4 / سلسلة تساؤلات مُدهِشة عن أجسامنا نطرحها ونُجيبُ عنها من وحي كتاب ?Why Do Men Have Nipples

التثاؤب: هل يَنتقِل بـ «العدوى»؟... ولماذا وكيف ينتابُنا؟

تصغير
تكبير

عزيزي القارئ... عزيزتي القارئة...
إذا تثاءبت فورا أو في غضون 5 دقائق من مطالعتك لسلسلة الصور المرفقة هنا مع هذا التحقيق، فهذا يعني أمرين مؤكدين أثبتتهما نتائج أبحاث ودراسات تخصصية، ألا وهما:

• أولا: أنك واحد من بين 65 في المئة تقريبا من البشر يُعتقد أن التثاؤب ينتقل اليهم بـ«العدوى» الإيحائية.
• وثانيا: أنك على الأرجح لست مصابا بأي اضطراب نفسي أو ذهني يؤثر على مركز التعاطف الغريزي في الدماغ. فلقد أثبتت ابحاث أن المخ البشري مبرمج غريزيا بحيث يتعاطف مع المتثائب بأن يقلده.
وتشريحيا، فإنه خلال حركة التثاؤب يحصل بشكل متزامن انفراجا بين الفكين مع تمدد لغشائي طبلتي الأذنين مع شهيق طويل وعميق نسبيا يتبعه زفير، وفي معظم الحالات يميل المتثائب إلى إغماض عينيه.
وفي ما يتعلق بظاهرة التثاؤب، هناك تساؤلات عدة مدهشة ومثيرة للاهتمام نطرحها ونحاول الإجابة عنها في حلقة اليوم، بما في ذلك:
? لماذا وكيف نتثاءب؟
? وإذا كان التثاؤب ينتابنا بـ«العدوى»، فكيف ينتقل من المتثائب الأول إلى من حوله؟
? وهل يمكن أن تنتقل «عدوى» التثاؤب من خلال مشاهدة صور أو مقاطع فيديو لمتثائبين؟ أو عند مجرد الاستماع إلى صوت تثاؤب؟ أو حتى عند قراءة نص عن التثاؤب؟
? وماذا لو كان المرء لا يتثاءب مطلقا؟
? وما علاقة التثاؤب بـ«دموع التماسيح»؟
فإلى مزيد من «التثاؤب» مع حلقة اليوم...

لماذا نتثاءب؟... نظريات وتفسيرات
واقع الحال حاليا هو أنه لا توجد ثمة إجابة موحدة بسيطة عن التساؤل: «لماذا نتثاءب؟»، لكن الأمر الأرجح هو أن أشياء متزامنة عدة تحصل في الجسم عند التثاؤب، بما في ذلك إدخال مزيد من الأكسجين إلى المخ والدم، وفي الوقت ذاته التخلص من كمية من ثاني أكسيد الكربون، وذلك على نحو يمكننا من خلاله تشبيه التثاؤب بأنه يعمل كـ«فلتر إنعاش وتنقية»!
وهناك نظريات عدة لعملية التثاؤب، وهي النظريات التي تعطي تفسيرات ليست متناقضة بقدر ما يكمل بعضها بعضا على نحو يمكننا أن نعتبره يشكّل صورة تفسيرية متكاملة.
إحدى أكثر تلك النظريات قبولا هي تلك التي تقول إننا نتثاءب تلقائيا عندما يقل مستوى الأكسجين في الجسم - والمخ تحديدا - لأي سبب كان (كقلة النوم أو الإجهاد مثلا)، وأن الجسم بتلك الحركة التثاؤبية يلتقط جرعة تعويضية سريعة من الأكسجين. ومع ذلك، فإن هناك نظرية ترى العكس، وتؤكد على أن كمية الأكسجين التي يأخذها الجسم خلال التثاؤب تكون أقل مما يكون عليه الحال أثناء التنفس الطبيعي العادي.
وترى نظرية أخرى أن من بين وظائف التثاؤب الحيوية أنه يعمل على تبريد وتلطيف درجة حرارة المخ إذا ارتفعت درجة حرارته عن المستوى الطبيعي ألا وهو 20 درجة مئوية. ويرجح بعض الباحثين في مجال المخ والأعصاب أن ذلك التلطيف في درجة حراة المخ يكون هدفه زيادة قدرة المخ على التركيز والانتباه، وأن سبب انتقال التثاؤب بالعدوى إلى المحيطين بالمتثائب يكون رد فعل غريزيا من أجل تنشيط مستوى انتباه وتركيز المجموعة.
هناك نظرية ثالثة ترى أن التثاؤب ليس أكثر من بقايا عادة كان يمارسها الإنسان القديم من أجل إخافة مهاجميه ومفترسيه عند مواجهتهم، وأن ما نراه حاليا هو ما تبقى من تلك العادة بعد رحلة طويلة من التطور البشري على امتداد مئات الآلاف من السنين. ويوضح أنصار تلك النظرية أن الإنسان القديم كان يفتح فمه واسعا ويكشف عن اسنانه كنوع من التخويف لردع أي عدو يحاول مهاجمته.
يعتقد آخرون أن دور حركة التثاؤب هو المساعدة في تمديد ومط الرئتين والأنسجة العضلية المحيطة بهما، وهو الأمر الذي يتمثل دوره الفسيولوجي في منع ارتخاء أو خمول المسالك والشعب التنفسية.

نوعان... و«عدوى إيحائية»!
يتم تصنيف التثاؤب إلى نوعين، ألا وهما: «التثاؤب المُعدي» و«التثاؤب العفوي». وفي حين أن النوع المعدي يحدث كرد فعل استجابة لمؤثر خارجي، فإن النوع العفوي هو ذلك الذي ينشأ من مسببات داخلية، نفسية كانت أو فسيولوجية كالإجهاد والملل والضغط النفسي وغير ذلك.
واستنتجت دراسات بحثية أن التثاؤب ينتقل بـ«العدوى الإيحائية» بين الثدييات (بما فيها الإنسان) في نحو 65 في المئة من الحالات. وتم التوصل إلى تلك النتائج من خلال تعريض من شملتهم الاختبارات إلى مشاهدة أشخاص يتثاءبون وجها لوجه أو عبر شاشة تلفزيونية أو في صور فوتوغرافية، أو الاستماع إلى أصوات أشخاص يتثاءبون، أو قراءة نصوص عن التثاؤب، أو حتى التحدث عن التثاؤب.
وأثبتت التجارب ذاتها أنه مثلما يمكن لـ«عدوى» التثاؤب أن تنتقل من إنسان إلى آخر، فإنها يمكن أن تنتقل بالطريقة ذاتها من إنسان إلى حيوان أو العكس، ومن حيوان إلى حيوان.

إفرازات... وهورمونات
من الثابت طبيا أن جرعة إضافية من هورمون الدوبامين يتم افرازها من المخ وأعضاء أخرى في الجسم تفرز عند التثاؤب، وهو الهورمون الذي يقوم بإنعاش وتنبيه المخ وإكسابه نوعا من الشعور بالارتياح. وبالإضافة إلى الدوبامين، يتم افراز حمض النيتريك، وهورمون السيروتونين، وأحماض أمينية، وأوكسيتوسين. وجميعها افرازات منشطة ومنبهة ومنعشة للمخ والبدن.
ويقول بعض الباحثين إن الذي يستثير حركة التثاؤب هي ذات الإفرازات الكيماوية التي يفرزها المخ للتحكم في شهيتنا وحالنا المزاجية وعواطفنا الوجدانية وأمور عدة أخرى. ويميل انصار هذه النظرية إلى الاتفاق على أن تلك الإفرازات المسؤولة عن استثارة التثاؤب هي أكسيد النيتريك وحمض الغلوماتيك وهورمونا الدوبامين والسيروتونين.

جرس إنذار!
كشفت دراسة أُجريت في كلية الطب التابعة لجامعة هارفارد الأميركية عن أن التثاؤب لا يكون أمرا عارضا أو طبيعيا في كل الأحوال، بل قد يكون في بعض الأحوال مؤشرا يدل على وجود مرض أو مشكلة صحية بما في ذلك مرض التصلب اللويحي المتعدد، الذي يصيب خلايا الدماغ والنخاع، والتصلب الجانبي الضموري، والشلل الرعاش (مرض باركنسون)، بل وحتى الصداع النصفي.

 كل أعضاء الجسم تتثاءب!
ويرى بعض الباحثين أنه عندما يتثاءب الشخص فإن بقية أعضاء جسمه تتثاءب أيضا، وليس فمه وحلقه فقط. ويوضح هؤلاء أن كل عضو من أعضاء الجسم يؤدي استجابة معينة عند التثاؤب، وأن منبع تلك الاستجابات يعود إلى التغيرات التي تطرأ على المخ بعد أن تتلطف درجة حرارته ويستمد مزيدا من الدماء النقية الطازجة.
فعند التثاؤب، يحصل تمددات وتقلصات في العضلات المحيطة بالجمجمة مع أخذ شهيق عميق وطويل نسبيا. وتزامنا مع ذلك، تبدأ معظم أعضاء الجسم الأخرى في إبداء استجابات وردود أفعال ثانوية لا يشعر بها المتثائب، لكنها تأتي تجاوبا مع الحدث.

تثاؤب... مميت؟
قد يكون الأمر صادما لكنه حقيقي، فبعض حالات التثاؤب قد تؤدي إلى موت صاحبها!
ففي العام 2007، تناقلت وسائل إعلام خبر رجل أميركي شاب تثاءب بشدة في اثناء قيامه بإعداد كوب من الشاي، وأن التثاؤب كان من القوة إلى درجة أنه تسبب في إحداث خلع لعظمة فكه السفلي، فكانت نتيجة ذلك الخلع أن فقد القدرة على التنفس ودخل في غيبوبة أفضت إلى موته رغم محاولات إسعافه في المستشفى.
لكن الأمر المطمئن نسبيا هو أن أطباء يؤكدون أن حالات انخلاع الفك السفلي بسبب التثاؤب نادرة جدا، إلا أنهم يوصون في الوقت ذاته بالانتباه وبعدم المبالغة في انفراج الفكين عند التثاؤب.

انعدام التثاؤب... مؤشر خطير!

انسجاما مع النظرية القائلة بأن التثاؤب بالعدوى هو نوع من «التعاطف الاجتماعي الغريزي» مع المتثائب، فإنه يمكن القول استنادا إلى نتائج دراسات نفسية أن من لا يتثاءب مطلقا (سواء عفويا أو بالعدوى) فهو على الأرجح شخص مصاب بأحد الاضطرابات النفسية أو الذهنية، بما في ذلك مرض التوحد.
فإذا لاحظت أن طفلك مثلا لا يتثاءب من تلقاء نفسه مطلقا ولا يتثاءب بالعدوى الإيحائية عند مشاهدة الآخرين من حوله يتثاءبون، فإن هذا يعتبر مؤشرا خطيرا ومقلقا ينذر بأنه على الأرجح مصاب باضطراب نفسي أو ذهني، وأن دماغه يفتقر إلى الحاسة النفسية التي تُعرف بـ«التعاطف الغريزي الاجتماعي»، وهذا الافتقار يصنفه اختصاصيو الطب النفسي باعتباره اضطرابا أو اختلالا يستوجب العلاج على يد اختصاصي نفسي.

التثاؤب... و«دموع التماسيح»!

إذا كنت واحدا ممن تغرورق أعينهم بـالدموع، أو حتى تذرف منها، فليس عليك أن تقلق مطلقا من ذلك.
فالتفسير العلمي لتلك الدموع هو أن عظمة الفك السفلي تنفرج بزاوية كبيرة نسبيا عندما نتثاءب، وهو الانفراج الذي يتسبب في الضغط على غدد دمعية صغيرة توجد على مقربة من العينين. وتلك الغدد تمتد منها قنوات دمعية بين الجفن ومقلة العين.
وهكذا، فإنه عندما تتثاءب يتسبب ذلك الضغط في اعتصار الغدد الدمعية التي يتدفق منها الدموع إلى أن تسيل من المسافة الفاصلة بين الجفن والمقلة.
وهذه الآلية ذاتها هي التي تجعل عيون التماسيح تذرف «دموعا» خلال قيامها بالتهام فريسة كبيرة الحجم نسبيا. فانفراج فكي التمساح واسعا يضغط على غدده الدمعية بالطريقة ذاتها، وتكون نتيجة ذلك هو سيلان «دموع التماسيح».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي