العطسة تاريخياً: خرافات... ومعتقدات

u0623u0648u0631u0648u0628u064au0648 u0627u0644u0639u0635u0648u0631 u0627u0644u0648u0633u0637u0649 u0627u0639u062au0642u062fu0648u0627 u0623u0646 u0627u0644u0639u0637u0633u0629  u062au0639u0646u064a u0627u0642u062au0631u0627u0628 u062eu0631u0648u062c u0627u0644u0631u0648u062d u0645u0646 u0627u0644u062cu0633u062f!
أوروبيو العصور الوسطى اعتقدوا أن العطسة تعني اقتراب خروج الروح من الجسد!
تصغير
تكبير

تشير مخطوطات ونقوش أثرية إلى أنه خلال عصور الحضارة اليونانية القديمة سادت خرافة بين الإغريقيين جعلتهم يعتقدون بأن العطسة هي إشارة تنبؤية كانت ترسلها الآلهة اليهم في مواقف معينة! وعلى سبيل المثال، توضح مخطوطة تعود إلى العام 401 قبل الميلاد أن القائد العسكري الإغريقي زينوفون كان يلقي خطبة على مسامع جنوده لتحميسهم على القتال ضد جيش الفرس، وما أن أنهى خطبته حتى عطس أحد الجنود عطسة قوية، فتعالت صيحات الابتهاج بين بقية الجنود، وذلك لأنهم اعتبروا – وفقا لمعتقداتهم آنذاك – أن تلك كانت إشارة من آلهتهم لتبشيرهم بأنهم سينتصرون على الفرس.
وربما ظلت تلك الخرافة الإغريقية القديمة سارية عبر الأجيال والثقافات اليونانية المتعاقبة إلى يومنا هذا، ولكن طرأت عليها تحويرات. فمن المرجح أنها هي التي تقف وراء كون الريفيين اليونانيين الحاليين يعتقدون بأن العطسة المفاجئة خلال حواراتهم هي بمثابة إشارة تدل على أن المتحدث يكذب في ما يقول. فعندما يقول شخص لشخص ثان معلومة أو يسرد له واقعة ثم يعطس المستمع فجأة لدى سماعها، فإنهم يعتبرون أن تلك العطسة قد «فضحت» عدم صدق ما قاله المتحدث الذي يبادر عادة إلى القول لمستمعه: «فليباركك الرب، وسأقول لك الحقيقة»!
وفي أوروبا إبان حقبة العصور الوسطى، كانت هناك خرافة شائعة على نطاق واسع مؤداها أن حياة كل إنسان قد تخرج في أي لحظة مع هواء زفيره، وهو المعتقد الذي دفعهم آنذاك إلى إطلاق اسم «expire» على هواء الزفير، وهي الكلمة التي تعني في أصلها «انتهاء العمر» بما يعني «الموت». ولأن العطسة كانت تؤدي على نحو مفاجئ إلى إخراج كمية كبيرة من هواء الزفير دفعة واحدة، فقلد كان أوروبيو العصور الوسطى يعتقدون أن كل عطسة تعني اقتراب خروج روح المرء جدا من جسده – أي «انتهاء عمره»!


ويرى بعض المؤرخين واللغويين الغربيين ان عبارة «فليباركك الرب»، التي يقولها الأوروبيون حاليا للعاطس بلغاتهم المختلفة، ليس لها أصل في معتقدات الديانتين المسيحية واليهودية، وأنها ظهرت خلال تلك العصور الوسطى لأن الناس آنذاك كانوا يعتقدون أن نجاة الشخص من عطسته تعني أن حياة جديدة قد كُتبت له وأن تلك النجاة تستدعي أن يهنئوه ويدعوا له الرب بالبركة في «حياته الجديدة».
وامتدادا لثقافات شرق آسيوية كانت سائدة قديما في مناطق من بينها الصين وكوريا واليابان وفيتنام، ما زال بعض الناس هناك يعتقدون حتى يومنا هذا أن العطسة التي لا مسبب واضح لها تعني أن هنالك شخصا في مكان آخر يتحدث عن العاطس أو يفكر فيه في تلك اللحظة ذاتها. ووصل بهم ذلك المعتقد إلى حد أنهم يحددون ما إذا كان ذلك المتحدث الغائب يقول كلاما سيئا أو طيبا عن العاطس: ففي اعتقادهم أن عطسة واحدة تعني أنه يقول كلاما طيبا، بينما عطستان متتاليتان تعنيان أنه يقول كلاما سيئا، في حين أن 3 عطسات تعني أن المتحدث الغائب مغرم بالعاطس!
وفي الثقافات المتوارثة منذ قرون في مناطق متفرقة في الهند وبنغلاديش وإيران، ما زال السكان المحليين حتى الآن يشيع بينهم معتقد مفاده أن انطلاق عطسة من أحدهم بلا سبب واضح قبل البدء في تنفيذ أي عمل هو بمثابة نذير شؤم يشير إلى أن هناك عراقيل ستعوق ذلك العمل. كما يرى معتنقو ذلك المعتقد أن أفضل طريقة لتبديد ذلك الشؤم المرتقب هو أن يقوموا بشرب بعض الماء والانصراف لبعض الوقت من المكان ثم العودة لمباشرة العمل!
أما في مواريث الثقافة البولندية، خصوصا في المناطق الريفية الحدودية المنحدرة من قبائل ذات ماض وثني، فإن هناك معتقدا شعبيا ما زال ساريا يفسر العطسة باعتبارها علامة واضحة تعني أن حماة العاطس أو العاطسة تتحدث عنه أو عنها بسوء الآن. ويسود المعتقد ذاته بين ريفيو مجتمعات مشابهة الجذور في دول عدة حول العالم، بما في ذلك المكسيك وإيطاليا وأيرلندا.
أما الثقافات ذات المراجع الإسلامية، فإن معتقدها وممارساتها المتعلقة بالعطس تستند بشكل أساسي إلى أحاديث وسيرة النبي (محمد صلى الله عليه وسلم)، وإن اختلطت في بعض الحالات مع مواريث ثقافات فولكلورية محلية.
فلقد ورد في صحيح البخاري الحديث التالي عن تشميت العاطس: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله، وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله، فإذا قال له: يرحمك الله، فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم». وجاء عن العطاس في كتاب «الأذكار» لمؤلفه الإمام النووي: «السُّنة إذا جاء المرء العطاس أن يضع يده أو ثوبه أو نحو ذلك على فمه، وأن يخفض صوته». وفي كتابه «الروح»، كتب الفقيه اابن القيّم الجوزي: عطس آدم عندما نفخ الله فيه من روحه، فقالت له الملائكة: قل «الحمد الله»، فحمد، فقال الله: «يرحمك الرب».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي