الاستراتيجية التعليمية لا تقدّم كوادر قادرة على التعامل مع التطورات

بدر الخرافي: الكويت تنفق على الطالب 14300 دولار سنوياً ... وجودته الفعلية 23 في المئة من القيمة السنوية

تصغير
تكبير

الثورة الصناعية الرابعة ستسبب انحساراً وفقداناً للوظائف التقليدية

بيئة الأعمال بحاجة ماسة للوظائف التي تراعي الجوانب الإبداعية

14 في المئة من القيادات العليا لدى «زين»
من النساء... ونستهدف
25 في المئة بحلول 2020




أوضح نائب رئيس مجلس الإدارة، الرئيس التنفيذي في مجموعة زين للاتصالات، بدر ناصر الخرافي، أن الثورة الصناعية الرابعة أحدثت تحولات جذرية وبشكل واضح في قطاع الأعمال، بحيث ظهرت تطبيقاتها في زيادة إنتاجية القطاعات الرئيسية في المجالات التجارية والصناعية، مؤكداً أن اقتناء التكنولوجيات الحديثة بات أمراً أساسياً لمواصلة النمو الاقتصادي.
وقال الخرافي إنه في الوقت الذي تشير فيه التقارير والتوقعات، إلى حالة من التفاؤل بشأن التكنولوجيات الحديثة، والتي تعد بتحسين أوجه الحياة الاجتماعية والاقتصادية، هناك معضلة كبيرة، وهي مواجهة الآثار المترتبة الأخرى التي ستحدثها الثورة الصناعية الرابعة على المجتمعات، وما ستسببه من انحسار وفقدان للوظائف التقليدية.
وكشف الخرافي أن الثورة الرقمية وما يرتبط بها من تطبيقات، وبالرغم من الاستفادة المتوقعة التي ستأتي بها هذه الحقبة، فإنها ستؤدي إلى إحداث تأثيرات على مكونات بيئة الأعمال، بحيث ستضع الجميع أمام تحديات بين زيادة البطالة التكنولوجية وتوفير فرص العمل، ما يستدعي الفهم لطبيعة هذه التغيرات الجذرية.
وبين أن التكنولوجيات الحديثة تدفع الشركات إلى اكتساب المزيد من الثروات الهائلة مع عدد أقل بكثير من العمالة، مقارنة مع الـ 25 عاما الماضية، لافتاً إلى أن خير مثال على ذلك حجم ثروات أكبر ثلاث شركات تكنولوجية في وادي السيلكون بـ لوس انجليس، والتي تصل قيمتها السوقية إلى 30 ضعف القيمة السوقية للشركات الصناعية في ديترويت، ومنوهاً بأن عدد العمالة في هذه الشركات التكنولوجية بلغ 137 ألف عامل، بينما وصل في الشركات الصناعية إلى نحو 1.2 مليون عامل.
 ورأى أن هذه الأرقام تكشف مدى الفجوة الكبيرة في عدد العمالة بينهم، بحيث تمثل قوة عمالة هذه الشركات التكنولوجية 10 في المئة مقارنة بحجم عمالة هذه الشركات الصناعية الكبرى.
حديث الخرافي جاء خلال فعاليات منتدى الثروة البشرية الذي انعقد في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، بتنظيم مؤسسة نقاط للتقدم الثقافي (غير الربحية)، والذي شارك فيه كمحاضر رئيسي بورقة عمل بعنوان «تمكين ثقافة الإبداع»، وهي الفعاليات التي سلطت الضوء على أهمية الاستثمار في الثروة البشرية، بحيث تضمنت مجموعة من المحاضرات والمناقشات التثقيفية بقيادة نخبة من كبار المفكرين والرياديين في مجالات الثقافة والفنون.
