إسرائيل والولايات المتحدة: كيمياء بين رئيس وزراء ورئيس

تصغير
تكبير
معظم الاحتمالات تشير إلى أنه في اثناء أداء الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما اليمين القانونية سيلتقي في مكان ما في شهر مارس أو ابريل مع رئيس وزراء إسرائيل، الرجل الذي سيجلس إلى جانبه في الغرفة البيضاوية سيكون بنيامين نتنياهو. من أجل منع ذلك بدأت الأحزاب والشخصيات الذين يتنافسون أمام نتنياهو، لا سيما مستشاريهم، التمسك بدولاب نجاة متآكل ومثقوب من الماضي: عرض «الليكود» بشكل عام، ونتنياهو بشكل خاص كمن لا ترغب الإدارات الأميركية، لا سيما الديموقراطية، في العمل معهما. وعليه فعلى الناخبين الإسرائيليين أن يختاروا في صناديق الاقتراع «كاديما»، أو «العمل».
لا ننشغل هنا بالتاريخ، ولكن نظرة غير منحازة في الماضي تدل على أن العلاقات بين حكومة بيغن وإدارة كارتر، مثلا، تعززت، وذلك رغم خلافات ومواجهات غير قليلة بينهما، مثل المواجهة التي أجبر فيها موشيه دايان، الأميركيين على التخلي عن «مؤتمر جنيف»، أو المواجهة الحادة بين بيغن وكارتر غداة «مؤتمر كامب ديفيد» في موضوع المستوطنات. هكذا أيضا كان بعد الانتقاد في إدارة بيغن لقصف المفاعل العراقي في اوستريك. والناخب الإسرائيلي رغم المواجهات واصل التصويت لـ «الليكود».
صحيح أنه يحتمل أن تكون المواجهات مع بوش الأب وبيكر ساهمت في أن يخسر اسحاق شامير الانتخابات أمام اسحاق رابين، ولكن بالمقابل، ارئيل شارون، ولعله الرجل الأكثر كرها على الحزبين الأميركيين، تبارك بتعاون استثنائي مع بوش الابن رغم أنه لم يغير مواقفه، وعندما غيرها بعد بضعة أعوام لم يكن هذا بسبب ضغط أميركي. وسيقال انه بينما كان بنيامين نتنياهو في رأس حكومة إسرائيل في المرة السابقة كان لإدارة كلينتون تفضيل لـ «حزب العمل» ورئيسه، ولكن هذا كان لأسباب أخرى. ومثلما أشارت مادلين اولبرايت، وزيرة الخارجية الأميركية، في مذكراتها: كحجم التوقعات من باراك، هكذا كانت خيبة الأمل منه. وبالمناسبة، رغم الصعود والهبوط في العلاقات، فإن الميزان النهائي للمواضيع الأمنية وغيرها في عهد نتنياهو كان إيجابيا، بل وإيجابيا جدا.
وماذا الآن؟ مع كل العطف والنفور، فان الدول تعمل أساسا انطلاقا من مصالحها. ليس للعلاقات الشخصية أي قيمة، ومن هذه الناحية فإن «الكيمياء» التي نشأت بين أوباما ونتنياهو إيجابية، ولكن أهم منها الحقائق الأخرى. اولا، كلاهما يريدان أن ينجحا في منصبيهما ويضمنان مكانتهما لأعوام طويلة. أوباما غير معني بالمخاطرة في الاخفاقات، ومثلما لابد أنه تعلم من اسلافه، فإن النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، ومحاولات حله تكاد تكون وصفة مؤكدة للفشل. وإذا ما حاكمنا الأمور حسب رسائل تصل من حاشية أوباما، فإن التفضيل الذي يفترضه الواقع من ناحيته سيكون على أي حال هو معالجة الأزمة الاقتصادية أولا. وبالنسبة للشؤون الخارجية، فهناك سيحظى بالصدارة العراق، إيران وأفغانستان. وهذا لا يعني أن الإدارة الجديدة سترغب أو ستستطيع تكنيس الموضوع الإسرائيلي الفلسطيني (وربما السوري) تحت البساط، ولكن لماذا ندخل إلى حقل الالغام منذ بداية الطريق؟
وفضلا عن ذلك، فإن مسار «أنابوليس» لا يتماثل مع أوباما بل مع بوش، ولا يتحمس أي رئيس جديد للعمل حسب نهج سلفه. الرئيس الجديد قد تغريه، إذاً، أفكار جديدة، مثل «السلام الاقتصادي» مع الفلسطينيين والتي طرحها نتنياهو عليه في لقائهما في القدس (شخصيات في محيط أوباما شهدوا أنه تأثر بها).
«قصة الغرام» بين نتنياهو وأوباما بدأت، بالمناسبة، قبل أعوام، عندما أقنع نتنياهو السناتور الشاب بالحاجة إلى وقف الاستثمارات الغربية في إيران والآخر بادر لأن يقر في الكونغرس تشريع بهذه الروح. ناهيك عن أن الأميركيين يعرفون أن في إسرائيل حكومات الوسط اليمين وحدها هي القادرة على اتخاذ قرارات تحظى بتأييد أغلبية الجمهور. وبالتالي يبدو أنه من كل النواحي أوباما ونتنياهو سيتعاونان جيدا، وهذا الأمر المهم لشعب إسرائيل.
زلمان شوفال
«إسرائيل بيتنا»
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي