو ما كان يدفعني دائماً إلى التساؤل عن أسباب هذه الظواهر التي قد تجدها في المجتمعات الخليجية الأخرى بدرجة أو بأخرى، إلا أنها كانت في العمانيين أشد وضوحاً وأكثر استقراراً. فكانت تلك الحوارات التي جمعتني بالأصدقاء من عمان بداية فهمي لطبيعة وتاريخ مجتمعهم وكيفية تشكله وتطوره عبر التاريخ. وكانت المرة الأولى التي أسمع فيها عن المذهب الاباضي السائد في تلك البلاد الجميلة، والكثير من الأمور الأخرى التي عرفتها حينها للمرة الأولى عن عمان. ولن أخفيكم، فقد قمت بقراءة بعض المصادر الأخرى لأزيد من معرفتي بذلك المجتمع، ولئلا تكون انطباعاتي منحازة بسبب المشاعر الجميلة التي ربطتني بالأصدقاء من عمان!


 
لماذا أكتب عن ذلك اليوم؟
بصراحة، وأولاً... لأنني أكتب من عمان. فهذه رابع زيارة لي لهذا البلد الجميل وأطولها، وقد أخذت فرصتي كما يقولون في التجول في كثير من الأماكن في عاصمتها والتواصل مع أصدقاء الدراسة والعمل، وأخذت في «تركيب» الانطباعات الشخصية والقراءات المجردة على المشاهدة المباشرة، فوجدت خليطاً غريباً من الصحارى والجبال تتلاحم في صورة استثنائية مع البحار، لتشكل الأرضية التي ارتكزت عليها العديد من الصفات العمانية الفريدة. كما وجدت التسامح المذهبي واقعاً ملموساً بين أبناء عمان، لدرجة أنني أحسست أنهم لا يفكرون أصلاً في الفوارق المذهبية بينهم. كما وجدت الهدوء والسكينة والبساطة ضاربة بجذورها في جميع أركان تلك المدينة الخلابة وأحيائها السكنية، ما جعلني أفهم كيف انعكست الطبيعة والتاريخ على شخصية الفرد العماني لتجعله بهذا الهدوء، والدماثة، والتواضع.
 أعترف في النهاية، أنني احترت في اختيار عنوان لهذا المقال... فقد اخترت في البدء أن أكتب «عمان... وبس»... أو «عمان... المختلفة»... أو شيئاً من هذا القبيل... لكنني خشيت التأويلات السياسية لهذه العناوين... إلا أنني مدرك أن العنوان لو كان أي شيء... فسيتم تأويله سياسياً هذه الأيام!
 
alkhadhari@gmail.com
Twitter: @dralkhadhari

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي