تواصل الاحتجاجات المعارضة والتظاهرات المؤيدة للنظام
أزمة إيران على طاولة مجلس الأمن وموسكو تندّد بالتدخل الأميركي... «غير اللائق»



واشنطن
تهدد بمحاسبة
المسؤولين الإيرانيين المتورطين في العنف
ضد المتظاهرين
طهران:
مسؤول «سي آي اي» مايكل داندريا... المهندس الرئيسي للاضطرابات
عواصم - وكالات - فيما تواصلت الاحتجاجات في إيران، لكن بشكل محدود، لليوم التاسع على التوالي، رغم التضييق والقمع، خرجت تظاهرات جديدة، أمس، لليوم الثالث في طهران، تأييداً للنظام، قبل ساعات من عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً، بناء على طلب أميركي، اعتبرته روسيا «تدخلاً» في شؤون إيران الداخلية.
وخرجت مسيرات ضد الحكومة والنظام في مدن عدة، أمس، تحت شعار «جمعة الغضب لدماء الشهداء» تندد بالقتلى الذين سقطوا برصاص الأمن خلال التظاهرات، وتؤكد المعارضة أن عددهم بلغ 50 شخصاً، رغم أن السلطات أعلنت عن سقوط 21 قتيلاً فقط.
ودعا ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي لاستمرار المسيرات عقب ساعات من صلاة الجمعة، لمنع حصول التداخل مع المسيرات المؤيدة للنظام التي خرج فيها طلبة الحوزات الدينية ومنتسبي ميليشيات «الباسيج» و«الحرس الثوري».
وذكر تقرير لقناة «العربية» الفضائية أن الطرق المؤدية إلى تبريز (مركز محافظة أذربيجان) من أردبيل وأرومية وخوي تم إغلاقها بنشر حواجز نقاط التفتيش.
ورغم أن السلطات أعلنت انتهاء الاحتجاجات، إلا أن تظاهرات ما زالت تخرج في بعض المدن والمناطق ليلاً، رغم التضييق والقمع والتشديد الأمني.
وقال سكان اتصلت بهم وكالة «رويترز» في مدن مختلفة إن الاحتجاجات بدأت تنحسر منذ أول من أمس، بعد أن كثفت المؤسسة الحاكمة قمع الاحتجاجات بإرسال قوات «الحرس الثوري» إلى أقاليم عدة.
في المقابل، واصل النظام حشد مؤيديه لليوم الثالث على التوالي، إذ خرجت أمس تظاهرات مؤيدة له، بعد صلاة الجمعة، في محافظة طهران والعديد من المدن وخصوصاً في تبريز (شمال غرب) وكرمان (جنوب) للتنديد بـ«مثيري الفتنة»، حسب الصور التي عرضها التلفزيون الرسمي.
وكانت تظاهرات مماثلة نظمت يومي الاربعاء والخميس الماضيين في المحافظات رداً على الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة منذ العام 2009 والتي بدأت في 28 ديسمبر الماضي بمدينة مشهد ثاني مدن البلاد، للمطالبة بتحسين الظروف الاقتصادية. وامتدت هذه الحركة حتى شملت مجمل البلاد وشهدت رفع شعارات سياسية أحياناً وأعمال عنف.
وقتل 21 شخصاً واعتقل المئات خلال الاضطرابات التي كانت محدودة نسبياً في العاصمة، وشهدت هجمات على مبان حكومية ومراكز للشرطة.
وطلبت الشرطة من السكان «ارسال صور وتسجيلات لاي اعمال معادية للامن»، حسب وسائل الاعلام. وفي الايام الاخيرة، نشرت السلطات صورا لمتظاهرين طالبة من السكان المساعدة في التعرف عليهم.
ورغم أن النخب السياسية رصت صفوفها إزاء التحركات التي تعرضت لانتقادات حتى من قبل إصلاحيين، لكن كثيرين طالبوا الرئيس حسن روحاني بالعمل على معالجة القضايا الاقتصادية التي كانت وراء التظاهرات الاولى، ويعمل مجلس الشورى على إلغاء اجراءات في الموازنة لا تلقى شعبية تم اعلانها الشهر الماضي وكانت ستؤدي الى زيادة اضافية للاسعار.
وأعلن عضو رئاسة مجلس الشورى غلام رضا غارمسار ان «كلفة الكهرباء والماء والغاز لن تزداد بعد الآن»، في حين اتهم المدعي العام محمد جعفر منتظري الولايات المتحدة واسرائيل مجدداً بالوقوف وراء أعمال العنف.
وقال في تصريحات لوكالة «ايسنا»، أمس، ان «مشروع زعزعة الاستقرار واثارة الاضطرابات في ايران بدأ قبل أربعة أعوام... المهندس الرئيسي هو مسؤول (سي آي اي) المكلف الشؤون الايرانية مايكل داندريا».
من جهته، طالب خطيب الجمعة في طهران أحمد خاتمي السلطات بالتعامل «بصرامة» مع المسؤولين عن تأجيج الاحتجاجات، «لكن الإيرانيين العاديين الذين خدعهم مثيرو الشغب المدعومون من أميركا يجب التعامل معهم بروح التسامح الإسلامي»، على حد قوله.
وقبيل انعقاده قرابة منتصف ليل أمس، بتوقيت الكويت، أكدت موسكو أن اجتماع مجلس الأمن الدولي بشأن التظاهرات في ايران، الذي دعت إليه الولايات المتحدة، يشكل تدخلاً من قبل واشنطن في شؤون إيران، وطلبت عقد مشاورات مغلقة قبله، وفقاً لما أفاد ديبلوماسيون.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف إن «الولايات المتحدة تواصل التدخل في الخفاء والعلن بالشؤون الداخلية لدول أخرى، يفعلون ذلك من دون أي خجل».
وأضاف «من هذا المنطلق نحكم على المبادرة الأميركية لعقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي حول وضع محض وطني في ايران»، متهماً واشنطن بـ«مهاجمة سيادة دول أخرى مباشرة بحجة أنها قلقة على الديموقراطية وحقوق الانسان».
ورأى أن تصريحات طهران عن تأثيرات خارجية أججت الاحتجاجات ليست بلا أساس، متهماً الولايات المتحدة باستخدام كل الطرق الممكنة لزعزعة استقرار الحكومات التي تشعر باستياء نحوها.
واعتبر ريابكوف أن واشنطن تبحث عن ذريعة لتشديد الضغط على طهران، قائلاً «إذا كانوا يبحثون عن ذريعة لتشديد الضغط على إيران لأسباب لا علاقة لها بالاتفاق النووي، والأمر كذلك حسب ما نلاحظه، فإن ذلك تصرف غير لائق، لا يتفق مع وضع الدولة العظمى. إنها وسيلة للاستفادة من نيران الأزمة التي يؤججونها هم أنفسهم، ومن دون أي أساس».
وكانت السفيرة الاميركية في الامم المتحدة نيكي هايلي طلبت الثلاثاء الماضي عقد «اجتماعين طارئين لمجلس الأمن في نيويورك ومجلس حقوق الانسان في جنيف» لبحث التطورات في ايران و«الحرية» التي يطالب بها الشعب الايراني.
ومساء أول من أمس، أكدت واشنطن عزمها على محاسبة المسؤولين الايرانيين عن اعتقال أو مقتل متظاهرين خلال قمع الاحتجاجات المناهضة للحكومة، مؤكدة أن هؤلاء «لن يتم نسيانهم».
وقالت الناطقة باسم الخارجية الاميركية هيذر ناورت «ندين بأشد العبارات سقوط قتلى وتوقيف ألف ايراني على الاقل»، مضيفة «لدينا سلطات واسعة لمحاسبة الذين يمارسون العنف ضد متظاهرين ويساهمون في الرقابة او يسرقون من شعب ايران. ونقول لضحايا النظام: لن يتم نسيانكم».
وتابعت ناورت «ندعم هذه التطلعات المشروعة لدى الشعب الايراني وندعو الحكومة إلى إتاحة حرية تبادل الافكار والمعلومات. وينبغي لنا جميعاً أن نتمتع بالحريات الاقتصادية والسياسية الأساسية عينها، بما في ذلك الحق في التظاهر السلمي».
من جهته، اعتبر وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أن إيران فشلت في إزالة غضب الشعب الإيراني، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن الولايات المتحدة ليست لديها مشكلة مع الشعب الإيراني.
وقال في تصريحات أوردتها قناة «سكاي نيوز»، أمس، إن مشكلة بلاده هي مع النظام الإيراني الديكتاتوري، معتبراً أن قسماً كبيراً من الشعب الإيراني لديه مشكلة مع هذا النظام أيضاً.
هايلي تحذّر من استنساخ النموذج السوري في إيران
نيويورك (الولايات المتحدة) - ا ف ب - حذرت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي من إمكانية تحول الاحتجاجات في إيران إلى نزاع شبيه بما حصل في سورية.
وقالت هايلي في بيان، صدر في وقت متقدم ليل أول من أمس، «شهد العالم الفظائع التي حصلت في سورية، والتي بدأت بنظام قاتل يحرم شعبه من حق التظاهر بشكل سلمي»، مضيفة «علينا ألا نسمح بحدوث ذلك في ايران».
وفي إطار تبريرها سبب مطالبة واشنطن بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن، أكدت هايلي أن «هذه مسألة تتعلق بحقوق الإنسان الأساسية للشعب الايراني وهي أيضاً مسألة مرتبطة بالسلم والأمن الدوليين».
واعتبرت أنه «سيكون من المفاجئ أن تحاول أي دولة حرمان مجلس الأمن من اجراء هذا النقاش كما يحاول النظام الايراني حرمان شعبه من إمكانية ايصال صوته».