فيصل فالح السبيعي / الرأي المختلف / كفانا تأزيماً

تصغير
تكبير
تضاربت الآراء بشدة حول أداء مجلس الأمة خلال دورة الانعقاد القصيرة ما بين المديح تارة، ونبرة عالية من النقد والتجريح تارة أخرى وبشكل مستهجن وغريب! ولعل تطرق المجلس الجديد لمناقشة بعض القضايا والاستجوابات، ولا سيما استجواب رئيس مجلس الوزراء، وبمساعدة ومباركة الوسائل الفضائية والانترنت، وظهور جرائد جديدة في الساحة، جعلت من الجماهير تعي ما يدور في الساحة بغض النظر عن اختلاف درجه الوعي، ومدى تأثير هذه المفاهيم على قناعتهم!
فهناك من يرى أن مجلس الأمة قد انفصل تماماً عن الشارع الكويتي، رغم كل ما يدور داخله من آراء، وهذا نتيجة لما صدر عنه من توصيات وتشريعات وأزمات لم تقترب بأي حال من آمال وطموحات المواطنين، وأن أداء النواب داخله قد أصابهم بالإحباط بعدما عقدوا الآمال عليهم ليكونوا ممثلين عنهم في ذلك المجلس، وتبددت الأحلام وتلاشت الآمال مع أول مناقشة، وأحبطت المجاميع من بعض الفرسان الذين يعول عليهم والذين أحدثوا ضجيجاً في دورة الانعقاد المنصرمة من خلال ندواتهم، وتبنوا مواقف مؤثرة ولها وقع عند رجل الشارع، وتبين أنها كانت فقط وسيلة للوصول إلى نجاح منقطع النظير، وقد نجحت الخطة وحصلوا على أعلى نسبة أصوات. ولكن بعد الوصول إلى بر الأمان خفتت هذه الحناجر لأنها وجدت أن هذه المواقف مستحيلة، وبحثت عن مخرج آخر لتتواصل مع الجماهير ضد مصلحه الكويت والاستقرار السياسي، وأصبح البعض يمارس ثقافة أكل الدهر منها وشرب، وأصبحت واضحة المعالم. وكان من الغريب مناداة بعض أعضاء مجلس الأمة بقرار حل مجلس الأمة على سند أن أداء بعض النواب قد بلغ حد التهور الأمر الذي تسبب في العديد من المشكلات، التي أمكن احتواء البعض منها والتغاضي عن البعض الآخر، وأن المعارضة داخل هذا المجلس قد عبرت عن نفسها تماماً ولم تترك فرصه واحدة دون أن تستثمرها بشكل أو بأخر، رغم محدودية عددها قياساً بنواب الأغلبية الموالين للحكومة. ويجد المراقب أن وراء الأكمة ما وراءها، فهناك دوافع جعلت الجو السياسي محتقن ومتأزم على الدوام، وهذا يدل على أن هناك من يريد وقف التنمية والتأخر عن الركب الاقتصادي وفي كل المجالات لتحقيق أجندات خاصة غير معلنة!
وقد ظل الفساد السياسي وخداع الجماهير ردحاً من الزمن لغياب الوعي لدى الجماهير، لأن السياسيين لديهم المقدرة والذكاء للتواصل، وتغيير القناعات، وتلبية الطلبات بأي طريقة كانت للوصول إلى مبتغاهم!

وكان رينيه ديكارت الفيلسوف الفرنسي المعروف يخشى أن تكون في رأسه فكرة فاسدة واحدة، فتفسد بقية الأفكار. وهو نفسه صاحب الحكاية التي تعلمناها في المدارس عن أن تفاحه واحدة فاسدة في صندوق من التفاح السليم ستؤدى مع الوقت إلى جعل كل التفاح فاسداً.
فنجد أن هناك بعض من الأعضاء والوزراء ليسوا في المكان الصحيح، وقد أتوا في غفلة من الزمن عن طريق عرف سائد، لأن ديموقراطية الانتخابات في أغلب الأحيان لم تعد قادرة على إيصال الرجل الوطني والكفء القادر على العطاء لمصلحه وطنه والمواطنين، بل أوصلت وما تزال توصل الطامحين في الوجهات وبالوجوه نفسها لأنهم لديهم الخبرة والذكاء والحنكة وفهم اللعبة بحذافيرها! ومن هنا يتضح أن النجاح السياسي مرهون بالنجاح الاقتصادي والتنموي واستقرار السلطة التنفيذية والتشريعية، والبعد عن المهاترات والنقاش البيزنطي.
إننا مع الديموقراطية ومع المدافعين عنها عندما تقدم وتؤدي ما عليها من واجبات ومهام، وعلى كل مناد بالديموقراطية أن يفرح لمن ينجز ويطور ويخدم بلده، ويحزن ويتألم على كل برلماني وصل إلى مجلس الأمة وسجل الفشل وخيبه الأمل له ولمجتمعه والذين أدلوا بصوتهم له، ونحن مع الديموقراطية المنتجة كمبدأ ثابت من ثوابت الحياة، ومعها أيضاً عندما توصل الشخص المناسب للمكان المناسب، ولسنا معها عندما توصل أعداء الأمة إلى مآربهم الضيقة، وتعطيل التنمية، وإدخال البلد في أزمات تلو أزمات، وعلى الرغم من كل هذا يبقى السؤال مطروحاً هل أدى مجلس الأمة دوره كاملاً خلال دورة الانعقاد أم كان ضجيجاً بغير طحن؟ هذا ما سوف تجيب عنه الأيام الحبلى المقبلة.
فيصل فالح السبيعي
محامي ومستشار جمعية الصحافيين القانوني
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي