د. سامي ناصر خليفة / قاطعوه ...!

تصغير
تكبير
معرض كتاب يطل علينا سنوياً بوجهه الشاحب الذي لا لون ولا طعم له ولا رائحة، فقد أفرغ من محتواه النوعي ليصبح كماً، معظمه يتحدث عن فن الطبخ، وتفسير الأحلام، والقصص الخيالية، ليثير بعض الزوايا الهامشية من اهتمامات الناس. معرض أفرغ من محتواه النوعي وجُرّد من رسالته ليقاطع الكثير من الكتب بتبرير الرقابة المسبقة، ومنع الكثير من مؤلفات المبدعين بتبرير عدم جواز النشر، ولا أعلم إلى يومنا هذا ما هو مفهوم الرقابة على المصنفات لدى إدارة الرقابة في وزارة الإعلام، وما هي الضوابط التي تستند إليها لجنة الرقابة في منع أو جواز أي مصنف يُعرض عليها، ويكفي دليلاً على الحال المزري الذي وصل إليه معرض الكتاب السنوي في الكويت أن يعترف أحد أعضاء لجنة الرقابة بأنه: «لا توجد أي ضوابط مدوّنة يمكن الرجوع إليها في رفض أو قبول المصنفات، وأن المنع قائم على اجتهادات شخصية للأعضاء المستشارين في اللجنة».
لقد اعتصم أخوة لنا من الشباب الكويتي السبت الماضي أمام معرض الكتاب احتجاجاً على القمع الذي تتعرض إليه حرية التعبير عن الفكر والرأي، وطالبوا الناس بمقاطعته، وبالرغم من شغفي بالقراءة، وحرصي على متابعة الجديد بين المؤلفات النوعية، وتحمل عناء السفر جرياً وراء المعارض السنوية للكتب العربية والأجنبية التي تقام في الدول الشقيقة والصديقة، إلا أنني أعلن من هذا الموقع، وللعام الثامن على التوالي، تضامني مع المعتصمين، ومقاطعتي لهذا المعرض المفرغ من محتواه لحين رفع القيود على آلاف الكتب الممنوعة.
احذروه...!

لبس ثوب الدين والقيم وبدأ يتكلم بلسان الإصلاح والحفاظ على ثوابت الناس، وبرز اسمه مع كل شاردة وواردة تتعلق بتقويم السلوك الاجتماعي وكأنه وصي فُرض على أهل الكويت من شمالها إلى جنوبها، أو إن أردت يمكن تشبيهه بمؤشر الشال في الاقتصاد، أو مؤشر العجيري للطقس. فهذا حرام، وذاك لا يجوز، وهذا خلاف ثوابت الأمة، وذاك شرك وكفر... وهكذا. خطابه ظاهره الرحمة وباطنه العذاب، منبره يفرّق بين الناس، ويشيع الخلاف، ويشنّج المناخ الاجتماعي في البلاد ليقتات على التأزم والتأزيم. قرّر دخول مجلس الأمة فكان له ما أراد ولكن من باب انتهاك قوانين الدولة بمشاركته في انتخابات فرعية مجرّمة قانوناً ومحرمة شرعاً، ومنبوذة أخلاقاً، لينقل التفريق بين الناس وضرب الوحدة الوطنية إلى قبة عبدالله السالم. وها هو اليوم يزج البلاد في أتون الفتنة الطائفية ويدفع العلاقة بين الحكومة والمجلس إلى خط اللا عودة، ليرمي البلاد في عمق سحيق نحو الهاوية، غير آبه بما جنته يداه من سلوك تأزيمي لم يعتد عليه أهل الكويت منذ عقود من الزمن.
طائفي إلى النخاع، ولا أعلم كيف يمكن لعضو في مجلس الأمة بتلك الصفات أن يمثل الناس كل الناس، بل كيف يدّعي تمثيله للإسلاميين وقد أفرغ الخطاب الإسلامي من محتواه وجرّد مبادئ الدين من روحه، فترك المصائب التي حلت على الناس من ظلم، وغبن، ومحن، ومشاكل، ومصائب، لينشغل في توافه الأمور وقشورها، كالجنوس والمطربات وغير ذلك. يتعامل مع الناس بمنطق سوء الظن، ويحاكم القلوب والنوايا بعيداً عن منطق القرآن ورسالته الإنسانية القائمة على روح التعدد ومبدأ التسامح.
د. سامي ناصر خليفة
أكاديمي كويتي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي