آخر العروض ضِمن فعاليات «الكويت المسرحي 18»
«الرحمة»... رجل يصارع ليعيش في سلام!






رجل يصارع في معركة غير متكافئة ضد واقعه وذاكرته، يتطلع إلى العيش في سكينة!
هذه هي «تيمة» العرض الأخير ضمن أنشطة الدورة الثامنة عشرة لمهرجان الكويت المسرحي، والذي قدمته فرقة المسرح الكويتي، على خشبة مسرح «الدسمة»، وحمل عنوان «الرحمة» من تأليف عبدالأمير شمخي، وإخراج الدكتور مبارك المزعل، أما تجسيد الشخصيات فتولى مسؤوليته الفنانون سماح وعلي الحسيني وإبراهيم الشيخلي وسعود بوعبيد ومعدي القصاب، ومساعد المخرج موسى بهمن، والتدقيق اللغوي لخالد المفيدي، والسينوغرافيا لفيصل العبيد، والموسيقى لخميس الخميس، والأزياء لفهد المذن، والإضاءة لعبدالله النصار.
تتمحور أحداث المسرحية حول رجل محب للسلام، لكنه لا يعرف طريقاً للسعادة، وليست لديه قدرة على مواجهة الدنيا، حتى وقع في أسر السُّكْر، وإن كان عقله ظل أفضل من الأصحاء، يحاول الهرب من الواقع لكن هذا الأخير يلاحقه. الرجل الذي جسد دوره علي الحسيني، تحتفظ ذاكرته بمواقف صعبة لا ينساها، ويتألم لذكريات رحيل زوجته، التي جسدتها سماح، كما قدمت أيضاً دور ضمير ابنته التي ماتت في أحشاء والدتها، ويقع الرجل أمام هذه الضغوط وصراعه معها في فخ الخيال، حيث يعيش مع ظلال شخصيات، وليس مع أشخاص حقيقيين في الواقع.
السينوغرافيا لعبت دوراً كبيراً في «الرحمة» بجانب رؤية المخرج الأكاديمي مبارك المزعل، فقد مزجت السينوغرافيا بين الإبهار، وكذلك تناسبت الأزياء مع الشخصيات، وكانت معبرة عن الفكرة، وكذلك المؤثرات الموسيقية والإضاءة كانتا دائماً في مكانهما المطلوب، وأجاد الممثلون تأدية أدوارهم، بصورة جديدة ومتطورة.
الندوة النقاشية
بعد العرض عُقدت الندوة النقاشية، وكان المعقب هو الدكتور طارق جمال ومدير الندوة مازن القرضاوي، بحضور المخرج المزعل والكاتب الشمخي. استهل جمال تعقيبه بالقول: «نحن أمام عرض فلسفي نعيشه في وطننا العربي، من خلال ذاكرة إنسان، وتفاعله مع مجموعة من الظلال، والمَخرج تمثل في تجارب ومنها اللا فعل، وتجربة لا فعل وتمر حوله الأحداث والمواقف وهو عاجز عن تغيير الماضي والمستقبل هو ما طرحه الكاتب، وهذا ما يحياه الانسان العربي، وبطل المسرحية لامبالٍ وحزين، والنهاية مفجعة، والرجل ينتظر الآخر ليخلصه من آلامه، ولم يظهر إلا الظلال»، مردفاً «أن المخرج استخدم مجموعة من الأدوات، كما كانت السينوغرافيا رائعة، وكذلك الإضاءة، وأُشيد بالحرفية في مشهد السفينة والغرق، وصورة الطفلة والأم»، متابعاً: «لكني اختلف في أن غرفة الرجل مظلمة والنص عبثي إلا أنه يأتي في إطار تعبيري، والموسيقى بها حس، والعمل متماسك ومتناغم يحمل هدفاً ورسالة، وأحيي فريق العمل».
من ناحيته، قال الدكتور سيد علي إسماعيل: «واضح أن سماح تنافس سماح، وإبراهيم الشيخلي معه الأمور ضبطت العرض، وهذه الدورة متميزة بعنصري الإضاءة والسينوغرافيا»، بينما عبّر الناقد محمد عبدالرسول بقوله «إن هذا العرض استفزني، ورأينا دراما بنوع جديد، وخاصة السينوغرافيا، فالبطل اليوم هو الفرجة البصرية»، كما أثنى الفنان البحريني عبدالله ملك على العرض، قائلاً إنه انشغل بالفرجة أكثر من التمثيل، وكذلك فعلت الدكتورة رانيا فتح الله، مثنية على الفرقة والكاتب، مفتخرةً بأن مخرج العرض تلميذها في الماجستير والدكتوراه، وكذلك مصمم السينوغرافيا فيصل العبيد تلميذها أيضاً. وبدوره امتدح الفنان عبدالعزيز الحداد «المسرحية التي امتزجت فيها ثقافة المؤلف بعناصر المسرح فكانت المحصلة عرضاً يحترم عقل المشاهد».
من ناحيته شكر الكاتب عبدالأمير الشمخي الحضور والمجلس الوطني، مثمناً الآراء، مضيفاً أنه لم يتحدث عن البعد الاجتماعي، بل التقط نماذج كي يقدم فكراً، ومعرباً عن سعادته بوجود نصه على المسرح الكويتي.
أما مخرج العرض مبارك المزعل، فشكر الحضور وملاحظاتهم، وكذلك الفرقة وفريق العمل، وفي لفتة رائعة أثنى على تأثير فيصل العبيد بوصفه مخرجاً سينوغرافياً، وليس مجرد مصمم للسينوغرافيا.