علماء دين كويتيون: فتوى فضل الله شاذة ... تخرب البيوت وتحولها حلبات مصارعة

تصغير
تكبير
| كتب سالم الشطي |

عارض عدد من علماء الشريعة الكويتيين والناشطين في مجال حقوق الانسان فتوى المرجع الشيعي اللبناني محمد حسين فضل الله التي منحت المرأة الحق في أن ترد على عنف زوجها بعنف مثله دفاعا عن النفس، وأنه اذا مارس الرجل «العنف الحقوقي» ضدّها، بأن منعها بعض حقوقها الزوجيّة، كالنفقة أو الجنس، فلها أن تمنعه تلقائيّاً من الحقوق التي التزمت بها من خلال العقد، ووصفوا الفتوى بـ «الشاذة»، وأنها «ستحول البيوت الى حلبات مصارعة، عنف يقابله عنف»، بالاضافة الى أنها، بحسب وصفهم، «تخرب البيوت ولا تؤلف بين الزوجة وزوجها».

الناشط في حقوق الانسان والمحامي في محكمة التمييز الدكتور سعد العنزي أكد لـ «الراي» أن فتوى فضل الله المذكورة في جواز ضرب المرأة للرجل في اطار العلاقة الزوجية «قول شاذ ورأي لم يسبقه به أحد وهو مخالف للفطرة السليمة والعقول النظيفة»، مشيرا الى أن «رأي فضل الله مخالف للعلاقة الزوجية الحميمة، ذلك أن الضرب عادة لا يؤدي الى الاستقرار ولا الى الاستمرار في العلاقة الزوجية وانما نتيجته الشقاق والخصام وانتهاء العلاقة الزوجية».

وأضاف أن «الشريعة الاسلامية عندما تحدثت عن الضرب كان التوجيه الالهي الى الرجل وليس الى المرأة في قوله تعالى (فاضربوهن) والخطاب موجه الى الرجال دون النساء بالتحديد»، مشيرا الى أن «المقصود بالضرب الضرب غير المبرح الذي لا يؤدي الى الخصام أو العنف أو الشقاق وانما يؤدي الى الاصلاح».

وقال العنزي إن «الضرب في وجهة دلالة النص يراد به استنكار نشوز الزوجة، لأنه أحد طرق العلاج التي شرعها الله تبارك وتعالى للزوج في تقويم سلوك زوجته بداية بالنصح والارشاد وتدخل الأهل للاصلاح ثم الهجران في البيت والمبيت على أن يكون في داخل البيت وليس بخارجه، ثم الضرب غير المبرح، الذي فسره أهل العلم بالضرب بالسواك أو بالمنديل أو بـ «الوكزة» الخفيفة».

وأكد العنزي أن «الضرب المذكور في الآية القرآنية لا يقصد به الضرب المتعارف عليه عند عامة الناس، لأنه ورد في اطار الاصلاح»، مشيرا الى أن «الضرب المبرح يكسر عظما أو يكشف لحما لا يؤدي الى الاصلاح بل الى الفراق والشقاق، والدليل على ذلك أن الشريعة الاسلامية أجازت للمرأة حين تتضرر من زوجها بضرب أو شتم أو اساءة في التعامل أن تطلب الطلاق للضرر، فاذا تحقق الضرر بما ذكرنا أوقع القاضي الطلاق للضرر وهو طلاق بائن بينونة صغرى».

وتابع «لذا فان الضرب في الآية الكريمة لا يقصد به الضرب المبرح المتعارف عليه عند عامة الناس وانما يقصد به «الضرب الاصلاحي»، مشيرا الى أن «ما ورد في فتوى الشيخ فضل الله خلاف الشريعة الاسلامية وخلاف العقل والطبائع السليمة».

وأضاف «ان شذت المرأة ونشزت واعتدت على زوجها فللزوج الحق في طلب التفريق للضرر لدى القاضي، وهذا نادر وشاذ»، لافتا الى أن «لا يجوز شرعا أن تعتدي المرأة على زوجها، لأن الأحاديث الواردة عن النبي صـلى الله عليه وسلم تحث المرأة على طاعة زوجها لا على ضربه والاساءة اليه، كما جاء في قوله عليه الصلاة والسلام: «لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها».

وذكر العنزي أن «ثمة أحاديث كثيرة عن النبي صـلى الله عليه وسلم تطالب المرأة بطاعة زوجها لا الاساءة اليه، فكيف نقول إنه يجوز للمرأة أن تضرب زوجها، فهذا قول غريب عجيب خالف فيه صاحبه القرآن والسنة، واجماع الأمة والفطرة السليمة والعقول النيرة».

من جهته، قال أستاذ الدعوة والاعلام في جامعة الكويت الدكتور بسام الشطي أن «المرأة لا يجوز لها أن تضرب زوجها، بل عليها أن تتقي الله وتراقبه في زوجها، كما يجب على الزوج ذلك»، مشيرا الى أن «النبي صـلى الله عليه وسلم قال: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، فكيف ترفع يدها عليه؟».

وشدد الشطي على أن «رفع المرأة يدها على زوجها يقطع مجالات الصلح بينهما، فالرجل لا يمكنه تقبل امرأة اعتدت عليه بالضرب»، مشيرا الى أن «الأصل في المرأة الحنان واللطف والنعومة والرقة، وعندما ترفع يدها على زوجها فانها تصل بذلك الى مرحلة خطيرة في حياتها الأسرية».

وعد الشطي فتوى فضل الله تحريضا للمشاكل بين الزوجين وتأجيجا لنار الفتن الأسرية التي تدمر المجتمع بأجمعه، مشيرا الى أن «المرأة في بيت زوجها مسؤولة عن البيت كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «المرأة راعية في بيت زوجها».

وقال الشطي ان «الفتوى لا تتفق مع منطق أو عقل أو دين أو أخلاق في جميع نواحيها»، مشيرا الى أن «حتى عند الشيعة أن الأصل المرأة تقطع يديها ولسانها عن زوجها بمعنى تمنع، وهي لا تتفق مع الدراسات النفسية الاجتماعية التي عدها مختصون».

وأضاف الشطي: «حتى الديانات الأخرى ترفض الرد بالمثل على الزوج بل تعالج الموضوع بحكمة وصبر»، مشيرا الى أن «خبر فتوى فضل الله على موقع العربية أكثر مقال مقروء ومطبوع وتم تداوله بين القنوات هذا التصريح الأمر الذي يدل على استغراب الجمهور له واستنكارهم له».

وخلص الشطي الى القول ان «الفتوى تخرب البيوت ولا تؤلف بين الزوجة وزوجها».

أما رئيس جمعية مقومات حقوق الانسان الشرعية الدكتور عادل الدمخي، فأكد أن «فتوى فضل الله تخالف بصراحة قوامة الرجل على المرأة التي أعطاه الله اياها»، مشيرا الى أن «القوامة الشرعية تكون في الانفاق والكلمة الأولى في البيت وفي اصلاح اعوجاج المرأة».

وقال الدمخي ان «في هذه الفتوى ستتحول البيوت الى حلبات مصارعة، عنف مقابل عنف، ولن تستقيم الحياة الزوجية بذلك، بل تستقيم بالطاعة والاعتراف بحق الرجل، كما قال تعالى: (فالصالحات قانتات) أي مطيعات».

وأضاف «اذا جاوز الرجل حقه فلا يقابل العنف بالعنف، بل هناك فنوات وضعها الشرع من خلال اللجوء الى من يستطيع ايقاف الزوج عند حده والفتوى تشجع النساء على التمرد على أزواجهن ومخالفة للنظام العام الذي تسير عليه الشريعة الاسلامية والمجتمعات الاسلامية».

ورأى الدمخي أن «فتوى فضل الله فيها نوع من التنازل لأهواء الغرب وضغوط الغربيين على الدول الاسلامية في قضية المرأة»، مضيفا «يكفينا تمرد النساء الحاصل في الواقع فما بالك اذا دعمت بهذه الفتوى المخالفة للصواب».


 

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي