القدس قضية... ولكن مع الأسف المحامي فاشل لأنه مشتت ولا يملك أي مشروع واضح ومحدد. والكل يدعي ويزعم بأن الحق معه من الكتل والفصائل المختلفة. بينما الطرف الآخر، الكيان الصهيوني، منظم ويعرف ماذا يريد بالضبط، ويستخدم لوبيات الضغط في أميركا والدول الأوروبية بكل احتراف ومهنية. وأكبر دليل ما فعله ترامب وهو ينفذ القرارات والوعود الانتخابية، وإذا كنّا جادين فيجب أن نتعامل مع القدس كقضية حقوقية ونجلب لها أمهر المحامين.
وليس المطلوب أن أقول ان القدس عربية، لأنه كيف يتحدث الفلسطيني عن بيته وداره وشجرة الزيتون، التي هي أقدم من الكيان الغاصب نفسه، وهذه يشهد به الجميع العدو قبل الصديق. ولكننا لم نتعامل مع القدس كقضية وإنما عواطف وردود أفعال، وفِي بعض الأحيان يتم التنازل عن بعض الحقوق، وعندما تتنازل عن مقدساتك من تحت الطاولة من أجل مصالح شخصية صرفة، فأنت الخاسر الأكبر ولا أحد آخر.
قرار ترامب تجاه القدس ينسف دور أميركا في عملية السلام والمفاوضات والتسوية، والقرار يجعلها دولة منحازة تماما لإسرائيل، وسيهز ثقة العالم بأميركا، وهذا من شأنه أن يؤثر على المصالح الأميركية خصوصاً في المنطقة العربية. وأظن أن الولايات المتحدة ستتراجع عن هذا القرار أو تؤجله نتيجة صعوبة تنفيذه على الواقع.
يقول الكاتب نيكولاس بلينكو إن نقل السفارة الأميركية للقدس، من شأنه أن يعرقل الآمال في تحقيق السلام بالاعتراف باحتلال إسرائيل العسكري العدواني الذي يقسم ويسلب سكانها حقوقهم.
وأما الكاتب الروسي بيوتر أكوبوف، فيقول: «لا توجد دولة في العالم تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل. والحقيقة، أن الجزء الشرقي من هذه المدينة استولت عليه الدولة العبرية خلال حرب1967، وضمته بشكل غير قانوني إلى الجزء الغربي الذي كان جزءا منها منذ تأسيسها في العام 1948. إن مسألة وضع القدس هي العقبة الرئيسية على الطريق، ليس فقط إلى التسوية الفلسطينية - الإسرائيلية، إنما إلى التسوية العربية - الإسرائيلية».
ووصف الرئيس التركي أردوغان إسرائيل بأنها «دولة ارهابية تقتل الأطفال» وأنه «سيناضل بكل السبل ضد اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة للدولة العبرية». وقال إن «فلسطين ضحية بريئة أما إسرائيل فهي دولة ارهابية، ولن ندع القدس تحت رحمة دولة تقتل الأطفال».
ومن نافلة القول ان قضية القدس اليوم لا تحتاج إلى عواطف وأقوال وإنما إلى أفعال، وتوحيد الصفوف، والعمل المنظم، والبعد عن المصالح الشخصية الآنية في سبيل المصلحة الكبرى. ومن محاسن الأحداث أن ما حصل أيقظ الشعوب من جديد وبعث فيهم روح الأمل... وكما يقال الآلام ما هي إلا مخاض الآمال.
akandary@gmail.com