د. حنان المطوع / يا مرحبا / ليست مزحة... مطلوب إنشاء حديقة لـ «البعارين»!

تصغير
تكبير
لا يستطيع أي منصف أن ينكر الجهود الكبيرة التي تقوم بها «الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية» من زيادة المساحات الخضراء في كويتنا الحبيبة. وكون الكويت دولة نفطية، مما يتسبب عن ذلك زيادة في نسبة التلوث التي أصبحت تهدد حياة المواطن، وتسبب له أمراضاً تنفق عليها الدولة الكثير من الأموال، فإن الدولة مطالبة بزيادة المساحات الخضراء بنسبة تتناسب مع زيادة التلوث، الذي أصبح كابوساً يعاني منه الكثير بسبب السلوك الخاطئ في تعاملنا مع البيئة.
خطط الدولة في زيادة الرقعة الخضراء ليست بحجم مشكلة التلوث، فالعوادم الناتجة من حقول النفط والسيارات، وغيرهما من الملوثات الأخرى كبيرة مهما اتخذ القطاع النفطي من احتياطات خاصة بالصحة، وسلامة البيئة.
مطلوب تضافر الجهود كافة مع الدولة لتخضير أكبر مساحة في كويتنا، وبالأخص الأماكن السكنية، والتي يطالب بها دائماً أعضاء مجلس الأمة.
لقد أسعدني كثيراً ما عرفته عن تحويل الساحة المقابلة لجوازات حولي إلى حديقة عامة، وتلك خطوة جيدة تحسب لأصحاب القرار، وأتمنى أن تعمم الفكرة في كثير من الأماكن، خاصة المنطقة العاشرة التي تقع بالقرب من حقول النفط، والمناطق التي يطلق عليها «الخارجية»، مع مراعاة أن تضم هذه الحدائق منتزهات وأماكن لألعاب الأطفال لا تصدر أي نوع من أنواع التلوث.
أتساءل: لماذا لا تفتح الدولة المجال للقطاع الخاص للاستثمار في عمل تلك المشروعات، كما هو الحال في مجال الصحة، والتعليم؟ أعتقد أن مشاركة القطاع الخاص سيحدث نوعاً من التسابق والمنافسة الشريفة لتقديم أفضل وأجمل المشروعات التي ستعود على البيئة والمواطن بكل نفع. ولا تقتصر المشروعات على «شركة المجمعات السياحية»، و«شركة مجمعات الأسواق»، مع تقديم تسهيلات من جانب الدولة لمن يريد الاستثمار في هذا المجال لتشجيع القطاع الخاص في تخضير وتجميل بلدنا الكويت.
هناك دول متقدمة كثيرة تعتمد هذا النظام وتتيح المجال للقطاع الخاص للاستثمار... كما أنها في الوقت نفسه تهتم بالحدائق العامة المجانية، وقد شاهدت مثل هذه الحدائق الرائعة خلال رحلاتي لتلك الدول مثل حديقة «دانس ذا مينس» في ولاية كاليفورنيا الأميركية، فيها الكثير من الألعاب غير الكهربائية للأطفال، وفيها مستوى عال من النظافة في مرافقها كافة، أيضاً في بريطانيا توجد حدائق كثيرة ومنها حديقة الأغنام «ذا شيب فارم» الدخول إليها برسوم بسيطة، لكن فيها نظام غير عادي، فهناك موعد معين ليقوم الزوار بإرضاع الحملان الصغار، وموعد لقص شعر الخرفان الكبار، وموعد لرؤية المتخصصين في كيفية حياكة أصواف الأغنام، وموعد لمشاهدة قطيع الغنم تحيط به كلاب الحراسة التي تقوم بجمع القطيع عند سماع صفارة راعي الأغنام، وهكذا، حيث يستمتع الزوار استمتاعاً كبيراً بزيارة هذه الحديقة، التي تنتهي بالتجول في المحلات التابعة للحديقة والتي تتخصص في بيع منتجات الأغنام وما شابه. أيضاً يوجد في جنوب بريطانيا حديقة مشابهة للأبقار، على غرار حديقة الأغنام وهى ممتعة كذلك، بالإضافة لوجود حديقة للأطفال يتعرف فيها الزوار على المعدات العسكرية من دبابات، وطائرات، وأسلحة مختلفة، وملابس الجنود وغيرها. ولكم أن تتخيلوا كم المتعة التي يحظى بها الأطفال منذ دخول هذه الحديقة التي تعتبر كحلم بالنسبة لهم تخلد في ذاكرتهم مدى الحياة، كما تضيف إليهم الكثير من المعلومات وتحببهم في العسكرية.
وإذا ذهبنا إلى أفريقيا نجد الحدائق المتخصصة مثل حديقة التماسيح في كينيا، وحديقة الفراشات والنحل وحديقة البهارات في تنزانيا، وكلها حدائق تعليمية وشيقة للصغار والكبار على حد سواء. فأنت تشاهد في حديقة البهارات أشجار ورق الغار، والمسمار، والهيل، والكركم، والدارسين، والكاكاو، وغيرها، على الطبيعة، وتستمتع بالتعرف على هذه البهارات التي تشاهدها قبل الطبخ فقط، ولا تعرف مراحل نموها وهي في الطبيعة.
لماذا لا نقيم في الكويت حدائق مماثلة فلدينا بعد التحرير الكثير من الدبابات المعطوبة والطائرات التي لم تعد تعمل، وأسلحة استخدمت وقت الغزو الغاشم، والتي يمكن استخدامها في عمل بانوراما متكاملة عن غزو الكويت وتحريرها لتعرّف النشء بتاريخ بلده، وكيف تم تحرير أرضنا من الغزاة، لماذا لا تُقام حديقة مستلهمة من تاريخنا وتراثنا كحديقة لـ «البعارين»، على غرار حديقة الأغنام وحديقة الأبقار في بريطانيا، فيشاهد الزائر أنواعاً مختلفة من «البعارين» في أعمار مختلفة، ويأكل من منتجاتها من ألبان ولحوم، كما يتعرف على الصناعات المصاحبة لتربيتها، ويشاهد سباقات الأبل، وغيرها من الأنشطة. أليست هذه أفكاراً لمشروعات جاذبة للسياحة في الكويت التي كانت يوماً ما تسعى لتكون دولة سياحية، وأقامت مهرجان هلا فبراير، وكادت أن تسمى وزارة للسياحة.
ما نراه يحدث في الكويت العكس تماماً، فحديقة كحديقة الحزام الأخضر، التي سميت فيما بعد بحديقة «الشهيد» كانت ذات مساحة أكبر، وعامرة بالأنشطة المختلفة، وتقدم فيها الفرق الشعبية حفلات أسبوعية، وكان الناس يتهافتون على زيارتها. وأما الآن فقد هجرها الناس، وبدت كحديقة أشباح يخشى الزوار زيارتها. فهل يعود بنا التاريخ لما يقارب 35 عاماً لنرى ازدهاراً لمثل هذه الحدائق التي تنعش البدن، وتريح النفس، وتجمل كويتنا الحبيبة؟
د. حنان المطوع
كاتبة كويتية
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي