فنانة سبعينية رسمت أعوامها المتبقية / لوسي توتنجيان... ريشة حية ترقص مع الألوان

تصغير
تكبير
| بيروت - من محمد دياب |
منذ اللحظة الاولى لدخول المعرض الذي تقيمه الفنانة الارمنية لوسي توتنجيان في جامعة «هايكازيان» في بيروت، تنساب الألوان المفعمة بالحياة، ما يبعث على شعور غريب ومفاجىء بالراحة. فالالوان الخضراء في كل مكان او كما تقول احدى الزائرات «الحياة ترقص هنا مع هذه الألوان».
الفنانة السبعينية تؤكد ان هذا المعرض قد يكون الاخير لها، اذ ان الحياة قد لا تعطيها فرصة ثانية لاقامة معرض جديد. وربما تكون لحظات الحياة الاخيرة رسمت فصول الطبيعة بكل هذا الحب.
المعرض ارتكز على عنواني العائلة والطبيعة، فقد رسمت الفنانة ما كانت تراه وهي جالسة في بيتها الريفي، بحيث تعاقبت الفصول في لوحتها الى درجة يخيل للناظر أنه يقف عند نافذة لوسي في منزلها ويرى ما يحدث خارجاً.
اعتمدت التشكيل لتصوير مشاهداتها، ورغم تداخل الألوان والأشكال، فان الانطباعية افسحت مجالاً ضمن هذا الترتيب الفوضوي للألوان.
تعتبر لوسي ان اعمالها تنطلق من اهتمامها بالحياة الطبيعية والعائلة، وتعزو ذلك الى اقامتها في الجبل ما جعلها تستوحي من الطبيعة المحيطة بها وبعائلتها.
الجميل في المعرض ان الفنانة تناولت موضوعات شتى بتفاصيل قد تكون مهملة في حياتنا العادية، فاستخدمت عناوين للوحاتها مثل «رواية قصة» التي تصور اطفالاً قرب شخص يروي لهم حكاية، او «العودة الى المدرسة».
انه معرض التفاصيل اليومية بامتياز، او ربما سيرة ذاتية اخيرة ارادتها لوسي عبر الألوان، فقصت بلوحاتها سيرة عائلة بأطفالها ونسائها، وروت كل ما كانوا يشاهدونه من بيتهم كما في لوحة «في وسط الامكان» التي تظهر مشهدا طبيعيا متداخلاً. ومن الطبيعي ان يكون اللون الغالب على اللوحات هو الاخضر.
تقول لوسي «الطقس ووضعي النفسي يؤثران على اختياري للألوان. اشعر في هذه الايام انني اقرب الى الألوان القوية، مع قليل من البنفسجي الحزين».
مسحة الحزن هذه ناتجة من حبها للحياة، مع علمها بأن سنواتها باتت معدودة. لذا، احتل البنفسجي حيزا كبيرا في هذه السيرة الذاتية من الحزن.
ورغم وضوح فكرة المعرض الرئيسية، قد تنتاب الناظر حيرة امام معاني بعض اللوحات، الى ان تقطع الورقة التي تحمل اسم كل لوحة الشك باليقين. وتعلق لوسي «الانسان حر في انطباعاته عن اللوحة، ولكن التسمية كانت انطلاقاً من احساس داخلي لدي. المهم ان يكون هناك توازن بين اللوحة ومشاعر الناظر اليها، فاللوحة تتكلم عن مكنوناتها، وما يهمني كيف سيتعامل المشاهد مع مكنونات هذه اللوحات».
هذا المعرض يطرح تساؤلات عدة عن امكان التعبير عن السيرة الذاتية عبر الرسم، لكنه يبقى «كل شيء في حياة» لوسي توتنجيان التي بدأت مسيرتها الفنية العام 1936 ومذاك اقامت اكثر من ثلاثين معرضاً.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي