حول العالم / لويس اردريتش... كاتبة عصر النهضة الأميركية

u063au0644u0627u0641 u0645u062cu0645u0648u0639u0629 u00ab Love Medicineu00bb
غلاف مجموعة « Love Medicine»
تصغير
تكبير
| هبة الحفناوي|
«الحب لن يتغير، ولن يذهب بعيدا. فقط ادفعه من جهة واحدة وسيزحف الى الجهة الاخرى»... كلمات جاءت على لسان الشاعرة والقاصة الروائية الاميركية لويس اردريتش. التي تعتبر احدى الكاتبات ابداعا، فقد اشاد بها الناقد كينيث لينكولن بأنها كاتبة عصر النهضة الاميركية الوطنية، تميزت بكتاباتها عن احوال البلد وحال المقيمين فيه. فقد ترعرعت اردريتش في مدينة دافيتون- شمال داكوتا- كما استطاع والدها الحاقها بمدرسة الشؤون الهندية، ثم التحقت بكلية دارتموث 1976 وحصلت على درجة البكالوريوس، ثم تزوجت من الكاتب الشهير مدير برنامج الدراسات الوطنية الاميركية مايكل دوريث.
وشغلت اردريتش وظائف عدة، بما في ذلك وظيفتا الحرس والنادلة، ومعلمة شعر بالسجون، كماعملت محررة في جريدة بولاية بوسطن الاميركية، وحصلت على ماجستير الفنون في الابداع الكتابي في جامعة جون هوبكينز 1979، وفي الفترة من 1978-1982 قامت اردريتش بنشر بعض قصائد وقصص قصيرة، ومن ثم حازت قصة «أعظم صياد عالمي» جائزة مالية قيمتها 50000 دولار اميركي، وتسمى جائزة نيلسون الاجرين للقصة القصيرة.
قامت اردريتش بعد ذلك باصدار أول مجموعة قصصية لها باسم دواء الحب «Love Medicine 1984»، وتتكون من 14 قصة قصيرة مشتركة في الشخصيات والمواضيع، بالاضافة الى فوزها بجوائز عدة منها (افضل كتاب نقدي قومي) وجائزة الاكاديمية الاميركية للفنون، كما حازت ايضا جائزة الخطابات عن قصتها الاولى بالمجموعة. ان هذه المجموعة تمت ترجمتها الى 18 لغة مختلفة، وفي عام 1993 قامت اردريتش باضافة 4 قصص اخرى الى المجموعة.
واردريتش صورت حياة الشيبواه في القرن العشرين بشمال داكوتا، في احدى قصص مجموعة «المركبة الحمراء» (The Red Convertible)، والتي تروي قصة شقيقان وعلاقاتهما المتغيرة ببعضهما في ظروف مختلفة... وتغير العالم من حولهما. وتحدثت في أعمالها الأدبية عن الصعاب والمشاكل التي واجهت الكثيرين من قدامى حرب فيتنام، في مواجهة عائلاتهم بعد الحرب.
وقد استخدمت أردريتش اسلوب السرد، من خلال راوي القصة وهو احد الشقيقين ويدعى لامارتين. من قبيلة شيبواه كما انه اعتمد في السرد على ذكر نمط حياته مع شقيقه هنري، حينما كان الزمن وقتها 1974. واضافت ايضا اسلوب الرمزية بطرق مختلفة، ومن اهم هذه الرموز عنوان القصة «المركبة الحمراء»، ويدل على السيارة التي توحي بتغيير الاحداث في القصة، كونها المحرك الاساسي في القصة. كما انه يعطي الشعور بالعمق والتعقيد ويعطي اردريتش الفرصة لتواصل الافكار وتطور الشخصيات دون اي توضيح. والكاتبة ابرزت اهم خمسة عناصر تكمل هذا التواصل هي: الترابط الاخوي، والحرية، والبراءة، والتحكم، واخيرا الحكمة. فالسيارة هي المحرك الرئيسي في القصة دلالة على علاقة الشقيقين بعضهما ببعض ومشاركتهما المسؤولية ذاتها (السيارة). فبعد شرائهما السيارة قاما برحلة طوال الصيف غير مخطط لها، كما بينت هذه الرحلة كم كان روحي الشقيقين متقاربة ما أدى الى استمتاعهما بالصحبة. واظهرت اردريتش السيارة في حالتين في هذه القصة، الاولى كانت بحالة جيدة جدا (تدل على وجود الشقيقين معا)، والثانية بحالة سيئة جدا وظلت بلا حراك امام المنزل (تدل على عدم وجود هنري وذهابه الى الحرب في فيتنام).
أما الحرية فقد تمثلت في لامارتين في سن الـ 16 حيث كان طليقا وحرا في اتخاذ القرارات، وانه قد اشتغل في سن الـ 18 واصبح شريكا في الكافيه الذي كان يعمل به، ثم مالكا له في وقت كانت هذه الحرية نادرا ما تستخدم. وقد استخدمها ايضا عند شرائه للسيارة والقيام بجولة بها. ثم أوضحت عنصر البراءة متجسدا في هنري بعد عودته من الحرب، بعدما اصبح اكثر هدوءا وتسوده نوبات الاكتئاب واكثر عرضة للتفكير في الانتحار وهذا بالفعل ما حدث في نهاية القصة.
وتعتبر هذه القصة من النوع التراجيدي، كما عكست حياة اردريتش السابقة متأثرة بعادات «انيشنيابي». ولها وقائع واحداث تراجيدية في ذاكرة اردريتش.
وقيام هنري بالانتحار في اخر القصة، يدل على مرحلة انتقاله من عالم الى عالم اخر. بالاضافة الى ان لامارتين سار على نهج نانسي بيترسون في عملها «التاريخ، ما بعد الحداثة وتعقيب لويس اردريتش»، باستخدام تكرار الكلمات مثل «أنا عندي، انا كنت، انا املك....».
فلم تخل القصة من القيم الجمالية... مثل استخدامها للون الاحمر. وفي البداية استخدم لامارتين اللون الاحمر البراق للسيارة، ثم يذكره للمرة الثانية حين يتساقط الدم من فم هنري عند تناوله الخبز. ان اللون الاحمر يرمز الى الحب، والصحة، والحيوية كما يرمز في المقابل الى لون الشمس وجميع آلهة الحرب والغضب والدماء والانتقام، وقد تعودت استخدام جميع الصور لاختلاف انقسام مشوق.
وبما أن اردريتش كانت كاثوليكية فأيضا لم تخل من نزعة وتأثر دينيين، وقد اظهرت ذلك بشكل واضح في مشهد هنري عند تناوله الخبز، وكان الدم يتساقط على الخبز ثم يأكله دون أن يدري أو يعلم بسقوط الدم. فهذا الحدث يذكرنا بالعشاء الاخير للسيد المسيح مع الحواريين، وكان هناك ايضا الخبز والكأس وهما كانا رمزا لجسد السيد المسيح، والدماء رمزا للفداء. وانتحار هنري في نهاية القصة باغراق نفسه في النهر... يرمز الى التعميد... والطهارة ولقد قام السيد المسيح بالغطس في نهر الاردن، وبلل كافة جسده حتي شعر رأسه لتخليص النفس من الذنوب.
وهناك 17 قصة داخل المجموعة استخدمت فيهم اردريتش الرموز والاساليب نفسها لابراز فكرتها، وتقع جميع القصص في ازمنة مختلفة بدءا من 1934 وحتى 1985 ومنهم «سانت ماري، واللحم والدم، ودواء الحب، وعبور الماء... واخرون».
لقد حازت اردريتش على العديد من الجوائز منها جائزة «o-henry award» للقصة القصيرة في اغسطس 1986-1987، ثم جائزة «pushcart» في الشعر، وجائزة منظمة الادب الغربي وجائزة «Guggenheim» على مجموعتها القصصية «دواء الحب»، بالاضافة الى معاون شاعر البلاط من داكوتا الشمالية 2005، وجائزة «scott odell» للقصة التاريخية لكتاب الاطفال «لعبة الصمت» 2006. وقد حصلت على الدكتوراه من جامعة داكوتا الشمالية في ابريل 2007، كما انها رفضتها.
واحدث اعمالها في فن الرواية «الطاعون من الجماجم» 2008، وفي ادب الاطفال «نيص العام» 2008، وفي الشعر «مختارات وقصائد جديدة» 2003، والقصة القصيرة «The Red Convertible» في مجموعة قصصية جديدة 2009 قريبا، والكتب غير الروائية «كتب وجزر في مدينة اوجيبو»، واخيرا عملت كمحررة بصحيفة «The New Yorker» لقصة حديقة الزواحف The Rebtile Garden 2007.
وهناك اخر قصة لها نشرت أخيرا في 3 نوفمبر 2008 عنوانها سباق رجل سمين «The Fat Mans Race».
* كاتبة ومترجمة مصرية
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي