روحاني: سنُقاوم بضراوة أي محاولة لإضعاف نفوذنا في المنطقة والعالم
تلميحٌ إيراني - أوروبي إلى الاستمرار في «الاتفاق النووي»... من دون الولايات المتحدة



جونسون لترامب: تقوية الأغلال على أيدي طهران أفضل من كسرها
مسؤول جمهوري بارز: الاتفاق سيئ لكن ماذا سيحدث إذا انسحبنا منه؟
طهران:
لسنا قلقين من قرارات أميركا ولن يحدث تغيير في حياتنا الأسبوع المقبل
- نعتبر الاتفاق على قيد الحياة «إذا كان بوسعنا الاستمرار في بيع نفطنا ومنتجاتنا»
عواصم - وكالات - أبدت الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي المُبرم مع إيران، تمسكها بإنقاذ الاتفاق، داعية الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تشديد القيود على طهران بدلاً من كسرها.
ووسط تلميح أوروبي لإمكانية الاستمرار بالاتفاق من دون الولايات المتحدة، أبدت إيران موقفاً مشابهاً إلى حد ما، معربة عن استعدادها لذلك شرط تحقيق مصالحها.
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان إن فرنسا وبريطانيا وألمانيا ستبقي على الاتفاق النووي الموقع العام 2015 (بين إيران من جهة والدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة وروسيا والصين من جهة ثانية) بغض النظر عن قرار الولايات المتحدة المتوقع في الأيام القليلة المقبلة، لأن هذا هو السبيل الوحيد لحظر الانتشار النووي.
وقال الوزير في مؤتمر صحافي في برلين مع نظيره الألماني هايكو ماس: «نحن عازمون على إنقاذ هذا الاتفاق لأنه يحمي من الانتشار النووي وهو السبيل الصحيح لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي».
وأضاف: «لا نعتقد أن هناك ما يبرر الانسحاب من هذا الاتفاق وسنظل نحاول إقناع أصدقائنا الأميركيين به».
بدوره، أكد الوزير الألماني أن بلاده لا ترى أي سبب لإلغاء الاتفاق، قائلاً «ما زلنا نرى أن هذا الاتفاق يجعل العالم أكثر أمناً ومن دونه سيكون العالم أقل أمناً. ونخشى أن يؤدي الفشل إلى تصعيد». وأضاف «سنتعامل مع القرار (الأميركي) لكننا ومثلما قال جان إيف نريد الالتزام بهذا الاتفاق»، مشيراً إلى أنه تم تقديم «مقترحات جيدة» خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وتوازياً، ناشدت بريطانيا الرئيس الأميركي عدم تنفيذ تهديده بالانسحاب من الاتفاق النووي، بحلول 12 مايو الجاري (السبت المقبل كحد أقصى)، معتبرة أنه لا يوجد بديل أفضل منه على الرغم من عيوبه «التي يمكن إصلاحها».
وعبر عن هذا الموقف وزير الخارجية بوريس جونسون في مقالة نشرها في «نيويورك تايمز» قبل اجتماعه أمس مع مسؤولين أميركيين في واشنطن، من بينهم نائب الرئيس مايك بنس ومستشار الأمن القومي جون بولتون وكبار أعضاء الكونغرس المعنيين بالسياسة الخارجية.
وكتب جونسون: «عند هذا المنعطف الدقيق، سيكون من الخطأ التخلي عن الاتفاق النووي وإزالة القيود التي وضعها على إيران»، مشيراً إلى أن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية مُنحوا صلاحيات إضافية لمراقبة المنشآت النووية الإيرانية، الأمر الذي «يزيد من احتمال رصدهم أي محاولة لصنع سلاح» من هذا النوع.
وأضاف: «الآن، بعد وضع هذه الأصفاد في مكانها، لا أرى أي ميزة محتملة في وضعها جانباً. إيران ستكون الرابح الوحيد من التخلي عن القيود المفروضة على برنامجها النووي. أعتقد أن إبقاء القيود التي وضعها الاتفاق على البرنامج النووي الإيراني سيساعد أيضاً في التصدي لسلوك إيران العدواني الإقليمي. هناك أمر واحد أنا واثق منه: كل بديل متاح أسوأ (من الاتفاق). المسار الأكثر حكمة يتمثل في تحسين الأصفاد بدلاً من كسرها».
ولم يقتصر الأمر على الدول الأوروبية، إذ دعا الرئيس الجمهوري للجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي ماك ثورنبيري الرئيس ترامب إلى عدم الانسحاب من الاتفاق.
وقال ثورنبيري لقناة «فوكس نيوز»، أول من أمس، إن ترامب سيكون مخطئاً لو انسحب من الاتفاق، «سأنصح بمعارضة ذلك (الانسحاب)».
وأضاف ثورنبيري، الذي يعتبر صوتاً جمهورياً رئيسيا بشأن قضايا الأمن القومي بصفته رئيساً للجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، إنه على الرغم من معارضته الاتفاق عندما وقعته إدارة الرئيس السابق باراك أوباما العام 2015، فإن الخروج من الاتفاق الآن سيقوّض نفوذ واشنطن في ما يتعلق بمناهضة إيران.
وقال في هذا السياق: «أعتقد أنه اتفاق سيئ... لكن السؤال الرئيسي هو، حسناً، ماذا سيحدث بعد انسحاب الولايات المتحدة. هل تطرد إيران هؤلاء المفتشين بما يجعلنا نفقد قدرتنا الحالية على الرؤية (المواقع)؟»
وحض ثورنبيري ترامب على العمل مع الحلفاء الأوروبيين للتصدي للعيوب والنقائص الموجودة في الاتفاق، لكنه حذر من أن إلغاءه سيزيل الضغط عن ايران بإحداث انقسام بين واشنطن وحلفائها.
وختم متسائلاً: «الأوروبيون لن يفرضوا العقوبات من جديد لذلك أين سيتركنا ذلك نحن وإيران؟»
في سياق متصل، أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أنه كان يلتقي وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري لمناقشة الاتفاق النووي.
وقال في تصريحات صحافية: «أثناء زيارتي إلى نيويورك (الأسبوع الماضي) تكلمت مع أشخاص مختلفين ليسوا جزءاً من الحكومة الأميركية لكنهم شاركوا في المحادثات السداسية... وذلك لإبلاغهم بالوقائع».
وأضاف أن إيران خلافاً للولايات المتحدة كانت تراعي الاتفاق النووي، مشيراً مرة أخرى إلى أن انسحاب واشنطن من هذا الاتفاق سيؤدي إلى عزل الولايات المتحدة.
وفي حديثه حول محادثاته مع كيري، أكد ظريف أن الولايات المتحدة ليست فقط إدارة البيت الأبيض بل أيضاً المزيج من الرأي العام وجماعات الأبحاث ومجموعات اللوبي وهي العوامل التي تشكل السياسة، حسب قوله. كما أشار إلى أن الأشخاص الذين لديهم وزن سياسي، قد يؤثرون في عملية اتخاذ القرارات.
وجاءت هذه التصريحات بعدما كشفت صحيفة «بوستون غلوب» أن كيري الذي ترأس الخارجية الأميركية في عهد الرئيس باراك أوباما وشارك في المحادثات حول الاتفاق النووي الإيراني، كان قد التقى ظريف مرات عدة منذ بداية العام الحالي، وذلك في محاولة لإيجاد حل للخلافات حول الاتفاق النووي.
وفي طهران، أكد الرئيس حسن روحاني مجدداً، أمس، أن الولايات المتحدة ستندم على أي قرار بالانسحاب من الاتفاق، وأن بلاده ستقاوم بضراوة الضغوط الأميركية الرامية إلى الحد من نفوذها في الشرق الأوسط، في إشارة إلى أحد مطالب إدارة ترامب بالتصدي للنفوذ الإيراني المزعزع للاستقرار في المنطقة.
وقال روحاني، في خطاب بثه التلفزيون الرسمي على الهواء، «إذا أرادوا التأكد من أننا لا نسعى لامتلاك قنبلة نووية فقد قلنا لهم مراراً وتكراراً أننا لا نسعى ولن نسعى... لكن إذا ما أرادوا إضعاف إيران والحد من نفوذها سواء في المنطقة أو العالم فستقاوم إيران بضراوة».
وأشار إلى أن طهران كانت تعد نفسها لكل السيناريوهات المحتملة بما في ذلك الاستمرار في الاتفاق من دون الولايات المتحدة، ليظل يشمل الموقعين الأوروبيين بالإضافة إلى الصين وروسيا، أو إلغاء الاتفاق برمته.
وأضاف «لسنا قلقين بشأن قرارات أميركا المجحفة... نحن مستعدون لكل السيناريوهات ولن يحدث أي تغيير في حياتنا في الأسبوع المقبل... إذا تمكنا من الحصول على ما نريد من الاتفاق من دون أميركا فإن إيران ستظل ملتزمة بالاتفاق. ما تريده إيران هو أن يضمن الموقعون غير الأميركيين مصالحنا... في هذه الحالة فإن التخلص من الوجود الأميركي المؤذي سيكون مناسباً لإيران».
وفي هذا السياق، قال نائب وزير النفط الإيراني أمير حسين زماني نيا إن إيران تعتبر الاتفاق النووي على قيد الحياة «إذا كان بوسعنا الاستمرار في بيع نفطنا ومنتجاتنا».