وحول ما إذا كان الاعتماد على الموارد الطبيعية أدى إلى تنوع اقتصادي محدود، والافتقار إلى الاستثمار في التنمية البشرية، فقد حث الخرافي خلال الجلسة النقاشية على أهمية تمكين الثقافة الإبداعية، والاستثمار بكثافة في الثروة البشرية، وهو ما لن يتحقق إلا بالبحث عن أصحاب البحوث والمبادرات المبتكرة، ودعمهم مادياً ومعنوياً.
وكشف أن بيئة الأعمال بحاجة ماسة الآن إلى التركيز على الوظائف، التي تراعي الجوانب الإبداعية والابتكارية في ظل هذه التطورات التكنولوجية.
وتابع الخرافي أنه هناك حاجة إلى تبني آليات التعليم الإبداعي في المنظومة التعليمية في الدولة، لتزويد أجيال المستقبل بالمهارات اللازمة، مشيراً إلى أن الحقل التعليمي عامل مهم جداً في تزويد قطاع الأعمال بالمهارات والمواهب، ولافتاً إلى أن العملية التعليمية لا تتوقف عند مرحلة عمرية معينة.
وأبدى أسفه للإستراتيجية التي تشهدها العملية التعليمية في الكويت، والتي وصفها بأنها لا تقدم الكوادر القادرة على التعامل مع هذه التطورات، مبيناً أن هذه المخرجات لا تعكس الواقع الحقيقي الذي تشهده أسواق العمل الباحثة عن العقول الإبداعية والمبتكرة.
وأفاد بأنه إذا ما أرادات الدولة تحقيق أهدافها الإستراتيجية من التنمية الاجتماعية والاقتصادية، فعليها اتخاذ خطوات حقيقية لإصلاح العملية التعليمية، والاعتماد على مناهج تعليمية تراعي الجوانب الإبداعية لتنمية مدارك وعقول الأجيال.
وأكد الخرافي أن آخر إحصاءات المنتدى الاقتصادي العالمي في مجالات رأس المال البشري، صنفت الكويت في المركز الـ 96 على سلم المؤشر الذي أصدره أخيراً، وتضمن 130 دولة، بحيث كشف أنه ورغم أنها في صدارة دول العالم من حيث الإنفاق التعليمي على الطالب الواحد بمبلغ 14300 دولار سنوياً، إلا أن جودة التعليم الفعلية من هذا الإنفاق تبلغ 3300 دولار، بمعنى أنها تمثل 23 في المئة من القيمة الحقيقية التي تنفقها الدولة على الطالب الواحد.
وقال إن نهج دمج ثقافة الإبداع وروح الابتكار مع العلوم التكنولوجية في المناهج التعليمية، ساعد كثيراً في توليد الطاقات الإبداعية لدى الطلبة في المراحل العمرية المختلفة، وإنه عند النظر إلى هذه الإحصاءات، هناك حاجة إلى تغيير المناهج التعليمية وتبني مناهج تعتمد على ثقافة الإبداع والابتكار، خصوصاً إذا ما عُرف أن المرحلة الزمنية التي يصل فيها الإبداع البشري تمتد من عمر 5 إلى 14 سنة.
وأضاف أنه انطلاقاً من هذه الحقائق، فقد تحركت «زين» سريعاً كمؤسسة تمثل القطاع الخاص، وتؤمن بمسؤولياتها في مجالات الاستدامة، ودشنت مبادرة تطويرية مع مؤسسة نقاط للتقدم الثقافي بعنوان (IN•DIG•GO)، وهي عبارة عن برنامج تعليمي مبتكر مخصص للأطفال، الذين تراوح أعمارهم بين 6 و11 عاماً بهدف توسيع نطاق مدارك الأطفال، وتعزيز قاعدة المعرفة لديهم، وتطوير مهاراتهم الشخصية والتعليمية.
وذكر أن هذه المبادرة هي الأولى من نوعها على مستوى الشرق الأوسط، وقد تم اطلاقها لأطفال موظفي «زين»، على أن تستمر المرحلة الأولى لمدة 13 أسبوعاً.

الحميضي: «نقاط» تنشر ثقافة الاقتصاد الإبداعي

قالت العضو المؤسس رئيس قسم المحتوى في مؤسسة «نقاط»، حصة الحميضي، إنها حرصت على أن تشمل هذه النسخة من المنتدى على سلسلة من الفعاليات والجلسات الفكرية، والتي أدارها نخبة من القادة والخبراء في المجالات الإدارية والثقافية، بحيث دعت هذه النخبة إلى ضرورة تضمين الفكر الإبداعي في المجالات التعليمية والتدريبية.
وبينت أن هذه الدورة هي بداية حقيقية لرحلة «نقاط» التعريفية، التي ستقوم بها في أسواق منطقة الشرق الأوسط لنشر ثقافة الاقتصاد الإبداعي على المستوى الإقليمي، بحيث تحرص على أن تواكب أهداف رسالتها الاتجاهات العالمية نحو تعزيز وتنمية الاقتصاد القائم على المعرفة.
وتركز «نقاط» في مبادراتها على إعادة اكتشاف العلاقة بين المعرفة والإبداع والإنتاج الاقتصادي من ناحية، وعلى الابتكار العلمي والتجاري من ناحية أخرى، ولذلك كثفت من جهدها لإطلاق مؤشر خاص لقياس تأثير الإبداع على المجتمعات.
وجاءت فكرة إطلاق هذا المؤشر من «نقاط»، للمساهمة في توجيه الشركات نحو تطبيق مناهج ترتكز على مفهوم الابتكار والإبداع وهو يعد خطوة تقدمية نحو تعزيز اتجاهات المؤسسات والشركات إلى تطوير المجتمع ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً، ما سيساعد على الارتقاء بطبيعة فلسفة برامج الشركات في مجالات الاستدامة، وترسيخ مبادئ المسؤولية الاجتماعية ضمن ثقافة عمل أي مؤسسة.
وتشهد منطقة الخليج تحولات اقتصادية واجتماعية حاسمة، تبرز في طبيعة انتقاله من الاعتماد على النفط إلى التنويع المتوازن بين القطاعات المختلفة، والتعاون مع القطاع الخاص، وتشجيع المشاركات الوطنية من مواطنين ومجتمعات ومنظمات غير الربحية.
وقامت الكويت بوضع إستراتيجيات موجهة اجتماعية واقتصادية تحت عنوان ( كويت جديدة 2035) لدفع تلك النقلة النوعية، ولكن تنقصها المؤشرات والأدوات الواضحة، لقياس ومتابعة المساهمة التي تقوم بها هذه الكيانات الفردية في تأثريها على المجتمع.؟
وقامت «نقاط» بإطلاق فكرة (المؤشر الجديد لقياس تأثيرالإبداع على المجتمع) بالتعاون مع كل من مجموعة «زين» و«إستراتيجي أند».

على الهامش

الشباب الكويتي

قال الخرافي «عززنا من شراكتنا الإستراتيجية مع مؤسسة إنجاز، التي نسعى من خلالها إلى تثقيف ودعم الشباب الشغوف بتطوير أفكاره ومشاريعه وفقاً للمعايير العالمية، بحيث يوجه هذا المشروع جهوده نحو قطاع الشباب والتعليم، والتقرب أكثر من الطلاب والطالبات من المدارس الحكومية المتوسطة والثانوية، في جو مهني احترافي للمساهمة في تطوير مهارات الطلبة في هذه المرحلة العمرية المهمة».
وبين أن المجموعة أبدت اهتمامها أيضاً بالمرحلة العمرية الأكبر بالتوجه إلى الشباب من خريجي الجامعات، بإطلاق النسخة الثالثة من المشروع التدريبي «جيل Z»، والذي تستهدف منه الاستثمار في المواهب الوطنية الشابة، بغرض تقديم وتأهيل جيل جديد من الرواد إلى بيئة الأعمال.
وأوضح أن هذه المبادرة قدمت كوادر وطنية شابة إلى قطاع الأعمال، إذ التحق 4 خريجين من هذا المشروع للعمل في «زين» في العام 2016، ومثلهم التحقوا للعمل عن العام 2017، منوهاً بأن هذه المبادرة تمنح الخريجين الفرصة لتطوير قدراتهم المعرفية، والمساعدة في تنمية أفكارهم بأساليب مبتكرة.
واستعرض الخرافي التجربة العملية التي قامت بها «زين»، لتحفيز الطاقات الإبداعية من كوادرها على مستوى شركاتها في أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا، إذ أطلقت مبادرة «Zainiac»، بهدف تعزيز الابتكار في الشركة، ودفع الموظفين لبدء أعمال جديدة، والتفرغ لإدارة هذه المشاريع، على أن يكون دورها هو تقديم كل الدعم المطلوب لهذه المشاريع.
وتابع أن هذه المبادرة هي مثال عملي على تحفيز القدرات الإبداعية في المؤسسات، ومن خلالها حاولت الشركة إشعال فتيل الإلهام، وتشجع الابتكار، وقد حصلت على أكثر من 100 مبادرة ومشروع من موظفيها في كافة الشركات، وتم اختيار 5 أفكار فقط، على أن يتم دعم أصحابها من الموظفين، بحيث كان الهدف توفير فرص عمل جديدة بإطلاق هذه المشاريع في سوق العمل.
وأشار إلى أن مثل هذه المبادرات تشجع الشباب على اختراق سوق العمل، وبناء أجيال جديدة قادرة على تقديم مشاريع ذات جدوى اقتصادية، كما تسهم في تعزيز جهود الدولة التنموية، خصوصاً إذا ما عرف أن الإحصاءات الأخيرة تبين أن نسبة أعداد العاملين في القطاع الحكومي تصل إلى 92 في المئة، مبيناً أن هناك تخوفات بعد وصول نسبة البطالة إلى 20 في المئة بين الشباب.

المساواة بين الجنسين

أكد الخرافي ضرورة تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين، الأمر الذي وصفه بأنه يسهم في زيادة الناتج القومي المحلي، مبيناً أن التقارير العالمية تفيد أن عند التوزان بين الرجل والمرأة في سوق العمل، فإن الناتج القومي المحلي يحقق نسب نمو قوية، كما يعزز من القدرات الإبداعية في البيئة التشغيلية.
وتابع أنه اعتماداً على هذه الحقائق قامت «زين» بإطلاق مبادرة تمكين المرأة، بهدف اتخاذ خطوات حقيقية نحو التنوع بين الجنسين في بيئة الأعمال، وتقوية ودعم العنصر النسائي حتى يكون للمرأة دور فاعل في تطوير وقيادة المؤسسة نحو تحقيق أهدافها الإستراتيجية.
وبين «تكشف النسب المسجلة لدينا أن هناك 23 في المئة فقط يمثلون العنصر النسائي في قوة عمل المؤسسة، كما أن العنصر النسائي يمثل 14 في المئة من قوة القيادات العليا في المجموعة، ولذلك نستهدف من هذه المبادرة تحقيق أكبر قدر من التوزان بين الجنسين، والوصول إلى نسبة 25 في المئة بالقيادات العليا مع العام 2020».
 وأوضح أنه لا يمكن اعتبار مؤسسة ما متقدمة في تبني هذه المفاهيم، إذا لم تحدد وتدعم جميع العناصر لديها، وأنه بالنظر إلى المساهمات الكبيرة التي تقدمها المرأة، فإن «زين» متحمسة جداً لهذه المبادرة، وما يمكن أن تحققه من دعم وتمكين لدورها في بيئة الأعمال، وتسعى إلى تبني لوائح تنظيمية مبتكرة لدعم هذا التوجه.

المسؤولية الاجتماعية

شدد الخرافي على جهود المجموعة في جوانب أخرى بعيدة عن المجالات التجارية والتكنولوجية، وهو جانب المسؤولية الاجتماعية، إذ تؤمن بأهمية دعم مجالات الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية، وهي تتبنى القضايا الأكثر تأثيراً.
وأشار إلى أنه دائماً ما ترتكز مبادرات «زين» على التعاون المشترك مع العديد من المؤسسات والشركاء، بهدف تطوير إمكانات ومهارات الشباب.
وأكد على أنه من الضروري توجيه الدعم والرعاية للكوادر الشابة، وعلى أنها تنظر الشركة إلى الأعمال الناشئة على أنها الأرضية الخصبة المثالية للعثور على الأشخاص الطموحين، مبيناً أن المجموعة قامت في هذا الإطار باحتضان عدد من رواد الأعمال.
ولفت إلى أن المؤسسات لا يجب أن تغفل تبني الأساليب المبسطة في آلية العمل البعيدة عن التعقيدات، التي قد تضع عراقيل أمام مدارك وإبداعات الموظفين، كما أنها لا يجب أن تغفل أيضا نشر وسيادة روح العمل الجماعي، والابتعاد عن روح الفردية، التي ستصب في تعزيز المناخ الصحي فيها.
وقال الخرافي «ندرك أن بيئة العمل في المكاتب قد تؤثر على نشاط موظفينا ولياقاتهم الذهنية، وعلى طريقة التواصل في ما بينهم، وهو ما يؤثر بالتأكيد على عنصر الإبداع، والقدرات الإنتاجية، ولذلك اتخذنا مبادرات مبتكرة لنشر مناخ صحي داخل بيئتنا التشغيلية، بهدف الحفاظ على تحقيق التوزان المطلوب بين النشاطين البدني والعقلي لموظفينا».
وأضاف أن «زين» تعمل على إشراك موظفيها في العديد من البرامج والمبادرات، التي تعزز من النشاط البدني والعقلي، كما تعمل على تأسيس مركز حيوي يكون بمثابة ساحة التقاء فكرية بين الموظفين والمبدعين، يتواصلون فيه بالشكل الذي يخدم التوجهات الإستراتيجية لديها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي