الاستخبارات الغربية والروسية تُقدِّر أن «القاعدة» وراء هجمات مومباي

تصغير
تكبير
| لندن - من إلياس نصرالله |
رغم حجم المأساة التي أصيبت بها الهند وترددت أصداؤها لدى الرأي العام العالمي جراء الهجمات الإرهابية الذي تعرضت لها مومباي، تنفست أجهزة الاستخبارات الغربية أمس، الصعداء، إذ أنها كانت على علم، منذ فوز باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية الاميركية، أن تنظيم «القاعدة» والحركات الإرهابية المرتبطة به، تعدّ العدة لعملية كبيرة جديدة تخطف الأضواء، استقبالاً لعهد الرئيس الجديد، وكانت تعتقد أيضاً أن هذه العملية الكبيرة ستحدث في دولة غربية، لكنها فوجئت بوقوعها في الهند، بل وصف مصدر أمني غربي، العملية بأنها «انتهازية»، لاختيارها الهند كهدف. جاء هذا التقدير من جانب الأجهزة الأمنية الغربية، رغم أن تنظيماً غير معروفٍ يدعى «مجاهدي ديكان»، أعلن تبنيه الهجمات. ونقلت صحيفة «التايمز» أمس، عن مصادر استخبارية بريطانية، أن أجهزة الأمن الغربية خصوصا الأميركية منها، كانت واثقة من أن عملية كبيرة ستقع في الولايات المتحدة. وأضاف أن استهداف المدنيين الغربيين في مومباي دليل قاطع على أن «القاعدة» يقف وراء الهجمات، إذ ان استراتيجية التنظيم تقوم على أساس استهداف المراكز ذات الكثافة البشرية العالية في الدول الغربية أو المراكز التي يؤمها مواطنو الدول الغربية بكثرة مثلما حصل في بالي عام 2002. والدليل على ذلك أن الإرهابيين الذين هاجموا الفنادق ومحطة القطارات في مومباي، كانوا يفتشون بين الرهائن الغربيين الذين تم احتجازهم، على حملة الجنسيتين البريطانية والأميركية بنوع خاص.
ووفقاً لتقديرات خبراء غربيين في قضايا الإرهاب والتنظيمات الإرهابية، يُعتقد أن اختيار مومباي كهدف من جانب «القاعدة»، راجع لقضايا تتعلق بالتمويل اللازم من أجل القيام بمثل هذا الهجوم. فاختيار الهدف لا يتم في شكل عشوائي، بل على نحو مدروس بما يتناسب مع القدرات والإمكانات المتوافرة لدى التنظيم. وعلى الأغلب أن التخطيط لهذه العملية تم مباشرة من جانب قيادة «القاعدة» التي يُعتقد أنها مختبئة في مكان ما في المنطقة القبلية الواقعة بين باكستان وأفغانستان.
وحسب الخبراء، فإن قادة «القاعدة» هم الذين اختاروا الهدف وخططوا له، وتركوا مسألة التنفيذ لفروع التنظيم أو الحركات المرتبطة به. وأشاروا إلى الثقة العالية التي تصرف بها منفذوا الهجمات البالغ عددهم نحو 19، والذين يصل عددهم إلى بضع عشرات من الشبان المسلحين، من الواضح أنهم جميعاً كانوا مدربين تدريباً جيداً، ولديهم استعداد شديد للموت والتضحية بأرواحهم.
وتابعت «التايمز» أن ما يعزز الاعتقاد بأن «القاعدة» تقف وراء الهجمات، تبني الهجمات من جانب «مجاهدي ديكان» غير المعروفة، رغم الحديث عن ارتباط هذه الحركة، بحركة «المجاهدين الهنود» التي نفذت في العام الماضي سلسلة تفجيرات في أنحاء الهند قتل فيها ما يزيد على 130 شخصاً، ولاسيما في مدن دلهي وبانغالور وجايبور وأحمدآباد. غير أن الاستخبارات الهندية، رأت في هذه الهجمات مؤامرة تشارك فيها أجهزة الاستخبارات الباكستانية وتستهدف في النهاية انتزاع إقليم كشمير في شمال الهند وضمه لباكستان.
غير أن العلاقات الباكستانية - الهندية، تحسنت في الآوانة الأخيرة مع الهند وسعى قادة باكستان لطمأنة نيودلهي إلى حسن نواياهم وعزمهم على تعزيز العلاقات التجارية والديبلوماسية، ما يؤكد أن الاستخبارات الباكستانية بعيدة عن الضلوع في أي شكل من الأشكال بالهجمات التي وقعت الليلة قبل الماضية. وفي موسكو (ا ف ب)، ذكر مسؤول رفيع المستوى في الاستخبارات الروسية، ان المجموعات الاسلامية التي نفذت سلسلة اعتداءات دامية في مومباي مرتبطة بـ «القاعدة». وقال رافضا كشف هويته، ان «اجهزة الاستخبارات الروسية تملك معلومات مفادها ان بعض المجموعات التي هاجمت مومباي لديها اتصالات مع القاعدة». واضاف: «الامر يتعلق بمجموعة عسكر الطيبة الارهابي. ان مقاتلي هذه المجموعة تلقوا تدريبات في معسكرات القاعدة الموجودة على الحدود بين باكستان والهند». وقال ان الاعتداءات كانت تستهدف في شكل خاص مواطنين من بريطانيا والولايات المتحدة. وتابع «ان بحث المقاتلين عن مواطنين من هذين البلدين في الفنادق ليس صدفة. بالنسبة الينا، بديهي انهم كانوا ينفذون الاوامر». واشار الى ان اجهزة الاستخبارات الروسية كانت لفتت انتباه زملائهم في الهند الى وجود هذه المجموعة. وقال: «للأسف، الهنود كانوا ينظرون حتى الآن الى هذه المجموعة على انهم لصوص يشاركون في نزاعات حدودية».

حملة تنديد واسعة عبر العالم

لندن - ا ف ب - نددت مختلف عواصم العالم، امس، بسلسلة الاعتداءات التي خلفت اكثر من 125 قتيلا في مدينة مومباي، العاصمة المالية للهند، فيما تحدث الضحايا عن استهداف المسلحين للغربيين.
وقال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، ان مثل اعمال العنف هذه «غير مقبولة مطلقا»، فيما اعرب الاتحاد الاوروبي عن «صدمته واستيائه البالغين» خصوصا ان نوابا من البرلمان الاوروبي كانوا موجودين في بعض الاماكن المستهدفة. واعلن رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون، انه بعث إلى رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ رسالة اكد له فيها ان «هذه الهجمات المروعة التي وقعت في مومباي ستواجه برد صارم». واجرى الرئيس جورج بوش اتصالا هاتفيا بسينغ اعرب له خلاله عن دعمه. وقالت الناطقة باسم البيت الابيض دانا بيرينو ان «الرئيس عرض دعمه ومساعدته للحكومة الهندية بينما هي تسعى إلى اعادة ارساء النظام وضمان الأمن لشعبها والتخفيف عن الضحايا وعائلاتهم والتحقيق في هذه الاعتداءات الدنيئة». وقال الرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما من جهته، ان هذه الاعتداءات تظهر ضرورة ان تعمل واشنطن مع دول اخرى «للقضاء على الشبكات الارهابية وتدميرها».
كما دان الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الهجمات. وأكدت الرئاسة الفرنسية للاتحاد الاوروبي انها علمت بالهجمات «المروعة» ودانتها «بأقسى العبارات».
كما نددت وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني بـ «الهجوم الارهابي». وندد الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف الذي يزور فنزويلا حاليا، بالهجمات ووصفها بانها تضر «بالنظام العالمي باكمله وتمثل تحديا للانسانية». وفي بكين، قال كين غانغ، الناطق باسم الخارجية، ان الصين تدين في شدة الهجمات وتعارض كل اشكال الهجمات «الارهابية».
وتأكدت المخاوف من ان تؤدي الهجمات إلى نفور الزوار الاجانب. فقد الغى فريق الكريكيت الانكليزي مباراة كان من المقرر ان يجريها في الهند مما اثار الشكوك في امكانية استمرار البطولة. كما أعلنت «انترناشونال هيرالد تريبيون» امس، تأجيل مؤتمر سنوي للمنتجات الفاخرة كان من المقرر تنظيمه من 2 إلى 4 ديسمبر في نيودلهي.
وأرسلت كل من اسبانيا وفرنسا طائرات إلى مومباي لاعادة مواطنين اوروبيين إلى بلادهم. وأعلنت شركات طيران عدة الغاء رحلاتها إلى مومباي.



الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي