إيران تفرض «معادلة الجولان»

تل أبيب تنتقم من طهران لخرْقها قواعد اللعبة

تصغير
تكبير
  • 16 فصيلاً جاهزاً لمواجهة أي مغامرة

ضربتْ إسرائيل مجدّداً أهدافاً سوريّة وإيرانية ومَخازن ومَراكز - قد أخليت جزئياً منذ فترة - للمرّة الرابعة خلال شهر واحد بمشاركة 28 طائرة إسرائيلية وبعد إعلام القيادة الروسية بالعملية العسكرية قبل وقوعها. وفيما اعتُبر هذا الهجوم الأعنف منذ العام 1973، فإن الجديد في الأمر هو الردّ السوري على أهداف اسرائيلية داخل الجولان المحتلّ والذي دشّن مرحلة جديدة من المعركة مع اسرائيل وخطوة جريئة قامت بها القيادة السورية بالتنسيق مع حلفائها ومن دون العودة إلى روسيا التي طالبت مراراً القيادة السورية بعدم الردّ على الاستفزازات الاسرائيلية التي تهدف لجرّ الأطراف كلها إلى حرب أوسع ولكن غير شاملة.
فما ملابسات فرْض قواعد اشتباك جديدة في سورية؟
منذ عقود طويلة هناك قواعد اشتباك غير معلنة بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني يعمل بها الطرفان وهما على دراية بحساباتها ونتائجها. فإسرائيل تحضّر بنك أهداف متنوعاً ضد أماكن ومخازن أسلحة ومكاتب عسكرية وأشخاص معينين ذات وزن في القيادة داخل الحزب وتضرب هؤلاء عند حصول معركة كبرى. إلا أنها تضرب فوراً ومن دون تردد أي مسؤول في «حزب الله» يتعامل مع فلسطينيي الداخل (الاسرائيلي) ويؤمّن احتياجاتهم ويتواصل معهم، وقد حصل ذلك في مرات عدة.


والشهر الماضي، اكتشفت اسرائيل أن إيران ترسل من مطار الـ «تي فور» طائرات من دون طيار حديثة ومعدّلة الى داخل فلسطين وتحمل معها بعض الدعم الالكتروني والعسكري. واستطاعتْ القيادة العسكرية الاسرائيلية كشْف هذه الطائرات - حسب الرواية من مصدر قيادي في سورية - ليس عبر الرادارات بل البصمة الحرارية. وفوراً ومن دون تردد قامت إسرائيل بضرْب المطار العسكري السوري الذي تستخدمه إيران وأطلقت منه طائراتها. إلا ان اسرائيل لم تكتفِ بذلك بل أكملتْ ضرباتها يوماً بعد يوم ضد أهداف إيرانية وسورية.
واعتقدت تل أبيب أنها تستطيع التمادي بضرْب أهداف إيرانية من دون ان تكون هناك ردة فعل إيرانية باعتبار أن طهران تخشى التورط في وقتٍ لن تتردّد أميركا بالدخول في حرب ضدها في سورية. إلا أن حسابات المسؤولين الايرانيين تختلف عنها لدى الاسرائيليين والروس.
فبغض النظر عن عدد الطائرات الاسرائيلية التي شاركت بضرب أهداف داخل سورية وعدد الصواريخ التي أُطلقت وكذلك تلك التي أطلقتْها الدفاعات السورية لإسقاطها، فهناك تطور كبير قد حصل: لقد كسرت القيادة السورية الحاجز المهمّ وضربتْ الجولان المحتلّ.
وبغض النظر عن استخدام «كاتيوشا» غير دقيقة أو صواريخ دقيقة أصابتْ أهدافاً عسكرية إسرائيلية أو سقطتْ في أرض قاحلة، فقد فرضت سورية وإيران معادلة جديدة وقواعد اشتباك مماثلة لما فرَضه «حزب الله» فوق كريات شمونة منذ عقود.
فإسرائيل أرادتْ ضرْب أهداف في سورية ولكنها لا تريد المواجهة الكبرى، وتريد الاستمرار باستفزاز سورية وإيران ولا تريد معركة ولا تريد أن يُردّ عليها، إلا أنها دفعت بالقيادة السورية والإيرانية لاتخاذ خطوة جريئة لتقول لتل أبيب إن المواجهة المقبلة ستكون في الجولان ومن الممكن أن تكون ما بعد الجولان، أي في العمق السوري.
فمند أيام الحرب السورية الأولى، خرج السيد حسن نصرالله، الامين العام لـ «حزب الله» ليقول: «اتركوا لبنان خارج الصراع، تعالوا إلى سورية لنحلّ مشاكلنا». فأصبحت سورية ملتقى الصراعات، وفيها تحصل الضربات بين الدول ومنها الحرب الصامتة بين إيران واسرائيل وحلفائهما.
وتَرجح مصادر قيادية في دمشق أن إسرائيل لن تتوقف عن مهاجمة أهداف أخرى في المستقبل، إلا انها ستلقى الرد الذي يوجِد وضعاً جديداً لن ترضى به تل أبيب ولم تكن تتوقعه.
فالقبة الحديدية التي تتغنى بها تل أبيب فشلت في وقف عدد من الصواريخ التي أُطلقت تجاهها. وحتى ولو نجحت بذلك، فإن المعركة انتقلت من الأراضي السورية لتشمل أراضٍ سورية تسيطر عليها إسرائيل. فإيران لا تأخذ في الاعتبار المعايير الروسية وعلاقتها المميزة مع موسكو. ودمشق تعترف بالدور المهمّ الذي تلعبه روسيا في حماية سورية ولكن القيادات السورية والإيرانية لديها حساباتها الخاصة والتي من أجلها درّبوا وجهّزوا أكثر من 16 فصيلاً سورياً جاهزاً لمجابهة أيّ فرضية عسكرية أو مغامرة اسرائيلية داخل الأراضي السورية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي