خلال معرض استعادي أقيم في قاعة «الفنون»
عبد الله القصار في أعماله... تجارب سوريالية مفعمة بالرمز


تتضمن أعمال الفنان الراحل عبد الله القصار رؤى رائدة في مجال التشكيل الكويتي، بفضل ما تتسم به موضوعاته من دهشة، وقدرة على تصريف الرمز في أشكال شتى، إلى جانب ما كان يعتمده من لغة سوريالية، ذات أبعاد حضارية وتراثية وإنسانية.
هكذا جاءت الرؤية في معرضه الاستعادي، الذي أقامه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في قاعة الفنون في ضاحية عبد الله السالم، وتضمن الكثير من أعماله التي امتاز بها، ورصد من خلالها جوانب حياتية شتى في أسلوب رمزي متقن... كما احتوى المعرض على هامشه يعض مقتنيات الفنان الراحل وصوره في مراحل عمرية مختلفة.
وأقيم المعرض عرفانا بدور القصار الرائد في الساحة التشكيلية الكويتية والعربية، وما ساهم به خلال رحلته الطويلة مع الفنون التشكيلية، إلى جانب دوره في المساهمة مع جيله من الرواد في تأسيس الكثير من المؤسسات التي تعني بالتشكيل، ونتيجة لما حظي به أسلوبه من تميز ساعده على أن يكون من الفنانين الذين لا تزال بصماتهم حاضرة رغم مرور سنوات على رحيله عن عالمنا.
والمتأمل لأعمال القصار المعروضة سيلاحظ اهتمامه الكبير بمسألة الرمز، وما يتضمنه من مدلولات حسية ذات أبعاد إنسانية متنوعة، إلى جانب قدرته على التحليق بفكرته إلى أبعد ما يكون الخيال، ومن ثم الهبوط بها إلى مستويات جذابة من العمق في الطرح والتماهي في التفسير.
فيما ظلت الرؤى منجذبة بشدة إلى الحضارات الإنسانية المختلفة خصوصا في الأقصر المصرية التي قضى الفنان فيها ردحا من عمره متأملا أحوالها وتجلياتها، راصدا بعض تفاصيلها، وما تحتويه من جمال، إلى جانب البيئة الكويتية التي استخلص منها الفنان تجاربه التشكيلية في إطارات فنية مختلفة.
ورصدت ريشة الفنان- فيما رصدت- أفكارا وتداعيات إنسانية شتى، جاءت سابقة لعصرها، ومعبرة عن الكثير من المضامين تلك التي أراد الفنان إبرازها للمتلقي، ومن ثم فقد أضحت أيقونة فنية متناغمة مع أي عصر تحل فيه، ومتناسقة مع اللغة التشكيلية الحداثية، التي تتخذ من السوريالية لغة، ومن معمارية التشكيل أسلوبا ومن الحياة بكل ما يحفل بها من أحداث هدفا وفي الوقت نفسه غاية.
فهذا المعرض الاستعادي ظهر فيما يشبه البانوراما الحياتية، التي تتصارع فيها الأفكار وتتداخل الرموز في أيقونات فنية، متسارعة في بعض الأحيان وهادئة في أحيان أخرى، وذلك وفق منظومة فنية متواصلة مع ذائقة المتلقي بأكبر قدر من التكثيف والإيحاء، وبتناغم فني جذاب ومفعم بالحيوية.
والقصار من الفنانين الرواد في الساحة التشكيلية الكويتية، من خلال ما قدمه من أعمال فنية، اتسمت بالتجديد والجنوح نحو الخيال، كما أنه رصد العديد من الحضارات الإنسانية في بلدان مختلفة، خصوصا في الأقصر المصرية التي عاش فيها فترة طويلة من الزمن، راصدا فيها ملامح حضارتها، ومشاغل وحياة الفلاحين البسطاء فيها، كما أنه قدم في أعمال كثيرة البيئة الكويتية من منظور مختلف وغير مطروق، كما حصل على العديد من الجوائز منها جائزة الدولة التشجيعية في الكويت.