«من يقع في خطأ فهو إنسان ومن يصر عليه فهو شيطان». حكمة قديمة
(1)
انتقدنا البعض عندما قلنا في بداية الأزمة ان لا حل لها سوى «الحل»، وشرحنا وقتها أن المفاضلة هي على نوع الحل وليس على مبدأه، فقد كان تقديرنا أنه قد بلغ السيل الزبى واستحكم الداء حتى لم يعد للمسكنات أي مفعول، فكل طرف اتخذ قراره الذي يصعب أن يستحيل العودة عنه حتى ولو توفرت النية لذلك.
واليوم يقول النائب محمد الصقر ان «شبح الحل» لن يغيب عن مجلس الأمة، كما أن تقديم استجواب جديد لرئيس مجلس الوزراء، بعد إعادة تكليفه تشكيل حكومة جديدة، هو تحدٍ لرغبة صاحب السمو الأمير.
ومع كل ذلك استمر ثلاثي الاستجواب في الكر والفر مستخدمين التصعيد وسيلة ضغط إضافية على سمو رئيس الحكومة، دون أن يعوا أنهم بذلك يجرون البلاد نحو «الحل» الذي لا حل سواه، الذي ربما يكون غايتهم منذ البداية، والحكمة تقول «لا تتحدى إنساناً ليس لديه ما يخسره»!
(2)
من التبسيط الاعتقاد بأن أزمة «استجواب الثلاثي» قد انتهت، لكنها حكمة صاحب السمو الحكيم الذي جمّد الوضع الراهن وأبقاه على ما هو عليه، كي لا يتدهور أكثر وينحدر مستوى الخطاب السياسي لدرك أسفل مما وصلنا إليه.
هي فرصة ما قبل «الحل» الأخير تلك التي اعطاها صاحب السمو لأطراف الأزمة علهم يحلحلون أزمتهم بأنفسهم وفق مبدأ التعاون وتغليب المصلحة العليا على الحسابات الآنية الضيقة، وهو الأمر الذي إذا ما فشلوا فيه فإنهم سيحتكمون لصاحب السمو من جديد وحينها سيكون القرار المؤلم والصعب هو مخرج الطوارئ الوحيد من هذه الحال!
(3)
من جديد ردت حليمة لعادتها القديمة، فبعد استشارة الخبراء الدستوريين أعاد «ثلاثي الاستجواب» الكرة برفع سقف مطالبهم التأزيمية، فاستدعوا سيناريو الوزير بدر الحميضي وحاولوا إعادة انتاجه مع تغيير بسيط تمثل باستبدال اسمه باسم الشيخ ناصر المحمد، فأكدوا في بيانهم أن إعادة تسمية رئيس الوزراء المستجوب بعد قبول استقالته يعد خروجاً على الدستور وروحه ومضامينه المفترضة، وتعطيلا لحق النائب في ممارسة صلاحياته، كما اعتبروا أن هذا الأسلوب يشكل ذريعة لهروب أي وزير أو رئيس الوزراء من المساءلة خصوصا إذا أعيد تسميته مرة أخرى.
ما لم يقله الثلاثي في بيانهم، رغم أنه هو البيان بروحه ونصه، انهم يعترضون على إعادة تكليف سمو رئيس الحكومة تشكيل حكومة جديدة، وهو ما يشكل تدخلاً في حق صاحب السمو المطلق في تعيين سمو رئيس الوزراء، وهو الحق الذي أكد صاحب السمو في النطق السامي أنه لن يسمح لأحد بالتدخل فيه.
(4)
صاحب السمو الحكيم هو أبو السلطات والحكم بينها، لا شك في ذلك، لكن يبدو أن بعض الأبناء بدأوا بالتمرد والتصرف بطريقة لا تتناسب مع كونهم نواب الأمة وممثلي الشعب الذين يفترض فيهم ممارسة الرقابة والتشريع.
لكنهم وبكل أسف بدأوا يلامسون الخطوط الحمر مع استجواب سمو رئيس الوزراء، واليوم هم يتجاوزون الخطوط الحمر بتدخلهم في صلاحية مطلقة لصاحب سمو الأمير، ما يوحي بأن «الحل» هو مأرب الثلاثي منذ البداية!
إن هذا التطور في موقف الثلاثي هو إدخال للبلاد في آتون أزمة جديدة من دون أدنى شك، فالقضية اليوم لم تعد هي الاستجواب أو صعود رئيس الوزراء المنصة من عدمها، إن القضية اليوم هي تدخل هؤلاء في صلاحيات صاحب السمو، وهو أمر لا مصلحة لأحد به، اللهم إلا إن كانت حسابات «الثلاثي» قد شطحت باتجاه هو عكس السير بكل المقاييس، والحكمة تقول «لا تفكر في المفقود حتى لا تفقد الموجود»!
(5)
آخر العلاج الكي، والكي الدستوري هو حل المجلس الذي لا يتمناه أحد بالمبدأ، لكنه سبيل وحيد للخلاص في كثير من الأحيان، فالمستجوبون أوصدوا كل أبواب الخروج ولم يبقوا سوى مخرج الطوارئ الدستوري الأخير.
إنهم يخطبون «الحل» بكل طريقة ممكنة وغير ممكنة، حتى انهم بدأوا بمخالفة الدستور الذي يتبجحون بالدفاع عنه، ويتدخلون في صلب عمل صاحب السمو وصلاحياته الدستورية المطلقة، وما استقر عليه العرف الدستوري منذ نشأة الديموقراطية الكويتية.
بكل اختصار لقد بدأ الثلاثي اللعب بالنار بإسلوب غير لائق بهم سياسياً، وهم راشدون ومسؤولون عن أقوالهم وأعمالهم، وما داموا يريدون «الحل» فليكن، لكننا كسوانا من المواطنين أصبحنا نتمناه حلاً غير دستوري، نتيجة الاحباطات المتتالية من أفعال نوابنا وتصرفاتهم السياسية التأزيمية لأن «اللي هذا أوله ينعاف تاليه»!
ماسيج:
- أين مدير أمن الجهراء عما يجري في منطقة النعيم وغيرها من أحياء الجهراء، حيث غزا بنى بنغال أحياء السكن الخاص ببقالات داخل المنازل وصالات انترنت، فهل يسمع العميد عايض العتيبي؟
- ليت الثلاثي يقتدون بقول النائب مسلم البراك: «إذا كان العليم ابن عمي فالدستور أخي». والمثل الشعبي يقول «أنا واخويا على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب»!
- شهد مستشفى الرازي محاولة اختطاف طفلة وهتك عرض والدتها، هل من المعقول أن تصبح مستشفياتنا مرتعاً للذئاب البشرية؟
- يرى الوزير حسين الحريتى أن تقرير ديوان المحاسبة حول المصفاة الرابعة لن يكون مشروع أزمة، شكل الوزير «وايد» متفائل فكل شيء يا وزيرنا العزيز هو مشروع أزمة، فلا تتفاءل كثيراً «عشان ما تنصدم» أكثر!
- أمر غريب هو نفي النائب خالد السلطان لمطالبته بعودة الشيخ ناصر المحمد رئيساً للحكومة، وهو ما أكده خمسة شهود عدول من النواب!
خالد عيد العنزي
كاتب وصحافي كويتي
[email protected]