العين على «خريف» المنطقة و... عواصفها
الحريري: لن تتّشكل الحكومة في لبنان إذا أصرّوا على عودة العلاقات مع سورية
الحكومة اللبنانية العتيدة التي أشيع يوماً أنها قد تكون «عيدية» الفطر السعيد ولم تبصر النور بعد، لن تكون «عيدية» الأضحى المبارك. فالجولة الأخيرة من مساعي «جسّ النبض» التي أطلقها الرئيس المكلف سعد الحريري لم تُفْضِ الى «كسر المأزق»، ما عزّز الاعتقاد بأن العوائق التي تحول دون ولادة الحكومة باقية وتتمدّد إلى أَجَل غير مسمى.
ورغم حرص الحريري على الإيحاء بأن المصاعب التي تواجه الإفراج عن حكومته محض داخلية، فإن هذا الجانب وعلى أهميته لارتباطه بحساباتٍ تتصل بـ «المعركة الرئاسية» المبكّرة، لا يُسْقِط العامل الخارجي، وهو الأكثر تأثيراً، الذي يحوط بالصراع على التوازنات في الحكومة العتيدة والتي من شأنها تحديد التوجهات الإقليمية للبنان.
وبعد استحضار «حزب الله» وفريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون العامل السوري في الملف الحكومي من بوابة وضع التطبيع مع النظام السوري على رأس أجندة الحكومة المقبلة، أعلن الحريري أمس وفي ما يشبه «الضرب على الطاولة»: «لست موافقاً على عودة العلاقات اللبنانية - السورية وهذا الأمر لا نقاش فيه وإذا كان الآخرون يصرون على عودة العلاقات مع سورية من باب فتح معبر نصيب (على الحدود السورية - الأردنية) ساعتها لن تتشكل الحكومة»، مع إشارته الى أنّ «لا تقدم حتى الساعة في الملف الحكومي، ولكن هناك إيجابية في التواصل مع كل الاحزاب والتوتر الحاصل زال»، موضحاً «نحتاج الى بعض الوقت لنصل الى صيغة نهائية»، ومؤكداً أنّ «لا دخل للوضع الإقليمي بتعثر ولادة الحكومة وهذا في الواقع فشل لبناني بحت والعلاقة مع السعودية مميزة وممتازة وهم حريصون على تسريع تشكيل الحكومة».
وعزّز كلام الحريري أن مرحلة «تصريف الأعمال» من المرجح أن تطول إلى حين اتضاح اتجاهات الريح في «خريف» المنطقة المترنّحة فوق «فوهةِ» تحولاتٍ هائلة، ليس أقلّها ما جرى في سورية وما يحوط إيران في ضوء العقوبات الأميركية غير المسبوقة بوجه انفلاش طهران وتَمرُّدها على النظاميْن الإقليمي والدولي.
ولن يكون في وسع لبنان، الذي ينحني أمام العواصف الهوجاء في المنطقة، تحقيق أي اختراق من النوع الذي يؤدي إلى كسْر التوازن السلبي في البلاد، أقلّه في المدى المنظور، وتالياً تشكيل حكومة جديدة، ما دام الاستقطاب الاقليمي - الدولي على أشده في المنطقة. فإيران كانت حاسمة بلسان الجنرال قاسم سليماني في حضّ حلفائها على توظيف انتصارهم في الانتخابات البرلمانية عبر تشكيل «حكومة مقاومة»، في حين أن خصوم إيران الاقليميين والدوليين لن يتساهلوا في تسليم لبنان الى طهران.
ولم يغب هذا الصراع عن الذكرى 12 لانتهاء حرب الـ 33 يوماً في يوليو 2006 بين اسرائيل و«حزب الله»، وهو الذي استحضره الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في كلمته ليل أمس، وسط تقارير عن شبَح حرب جديدة يحوم فوق رأس لبنان، ربطاً بتعاظُم المنازلات الأميركية - الإيرانية وما قد يصيب طهران جراء عقوبات واشنطن النفطية المرتقبة في نوفمبر المقبل.
ويتزامن هذا المناخ مع انطلاق عملية التمديد لقوة «اليونيفيل» في الجنوب اليوم عبر مناقشة مجلس الأمن الدولي مسودة القرار الذي يفترض ان يجري بته نهائياً أواخر الجاري، وسط تقارير عن محاولة أميركية لتعديل صلاحياتها وتوسيع رقعة انتشارها لتشمل أيضاً حدود لبنان مع سورية، وسط معارضةٍ من فرنسا التي تُخْضع هذا الملف لحساباتٍ يتحكّم بها «الأمن القومي» الفرنسي انطلاقاً من وجود ضباط وعناصر فرنسيين في عداد «اليونيفيل» لا ترغب في أن يعملوا في «بيئة معادية».